مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 106

مجلة ينابيع
106
العدد (66) المحرم ــ صفر 7341هـ
بعزتها وإبائها، بصبرها وتحديها، ولله
الدكتورة بنت الشاطئ إذ تقول: ((لم
ُّ
در
زينب إلا بعد أن أفسدت على ابن
ِ
تمض
زياد ويزيد وبني أمية لذة النصر وسكبت
قطرات من السم الزعاف في كؤوس
الظافرين! فكانت فرحة لم تطل.. وكان
لم يلبث أن أفضى إلى هزيمة
ً
مؤقتا
ً
نصرا
.
)3(
قضت آخر الأمر على دولة بني أمية))
من أبرز جوانب الإعلام الزينبي
َّ
ولعل
زت بها زينب، وكانت
ّ
هو البلاغة التي تمي
ف ولا
ّ
تخرج منها بسلاسة وسهولة دون تكل
مبالغة؛ لأنها أصبحت ملكة راسخة عندها
ها وأبيها وأمها وإخوتها،
ّ
ورثتها من جد
(مشرع الفصاحة
A
وحسبها بأبيها إذ كان
وموردها، ومنشأ البلاغة وموردها،
ظهر مكنونها، وعنه أخذت
A
ومنه
قوانينها، وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب،
.
)4(
وبكلامه استعان كل واعظ بليغ)
D
وقد وصف المبرد (582هـ) زينب
: ((وكانت
ً
حين دخلت على ابن زياد قائلا
، وقد كلمته،
ّ
من حمل إليه منهن
َّ
أسن
فأفصحت وأبلغت، وأخذت من الحجة
، وحين رأى ابن زياد بلاغتها
)5(
حاجتها))
الأفواه وتدهش العقول انبرى
ّ
التي تكم
: ((هذه سجاعة، ولعمري لقد
ً
قائلا
))، فقالت له
ً
شاعرا
ً
كان أبوها سجاعا
الحوراء:((ما للمرأة والسجاعة؟! إن لي
، ولكن نفث صدري
ً
عن السجاعة لشغلا
ت على
ّ
، وهي بقولها هذا دل
)6(
بما قلت))
الملكة الراسخة في بيانها البليغ.
ومن بلاغتها العالية خطبتها في الكوفة
في مجلس ابن زياد التي أدهشت الأسماع،
فسكت القوم وكأن على رؤوسهم الطير،
وبهت الطغاة بما كان، ولم يكن من أمر
تخطب في الناس؛
D
إلا أن سليلة علي
فلنستمع للراوي كيف كانت الحوراء في
ذلك الموقف الصعب،قال بشير بن حذيم
إلى زينب بنت علي
ُ
الأسدي: ((نظرت
أنطق منها كأنما
ّ
قط
)7(
خفرة
َ
، ولم أر
ٍ
يومئذ
تنطق عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي
فرغ عنه، أومأت إلى الناس
ُ
وت
A
طالب
ت الأنفاس, وسكنت
ّ
أن اسكتوا! فارتد
الأجراس، فقالت:
د
ّ
لله، والصلاة على أبي محم
ُ
الحمد
رسول الله، وعلى آله الطيبين الأخيار آل
الله.
وبعد؛ يا أهل الكوفة، ويا أهل الختل،
والخذل، والغدر! أتبكون؟ فلا رقأت
ة، إنما مثلكم كمثل
ّ
الدمعة، ولا هدأت الرن
ً
كاثا
ْ
ن
َ
أ
ٍ
ة
َّ
و
ُ
ق
ِ
د
ْ
ع
َ
ب
ْ
ن
ِ
ها م
َ
ل
ْ
ز
َ
غ
ْ
ت
َ
ض
َ
ق
َ
التي ((ن
)) (النحل: 29)،
ْ
م
ُ
ك
َ
ن
ْ
ي
َ
ب
ً
لا
َ
خ
َ
د
ْ
م
ُ
ك
َ
ان
َ
م
ْ
ي
َ
أ
َ
ون
ُ
ذ
ِ
خ
َّ
ت
َ
ت
وهل فيكم إلا الصلف، والطنف، والشنف،
، وملق الإماء، وغمز الأعداء،
)8(
والنطف
، أو كقصة على
)9(
أو كمرعى على دمنة
!
)10(
ملحودة
مت لكم أنفسكم أن سخط
َّ
ألا ساء ما قد
الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون،
, ً
أتبكون وتنتحبون؟ أي والله, فابكوا كثيرا
، فلقد ذهبتم بعارها
ً
واضحكوا قليلا
. ً
وشنارها, ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا
ى ترحضون قتل سليل خاتم الأنبياء،
ّ
ن
َ
وأ
ة، وملاذ حيرتكم،
ّ
وسيد شباب أهل الجن
)11(
ومفزع نازلتكم, ومنار حجتكم، ومدرة
لكم
ً
ألسنتكم، ألا ساء ما تزرون، وبعدا
ت الأيدي،
ّ
! فلقد خاب السعي, وتب
ً
وسحقا
وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله،
لة والمسكنة.
ّ
وضربت عليكم الذ
كبد
ّ
ويلكم، يا أهل الكوفة، أتدرون أي
دم له سفكتم،
ّ
فريتم، وأي
F
لرسول الله
حريم له أصبتم,
ّ
كريمة له أبرزتم, وأي
ّ
وأي
1...,107,108,109,110,111,112,113,114,115,116 96,97,98,99,100,101,102,103,104,105,...132
Powered by FlippingBook