مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 70

صفراء ويا بيضاء غري غيري، وهو الذي
ّ
ها بيده إلا
ّ
ا، وكانت الدنيا كل
ً
لم يخلف ميراث
.
)15(
ما كان من الشام)
ه معاوية ما قال، لو لم
ّ
ولم يقل عدو
ا من معالم شخصية
ً
ا بارز
ً
م
َ
ل
ْ
ع
َ
يكن الزهد م
، وسمة مميزة زينه الله تعالى
A
الإمام
، إذ قال
E
به، وقد أكد هذا رسول الله
نك بزينة
ّ
: (إن الله قد زي
A
ٍّ
للإمام علي
منها، هي زينة
ّ
ن العباد بزينة أحب
ّ
لم يزي
الأبرار عند الله: الزهد في الدنيا، فجعلك
ا،
ً
لا ترزأ من الدنيا ولا ترزأ الدنيا منك شيئ
المساكين، فجعلك ترضى بهم
ّ
ووهبك حب
.
)16(
ا)
ً
ا، ويرضون بك إمام
ً
أتباع
ات
ّ
عن كل لذ
A
وقد زهد الإمام علي
وجوده نحو
ّ
ه بكل
ّ
الحياة وزينتها وتوج
الآخرة، وعاش عيشة المساكين وأهل
المتربة من رعيته.
A
ثك التاريخ عن زعيم كعلي
ّ
فهل حد
جبى
ُ
، ت
E
في عظيم اقتدائه برسول الله
له الأموال من الشرق والغرب، وعاصمته
الكوفة تقع في أخصب أرض الله وأكثرها
ّ
ا لأقل
ً
يومذاك، بيد أنه يعيش مواسي
ً
غنى
ا في العيش في هذه الحياة، يأكل
ًّ
الناس حظ
خبز الشعير دون أن يخرج نخالته، ويكتفي
بقميص واحد لا يجد غيره عند الغسل،
م على نفسه الأكل من بيت المال،
ّ
ويحر
.
)17(
ويرقع مدرعته حتى يستحي من راقعها
رى تستطيع العقول أن تصل إلى
ُ
أت
، وأن تسبر أغوار نفسه الشريفة؟
A
كنهه
عسير تقف عند حدوده أعظم
ٌ
إن ذلك لأمر
رة وشاخصة
ّ
، متحي
ً
العقول وأبعدها تأملا
بصرها دون أن تصل إلى قرار.
جاوز الأولين
A
فشخص الإمام علي
وأعجز الآخرين، ووصل حدود الكمال في
صفاته، وكان زهده وما سلك فيه من
ّ
كل
أكمل ما وصل إلينا عن زاهد في التاريخ،
بات
ّ
ن حرم من الطي
ّ
يواسي به الإنسان مم
ّ
والملذات، وكانت غايته مرضاة الله عز
، دون أن تدفعه نفسه في لحظة من
ّ
وجل
الزمن أن يخرج عن سلوكه، أو أن يهوي
ات الحياة، وأفرغ نفسه
ّ
ة من ملذ
ّ
في ملذ
لما عند الله،
ً
الدنيا وما فيها طلبا
ّ
من حب
لكرامة الإنسان، فما كان منه إلا
ً
وتقديسا
أن يهين الدنيا مرة بعد أخرى، ويعرض
قلبه منها
ّ
ضت له دون أن يمس
ّ
عنها وإن تعر
قليل أو كثير.
ً
هوى
وكانت مدة حكمه البالغة أربع سنين
للحاكم العادل
ً
ونيف من الشهور مثالا
والإمام المنصف، فلم تكن الحكومة عنده
ا أو
ً
ا إذا لم ينصف فيها مظلوم
ً
تعني شيئ
ا من حدود الله، وكان (مسلك
ًّ
يقيم حد
الإمام تطويع وسيلة لغاية كريمة، هي
إقرار إنسانية الإنسان، بقمع الانحراف،
وغرس الفضائل، وسيادة العدل، وتوزيع
ناتج العمل وخير المجتمع - بالحق – على
في
ّ
جميع من فيه، ولا عجب وهو شب
ة ونهل من مكارم خلق الرسول،
ّ
حجر النبو
ب دعوته بالفكر والقلب وبالروح
ّ
وتشر
حتى نفذ نورها إلى كيانه، وشاع فيه إلى
.
)18(
أبعد أغواره وأخفى خفاياه)
وما كان ما ظهر منه من سيرة قوامها
صورة ظاهرة عكست ما
ّ
العدل والزهد إ
تنطوي عليه نفسه، فتطابق ظاهره وباطنه،
في
ً
لذا لم يستطع إنسان أن يثبت عليه خل
ا في سلوك.
ً
رأي أو انحراف
A
وها هو أزهد الزاهدين،شبيهعيسى
في أكثر من
E
كما ذكر رسول الله
ً
مناسبة، أصبح غاية المريدين ومنهلا
للصالحين، يسيرون بسيرته ولا يصلون
ا لا رجعة فيها، ورحل
ً
ق الدنيا ثلاث
ّ
إليه. وطل
70
العدد (٧٧) شهر ذو القعدة - ذو الحجة 8341ه
1...,71,72,73,74,75,76,77,78,79,80 60,61,62,63,64,65,66,67,68,69,...132
Powered by FlippingBook