مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 105

105
مجلة ينابيع
في الكوفة
D
مع خطبة زينب
، فها هي
A
منذ لحظة مقتل الحسين
تذهب إلى جسد أخيها
D
زينب الحوراء
ج بدمه الزكي، مقطوع الرأس،
ّ
وهو مضر
مرضوض الصدر بحوافر الخيول، مطروح
بين أخوتها وبنيها وأصحابه المقتولين،
له الجبال الراسيات
ّ
وفي موقف تنهد
لتضع يديها تحت جسده الطاهر وترفعه
، تقبل
ّ
إلى السماء وتقول لربها: ((اللهم
منا هذا القربان))، وهي بنفسها تحاول
لململة عيالها والحفاظ على الأطفال بعد
أن شردوا في العراء إذ حرقت خيامهم،
وهي نفسها التي لم تترك وردها حتى ليلة
الحادي عشر.
بهذا أوصلت
D
إن زينب الكبرى
A
رسالتها الإعلامية الأولىأنقتل الحسين
هو فداء للإسلام، وأن دمه الزكي هو
قربان لله تعالى؛ فالإسلام عندها أغلى من
كل شيء والحسين فداء له ودمه هو الزيت
المحرك للثورة، وبهذا الموقف وبحفاظها
والتزامها وتماسكها واتزانها في حالة أبكت
أوصلت رسالة ثبات الإسلام
ً
السماء دما
واستقراره وعدم الانكسار والانهزام مع
مت هذا
َّ
عظم الفجيعة وهولها؛ وقد قد
حين سألها اللعين ابن زياد:
ً
الموقف عمليا
((كيفرأيتصنع اللهبأخيك وأهل بيتك؟))
فأجابت سلام الله عليها: ((ما رأيت إلا
، هؤلاء القوم كتب الله عليهم القتل
ً
جميلا
فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك
وبينهم يا بن زياد، فتحاجون وتخاصمون،
فانظر لمن الفلج يومئذ! ثكلتك أمك يا
مت كبرياءه وزهوه
ّ
، فحط
)1(
بن مرجانة))
مت بمنطق القوة والعزة
ّ
وغروره، وتكل
العلوية لا بمنطق الانكسار والضعة كما كان
يتصور ابن زياد ومن حوله.
بقيامها الليل وحفاظها على
D
وزينب
وردها أوصلت رسالة الاعتزاز بالإسلام
وعباداته، واجباته ومستحباته، والتوحيد
لله تعالى في أحلك الظروف وأصعبها،
ها
ّ
والشكر له مع كل ما يصيب الإنسان، وأن
ها رسول الله
ّ
امتداد للخط الرسالي من جد
إلى أبيها أمير المؤمنين وأمها الزهراء،
وأخوتها صلوات الله عليهم أجمعين،
وهي عكست بهذا المفهوم الإيجابي للدين
بتطبيق عملي، فبعملها هذا كانت داعية
ناصحة مذكرة بالإسلام الذي أراد الطغاة
تحريفه وعكسه عن المسار الصحيح له،
يصف الشيخ محمد جواد مغنية حالها في
تلك اللحظات فيقول: ((رجالها بلا رؤوس
على وجه الأرض، تسفي عليهم الرياح،
ومن حولها النساء والأطفال، في صياح
وبكاء، ودهشة وذهول، وجيش العدو
يحيط بها من كل جانب.. إن صلاتها في
ها
ّ
كصلاة جد
ً
مثل هذه الساعة، تماما
في المسجد الحرام،
F
رسول الله
والمشركون من حوله يرشقونه بالحجارة،
ويطرحون عليه رحم شاة، وهو ساجد لله
وعلا)، وكصلاة أبيها أمير المؤمنين،
ّ
(عز
في قلب المعركة بصفين، وصلاة أخيها
سيد الشهداء يوم العاشر، والسهام تنهال
: ُ
عليه كالسيل.. ولا تأخذك الدهشة إذا قلت
صلاة السيدة زينب، ليلة الحادي عشر
ّ
إن
لله على ما أنعم،
ً
من المحرم، كانت شكرا
ها كانت تنظر إلى تلك الأحداث على
ّ
وإن
الله بها أهل بيت النبوة،
ّ
ها نعمة خص
ّ
أن
ه لولاها لما
ّ
من دون الناس أجمعين، وأن
كانت لهم هذه المنازل والمراتب عند الله
.
)2(
والناس))
في كل موقف من مواقفها
D
فزينب
تلك كانت ضاربة للكيان الأموي، مزلزلة
أركانه، محطمة بنيانه، بكلماتها وسكناتها،
1...,106,107,108,109,110,111,112,113,114,115 95,96,97,98,99,100,101,102,103,104,...132
Powered by FlippingBook