مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 109

109
مجلة ينابيع
D
إلا النادر من كبار أدباء زمانها؛ فهي
على نهج أبيها في خطبتها تفيض بلاغة
؛ فقد تنوعت الأغراض البلاغية
ً
جما
ً
وأدبا
على لسانها بكل يسر، فمن الاقتباس
القرآني كما تقدم، إلى أسلوب الاستفهام
الاستنكاري في قولها: (أتبكون)، و(أتبكون
ى ترحضون قتل سليل
ّ
وتنتحبون)، و(أن
خاتم الأنبياء)، إلى أسلوب الحصر والقصر
(وهل فيكم إلا الصلف، والنطف...)، إلى
واضحكوا
ً
أسلوب المقابلة (ابكوا كثيرا
)، كما تضمن القول الأخير أسلوب
ً
قليلا
الأمر، إلى السجع الخالي من التكلف
الأسماع من
ّ
والتصنع، المتنوع كيلا تمل
التكرار، إلى التشبيه في عدة مواضع من
الخطبة كقولها (كمثل التي نقضت غزلها...)
مما يزيده
ً
قرآنيا
ً
إضافة إلى كونه تشبيها
على جمال، وتشبيهها (كمرعى على
ً
جمالا
دمنة) و(كقصة على ملحودة)، إضافة إلى
غيره من الأساليب والأنواع مما يحتاج إلى
بحوث كاملة لبيانها وبيان بلاغتها.
الاستخدام الدقيق للمفردات
: ً
سابعا
عندما قالت: (فلا رقأت
D
والصيغ؛ فهي
الدمعة ولا هدأت الرنة) جاءت بالدمعة
والرنة التي هي الصيحة الحزينة عند البكاء
مفردتين، وكان باستطاعتها أن تقول
(فلا رقأت الدموع ولا هدأت الرنات)،
ولكنها بقولها هذا زادت التقريع والتأنيب
عليهم، ودعت عليهم أن لا تجف دمعة
واحدة منهم ولا تهدأ لهم صيحة واحدة بل
لم يكن لها
ً
تزداد وتستمر، ولو قالتها جمعا
الوقع الذي هي عليه بهذه الصورة، وحينما
قالت (تبت الأيدي) فهي أشارت إلى
،
A
اجتماع القوم على خذلان الحسين
وهذا ما نستفيده من قولها (فريتم،
أبرزتم، سفكتم، انتهكتم...) فهي تتكلم
بالصيغة الجمعية؛ لتبين أن المتخاذلين عن
القتال مع الحسين هم مشتركون مع ابن
زياد والشمر وابن سعد في الجريمة.
هذا غيض من فيض بحر بلاغة زينب
الله يسهل
َّ
جاد به القلم، لعل
D
بنت علي
لهذا الخزين الهائل من يستخرج لؤلؤه
ومرجانه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب
>
العالمين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) الفتوح لابن أعثم: 5/221.
2) الحسين وبطلة كربلاء: 091-191.
3) السيدة زينب عقيلة بني هاشم: 851.
4) من كلام الشريف الرضي في مقدمة نهج البلاغة.
5) الكامل للمبرد: 5811-6811.
6) كشف الغمة للأربلي: 2/672.
7) الخفرة: شديدة الحياء.
8) الأول: الوقاحة، والثاني: فساد الأخلاق،
والثالث: الكراهية، والرابع: النجاسة.
9) مرعى على دمنة، أي مكان اجتمع فيه دمن
الحيوانات وفيه خضار قليل ظهر لونه، فهو
لا يصلح للرعي بل هو وبيء المرعى منتن
الأصل.
01) القصة: وهي الجص، فما فائدة الجص على
القبر؟ وفي رواية (فضة على ملحودة)، وهاتان
الصورتان جميلتان إذ أن ما فائدة الجص أو
الفضة على ملحودة بعد أن يموت الإنسان
ويبقى جثة هامدة تأكلها الديدان.
11) مدرة: كنبر المقدم في اللسان.
.) ِ
الله
ُ
ر
ْ
م
َ
ى أ
َ
ت
َ
21) أي: (أ
.) ٍ
ين
ِ
ح
َ
د
ْ
ع
َ
ب
ُ
ه
َ
أ
َ
ب
َ
ن
َّ
ن
ُ
م
َ
ل
ْ
ع
َ
ت
َ
ل
َ
31) أي: (و
.47-45/2 :
A
41) الخوارزمي، مقتل الحسين
51) النقدي، زينب الكبرى: 95.
61) البلاغة والتطبيق: 344.
71)ابن حجر العسقلاني، الصواعق المحرقة: 291،
والدم العبيط: الطري غير النضيج.
81) الشيخ الطبرسي، الاحتجاج: 2/843، وبحار
الأنوار: 54/461.
في الكوفة
D
مع خطبة زينب
1...,110,111,112,113,114,115,116,117,118,119 99,100,101,102,103,104,105,106,107,108,...132
Powered by FlippingBook