مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 27

آمن الرسول
27
ه وإن مات
ّ
ن، فإن
ّ
ي
َّ
العقاب ولا سيما الحسي
اسة مشعرة
ّ
الروح حية باقية حس
ّ
أن
ّ
البدن إلا
عتقد الصحيح
ُ
ات والآلام، والم
ّ
اللذ
ّ
تحس
هو بقاء الأرواح، والأحاديث الواردة فيه
ة متواترة في هذا
ّ
من طرق المسلمين عام
المضمون، فالإنسان بموته ينتقل إلى
تلك النشأة المتوسطة بين النشأتين التي
تدعى بـ(البرزخ) ويكون على تلك الحال
(عذاب البرزخ
ّ
حتى قيام الساعة، لذا فإن
ا
ً
ا وخلف
ً
ة سلف
ّ
م
ُ
فقت عليه الا
ّ
ا ات
ّ
وثوابه مم
وقال به أكثر أهل الملل، ولم ينكره من
شرذمة قليلة لا عبرة بهم،
ّ
المسلمين إ
ا
ً
وقد انعقد الإجماع على خلافهم سابق
ها
ّ
ة والإجماع؛ كل
ّ
، فالكتاب والسن
)2(
ا)
ً
ولاحق
ة على عالم البرزخ، والبرزخ في اللغة:
ّ
دال
هو الحاجز بين الشيئين كما ذكر الراغب
: أن
)3(
الاصفهاني (ت205هـ) في المفردات
بين الشيئين،
ّ
البرزخ هو الحاجز والحد
) ِ
ان
َ
ي
ِ
غ
ْ
ب
َ
ي
َ
ل
ٌ
خ
َ
ز
ْ
ر
َ
ا ب
َ
م
ُ
ه
َ
ن
ْ
ي
َ
ومنه قوله تعالى:
(الرحمن:02)، والبرزخ: ما بين الدنيا
والآخرة، من وقت الموت إلى البعث، فمن
.
)4(
مات فقد دخل البرزخ
ي في البرزخ
ّ
الترهيب الحس
عذب عند استلال
ُ
إن الانسان الكافر ي
روحه، لتكون مقدمة لعذاب القبر، وهو
المنزل الأول في دار الآخرة، فالترهيب
ر عنه القرآن
َّ
ب
َ
ي الحاصل في القبر ع
ّ
الحس
الكريم بـ(المعيشة الضنك) التي يتوعد الله
عزوجل بها من أعرض عن ذكره، كما في
ُ
ه
َ
ل
َّ
ن
ِ
إ
َ
ي ف
ِ
ر
ْ
ك
ِ
ذ
ْ
ن
َ
ع
َ
ض
َ
ر
ْ
ع
َ
أ
ْ
ن
َ
م
َ
قوله تعالى:
ى)
َ
م
ْ
ع
َ
أ
ِ
ة
َ
ام
َ
ي
ِ
ق
ْ
ال
َ
م
ْ
و
َ
ي
ُ
ه
ُ
ر
ُ
ش
ْ
ح
َ
ن
َ
ا و
ً
ك
ْ
ن
َ
ض
ً
ة
َ
يش
ِ
ع
َ
م
سرت بعذاب القبر، عن
ُ
(طه: 421)، فقد ف
ا، وأنه يضيق
ً
أبي سعيد الخدري مرفوع
عليه قبره، ويحصر فيه ويعذب، جزاء
لإعراضه عن ذكر ربه، وهذه إحدى الآيات
، والضنك عذاب
)5(
الدالة على عذاب القبر
على
ً
القبر وشقاء الحياة البرزخية، بناء
ا من المعرضين عن ذكر الله ربما
ً
أن كثير
نالوا من المعيشة أوسعها وألقت إليهم أمور
الدنيا بأزمتها فهم في عيشة وسيعة سعيدة،
فعذاب القبر من مصاديق المعيشة الضنك
ا)
ً
ك
ْ
ن
َ
ض
ً
ة
َ
يش
ِ
ع
َ
م
ُ
ه
َ
ل
َّ
ن
ِ
إ
َ
بناء على كون قوله:
ا لبيان حالهم في الدنيا، وقوله:
ً
متعرض
لبيان حالهم
ى)
َ
م
ْ
ع
َ
أ
ِ
ة
َ
ام
َ
ي
ِ
ق
ْ
ال
َ
م
ْ
و
َ
ي
ُ
ه
ُ
ر
ُ
ش
ْ
ح
َ
ن
َ
.
)6(
في الآخرة والبرزخ من أذناب الدنيا
عذاب القبر
،
A
كماوردعنأميرالمؤمنينالإمامعلي
ما جاء به القرآن
ً
نا
ّ
بي
ُ
بعض تفاصيل القبر م
الكريم، وما ذكره لما يجري من ترغيب
وترهيب حسي، كاتساع القبر حتى يكون
روضة من رياض الجنة، أو ضيقه وظلمته
الموحشة، ليكون حفرة من حفر النار،
التي تكون المعيشة فيها معيشة ضنكا،
وكيفية تعامل الأرض مع الإنسان إن كان
ا، فنجد فيما كتب أمير
ً
ا أو كافر
ً
مؤمن
لمحمد بن أبي بكر: (يا عباد
A
المؤمنين
الله ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من
القبر
الموت،
فاحذروا ضيقه
وضنكه وظلمته
وغربته، إن القبر
يقول كل يوم: أنا
بيت الغربة، أنا
بيت التراب، أنا
الوحشة،
بيت
أنا بيت الدود
والهوام، والقبر
روضة من رياض
الترهيب الحسي في البرزخ
1...,28,29,30,31,32,33,34,35,36,37 17,18,19,20,21,22,23,24,25,26,...148
Powered by FlippingBook