مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 86

86
والمعرفة، فإن كان لله وفي الله تكلم، وإن
كان غير ذلك فالسكوت خير منه، وليس
على الجوارح عبادة أخف مؤونة وأفضل
عند الله من كلام فيه
ً
منزلة وأعظم قدرا
رضا الله عز وجل، ولوجهه ونشر آلائه
ونعمائه على عباده، وإن الله لم يجعل فيما
بينه وبين رسله معنى يكشف ما أسر إليهم
من مكنونات علمه ومخزونات وحيه غير
الكلام، وكذلك بين الرسل والأمم، فثبت
بهذا أنه أفضل الوسائل، وكذلك لا معصية
أثقل على العبد وأسرع عقوبة عند الله
وأشدها ملامة وأعجلها سآمة عن الخلق
منه، فاللسان ترجمان الضمير وصاحب
خبر القلب، وبه ينكشف ما في سر
الباطن، وعليه يحاسب الخلق يوم القيامة،
والكلام خمر يسكر العقول ما كان منه لغير
الله وليس شيء أحق بطول السجن من
، فيغفل الإنسان عن كمال هذه
)11(
اللسان)
النعمة التي إن سلمت أوصلته إلى الكمال
ا
ً
لها بما هو أسوأ أسست له بنيان
ّ
َ
وإن بد
من المعاصي. وأن لكل بناء أساس وأساس
ا
ً
اللسان هو القلب، فإذا كان القلب محجوب
ا، وينتج
ً
عنه النور تكون النتيجة أكثر قبح
عن ذلك الكبر والحسد والحقد وهذه
الصفات الذميمة تدفع الإنسان إلى سوء
الخلق وإلى الاعتداء على الآخرين والإساءة
إليهم، ويكون في دائرة من مكر الشيطان
وتكون الغفلة مستحكمة فيه. ومن الممكن
ر إلى عقوق الوالدين أو معاملة
َ
ب
ِ
أن يجره الك
الأهل والأولاد بأبشع صورة، تصل إلى
ا من
ً
الإهانة أو الضرب أو غيرها، وأيض
ا سينتهي الأمر به إلى
ً
ا وحقود
ً
كان حسود
الإيقاع بين المؤمنين والبهتان عليهم، ولا
ينجو ذلك حتى من الغيبة على من حسده
وكثر عليه حقده، فكل فعل مذموم من هذه
الآفات لا يرجى منها الخير.
وبعد كل هذه الذنوب التي تتسبب
بالفراق وعدم اللقاء مع المحبوب تعالى
ذكره، تتجلى نعمة أخرى من نعم الله
سبحانه، إذ يبقى المحبوب في شوق رجوع
كان هذا الحجاب
ْ
العبد إلى ساحته، وإن
ّ
المسود بالمعاصي لا يرجى أن يزول إ
أن الكرم الإلهي مبسوط العطاء، ويقطع
يأس كل يائس، فأول باب ينفتح لهذا العبد
المنغمر في الدنيا هو باب التوبة مقابل
هذا الجبل الهائل من السير وراء مغريات
الشيطان ومكائده. فعن الإمام أبي عبد الله
َ
ال
َ
أنه قال: ق
A
جعفر بن محمد الصادق
ٍ
ة
َ
ن
َ
س
ِ
ه ب
ِ
ت
ْ
و
َ
م
َ
ل
ْ
ب
َ
ق
َ
اب
َ
ت
ْ
ن
َ
: م
E
الله
ُ
ول
ُ
س
َ
ر
، ٌ
ة
َ
ير
ِ
ث
َ
ك
َ
ل
َ
ة
َ
ن
َّ
الس
َّ
ن
ِ
: إ
َ
ال
َ
ق
َّ
م
ُ
ه، ث
َ
ت
َ
ب
ْ
و
َ
ت
ُ
الله
َ
ل
ِ
ب
َ
ق
َّ
م
ُ
ه، ث
َ
ت
َ
ب
ْ
و
َ
ت
ُ
الله
َ
ل
ِ
ب
َ
ق
ٍ
ر
ْ
ه
َ
ش
ِ
ه ب
ِ
ت
ْ
و
َ
م
َ
ل
ْ
ب
َ
ق
َ
اب
َ
ت
ْ
ن
َ
م
ه
ِ
ت
ْ
و
َ
م
َ
ل
ْ
ب
َ
ق
َ
اب
َ
ت
ْ
ن
َ
، م
ٌ
ير
ِ
ث
َ
ك
َ
ل
َ
ر
ْ
ه
َّ
الش
َّ
ن
ِ
: إ
َ
ال
َ
ق
َ
ة
َ
ع
ْ
م
ُ
ج
ْ
ال
َّ
ن
ِ
: إ
َ
ال
َ
ق
َّ
م
ُ
ه، ث
َ
ت
َ
ب
ْ
و
َ
ت
ُ
الله
َ
ل
ِ
ب
َ
ق
ٍ
ة
َ
ع
ْ
م
ُ
ج
ِ
ب
ُ
الله
َ
ل
ِ
ب
َ
ق
ٍ
م
ْ
و
َ
ي
ِ
ه ب
ِ
ت
ْ
و
َ
م
َ
ل
ْ
ب
َ
ق
َ
اب
َ
ت
ْ
ن
َ
، م
ٌ
ير
ِ
ث
َ
ك
َ
ل
َ
ل
ْ
ب
َ
ق
َ
اب
َ
ت
ْ
ن
َ
، م
ٌ
ير
ِ
ث
َ
ك
َ
ا ل
ً
م
ْ
و
َ
ي
َّ
ن
ِ
: إ
َ
ال
َ
ق
َّ
م
ُ
ه، ث
َ
ت
َ
ب
ْ
و
َ
ت
.
)12(
ه)
َ
ت
َ
ب
ْ
و
َ
ت
ُ
الله
َ
ل
ِ
ب
َ
ق
َ
ن
ِ
اي
َ
ع
ُ
ي
ْ
ن
َ
أ
وهنا تتجلى أكبر نعمة تعيد النعم
أن العبد قد غشي على
ّ
ا، إ
ً
المضيعة سابق
كل جوارحه وصار أسير الشيطان، ولهذا
لابد من وجود عقاب يترتب على ذلك،
ويكون إما في الدنيا أو بعد انتهاء حياة
الموت
A
الإنسان، (قال الإمام الصادق
كفارة ذنب كل مؤمن) يعني أن المؤمن كلما
يقع عليه من الأمراض والبلايا فهو كفارة
لذنوبه، فإذا بقي منها شيء فالموت كفارة
له، ولا يدل على أن الموت كفارة كل ذنوبه
باعتبار أنه جنس مضاف ويدل على
ّ
إ
العموم وفيه شيء، وفي الأخبار الكثيرة
أنه إذا بقي شيء منه فكفارته عذاب
القبر، وإذا بقي منه شيء فبأهوال يوم
86
العدد (٧٧) شهر ذو القعدة - ذو الحجة 8341ه
1...,87,88,89,90,91,92,93,94,95,96 76,77,78,79,80,81,82,83,84,85,...132
Powered by FlippingBook