مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 33

آمن الرسول
33
تعالى وعن عبادة ذاته المقدسة ومن دون
معرفة الحق سبحانه وعبوديته، لا يمكن
لأحد من عباده أن يبلغ المقامات الكمالية
والمدارج الأخروية، كما هو ثابت ومبرهن
عليه عند علماء الآخرة في محله، ولكن
العامة غافلون عن ذلك ويحسبون المدارج
ا أو شبيهة بالجزاف، وقد
ً
الأخروية جزاف
فتح باب من الرحمة الواسعة والرعاية
بالعباد عن طريق تعليمات الوحي الغيبية
والإلهام وبوساطة الملائكة والأنبياء وهو
باب العبادة والمعرفة فعلم العباد طرق
إلى المعارف لكي
ً
عبادته، وفتح لهم سبي
يخففوا من نقائصهم قدر الإمكان ويسعوا
لنيل الكمالات الممكنة ويهتدوا بأشعة نور
العبودية للوصول إلى عالم كرامة الحق
وإلى الروح والريحان وجنات النعيم بل إلى
رضوان الله الأكبر.
ا، ففتح باب العبادة والعبودية من
ً
إذ
النعم الكبرى التي تدين لها الكائنات كافة
دون أن تستطيع الوفاء بحق الشكر، بل إن
كل شكر هو فتح باب كرامة لا تقدر على
.
)4(
ا)
ً
شكره أيض
الإنسان المومن إذا عرف نعمة الله عليه
فهو يشعر بالخوف والتقصير، لأنه حتى لو
جاء بعبادة الثقلين يشعر بأنه لم يؤد حق الله
تعالى، لأنه هو المنعم.
وحتى الإنسان الزاهد فإنه يزهد من
أجل الآخرة والحصول على النعيم الأبدي
فلابد للإنسان من الخوف من أن تكون
عبادته وصلاته وصومه فيها نقص وعوز
ولا يتبجح بعبادته، وأنه سوف يحصل على
الجنة فيقع في العجب أو الرياء أو استكثار
ِ
ن
َ
م
ِ
ب
ُ
م
َ
ل
ْ
ع
َ
أ
َ
و
ُ
ه
ْ
م
ُ
ك
َ
س
ُ
ف
ْ
ن
َ
وا أ
ُّ
ك
َ
ز
ُ
ت
َ
َ
العمل،
(النجم:23).
ى)
َ
ق
َّ
ات
فالإنسان المؤمن لابد أن يكون في
أن يطمئن بعاقبته وهذا
ّ
خوف مستمر إ
في اللحظة التي ينزل عليه
ّ
لا يحصل إ
ملك الموت، ويرى بعينه الملكوتية عاقبة
أمره هل هو من أهل الجنة فيطمئن بها،
أما قبل هذه اللحظة فلابد أن يعيش الخوف
من عمر لم يعرف ما يحدث فيه من أمور
وقضايا ومشاكل قد توقعه في الذنوب
ا، وهو
ً
والآثام فهو لا يأمن من الذنب أبد
يحمل هذه النفس الأمارة بالسوء، ومادام
في هذه الدنيا فهو معرض للخطر، ولعدو
يغويه ويحاول إيقاعه في الذنب ولا ينجيه
الخوف لأنه لا أمان له في هذه الحياة.
ّ
إ
في مناجاة
A
يقول الإمام زين العابدين
ِ
وء
ُّ
الس
ِ
ب
ً
سا
ْ
ف
َ
و ن
ُ
ك
ْ
ش
َ
أ
َ
ك
ْ
ي
َ
ل
ِ
ي إ
ِ
الشاكين: (إله
َ
يك
ِ
عاص
َ
م
ِ
ب
َ
و
ً
ة
َ
ر
ِ
باد
ُ
م
ِ
ة
َ
يئ
ِ
ط
َ
لى الخ
ِ
إ
َ
و
ً
ة
َ
ار
َّ
م
َ
أ
ي
ِ
ب
ُ
ك
ُ
ل
ْ
س
َ
، ت
ً
ة
َ
ض
ِّ
ر
َ
ع
َ
ت
ُ
م
َ
ك
ِ
ط
َ
خ
َ
س
ِ
ل
َ
و
ً
ة
َ
ع
َ
ول
ُ
م
َ
ن
َ
و
ْ
ه
َ
أ
َ
ك
َ
د
ْ
ن
ِ
ي ع
ِ
ن
ُ
ل
َ
ع
ْ
ج
َ
ت
َ
و
ِ
ك
ِ
هال
َ
الم
ِ
ك
ِ
سال
َ
م
ها
َّ
س
َ
م
ْ
إن
ِ
مل
َ
الا
َ
ة
َ
يل
ِ
و
َ
ط
ِ
ل
َ
ل
ِ
الع
َ
ة
َ
ير
ِ
ث
َ
ك
ٍ
ك
ِ
هال
لى
ِ
إ
ً
ة
َ
ال
َّ
ي
َ
م
ُ
ع
َ
ن
ْ
م
َ
ت
ُ
ر
ْ
ي
َ
ها الخ
َّ
س
َ
م
ْ
إن
َ
و
ُ
ع
َ
ز
ْ
ج
َ
ت
ُّ
ر
َ
الش
ُ
ع
ِ
ر
ْ
س
ُ
ت
ِ
و
ْ
ه
َّ
الس
َ
و
ِ
ة
َ
ل
ْ
ف
َ
غ
ْ
ال
ِ
ب
ً
ة
َّ
و
ُ
ل
ْ
م
َ
وم
ِ
و
ْ
ه
َّ
الل
َ
و
ِ
ب
ِ
ع
َّ
الل
.
)5(
)....، ِ
ة
َ
ب
ْ
و
َّ
الت
ِ
ي ب
ِ
ن
ُ
ف
ِّ
و
َ
س
ُ
ت
َ
و
ِ
ة
َ
ب
ْ
و
َ
لى الح
ِ
ي إ
ِ
ب
A
وقد جاء في رواية عن الإمام الصادق
ذات يوم قاعد
F
قال: بينما رسول الله
إذ نزل جبرئيل
وهو كئيب
A
حزين متغير
اللون، فقال له
:
F
رسول الله
ا
ً
مالي أراك كئيب
ا؟ قال: يا
ً
حزين
محمد وكيف لا
أكون كذلك وإنما
وضعت منافيخ
اليوم،
جهنم
فقال رسول الله
الخوف والرجاء ودورهما في استقامة المؤمن
1...,34,35,36,37,38,39,40,41,42,43 23,24,25,26,27,28,29,30,31,32,...148
Powered by FlippingBook