مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 19

19
مجلة ينابيع
نلحظ أن المنطلق الأول الذي أسسوا
على أساس
ً
كان مبنيا
ً
عليه كلامهم ابتداء
إقناع أبيهم بما يريدون لتنفيذ ما يبتغونه
بيوسف، ثم أننا نجد بعد هذا استعطاف
جملة من المؤكدات والتوثيقات التي تعمل
على ترسيخ القناعة لدى يعقوب بأنهم
ُ
ه
َ
ا ل
َّ
ن
ِ
إ
َ
صادقون بما يقولون؛إذ قالوا:
،
) َ
ون
ُ
ظ
ِ
حاف
َ
ل
ُ
ه
َ
ا ل
َّ
ن
ِ
إ
َ
، وقالوا:
) َ
ون
ُ
ح
ِ
ناص
َ
ل
فكلتا العبارتين تدل على التوثيق ودفع
الشك في نفس المتلقي ذلك بأنهم بنوا كل
جملة مما قالوا على خمسة توكيدات وهي
" الثقيلة الدالة على التوكيد،
َّ
استعمال "إن
وتقديم المتعلق (له) الذي يدل على يوسف
مما يثبت تخصيصه بالعهد فهم ناصحون
ا لا لغيره، وهذا يدل
ً
له وحافظون له حصر
على مدى اهتمامهم بيوسف دون غيره البتة
مما يوحي بعدم غفلتهم عنه البتة، ومن
ورود اللام المؤكدة المرتبطة بالخبر
َّ
ثم
ا للتوكيد
ً
(لناصحون) و(لحافظون) تدعيم
) الثقيلة، ثم بناء الخبر على
َّ
الابتدائي بـ (إن
اسم الفاعل (ناصحون)* و(حافظون) مما
يدل على ثبات صفة النصح والحفظ فيهم
تجاه يوسف، ويزاد على هذا بناء الجملتين
على أساس الاسمية لا الفعلية، ذلك بأن
البناء على الاسمية إثبات وآكد من البناء
ا من
ً
؛إذ يعد هذا البناء وجه
)5(
على الفعلية
وجوه ثبات المعنى المراد وتوكيده، وبعد
هذه التوكيدات في العبارتين اللتين عاهدها
بين بعد مقولة أبيهم:
ِّ
عق
ُ
بهما أباهما قالوا م
ا
َّ
ن
ِ
إ
ٌ
ة
َ
ب
ْ
ص
ُ
ع
ُ
ن
ْ
ح
َ
ن
َ
و
ُ
ب
ْ
ئ
ِّ
الذ
ُ
ه
َ
ل
َ
ك
َ
أ
ْ
ن
ِ
ئ
َ
وا ل
ُ
(قال
(يوسف: 41) حيث قدموا
) َ
ون
ُ
ر
ِ
خاس
َ
ل
ً
ذا
ِ
إ
كلامهم على أساس القسم الذي كشفت عنه
، ومن ثم
)6(
اللام الموطئة في لفظة (لئن)
منحوا أباهم جرعة من الاطمئنان بقولهم
على سبيل الحال (ونحن عصبة)؛ أي إن
حالنا عصبة فنحن كثيرون متناصرون
متعاضدون فكيف يمكن أن يأكله الذئب أو
منا فلن
ٌ
، فإذا غفل أحد
)7(
يتقرب منه أحد
يغفل الآخر لأننا جمهرة كثيرة، وبعدها
أعربوا عن خسرانهم في حال أكل الذئب
يوسف؛ لأن هذا يدل على عدم مقدرتهم
على حمايته من جهة وفقدانهم يوسف من
) َ
ون
ُ
ر
ِ
خاس
َ
ل
ً
ذا
ِ
ا إ
َّ
ن
ِ
جهة أخرى؛ فقولهم:
((كناية عن عدم تفريطهم فيه وعن
المرء لا يرضى أن يوصف
ّ
اه لأن
ّ
حفظهم إي
؛ وهذا يدل على أنهم يحبون
)8(
بالخسران))
يوسف ولن يفرطوا به ولن يغفلوا عنه
ا؛ لأن أكل الذئب إياه يعد خسارة كبيرة
ً
أبد
ا منهم، فإذا كانت هذه
ً
ذريع
ً
لهم وفش
؛
A
المواثيق مقدمة كلها للنبي يعقوب
لهم ويبعث معهم
َ
ن
ِّ
ؤم
ُ
فكيف له أن لا ي
يوسف، يقول الشريف المرتضى: ((أن
لما رأى من بنيه ما رأى
A
يكون يعقوب
من الأيمان والعهود والاجتهاد في الحفظ
والرعاية لأخيهم، ظن مع ذلك السلامة
ا لغير
ً
ا مغلب
ً
وغلبة النجاة، بعد أن كان خائف
السلامة؛ وقوي في نفسه أن يرسله معهم
)9(
ا من إيقاع الوحشة والعداوة بينهم))
ً
إشفاق
ذلك بأن المواثيق والعهود التي منحوها
أو فسحة في
ً
لأبيهم يعقوب لا تدع مجا
نفسه من إثارة الشك بهم أو توقع غير
المحافظة على يوسف؛ إذ قدموا ليعقوب
كل ما يأخذ به إلى الاطمئنان على يوسف
ا منهم من أن يمتنع من إرساله معهم؛
ً
تحسب
إذ ((لما مهدوا لأبيهم الأسباب الداعية
لإرساله، وعدم الموانع، سمح حينئذ
؛ بهذا نجد أن
)10(
بإرساله معهم لأجل أنسه))
تعضيد مقولاتهم الكلامية مع أبيهم بالعهود
الغليظة والمواثيق المقنعة؛ ما كانت إلا لـ
((يزكوا أنفسهم عند أبيهم ويجلوا قلبه من
بيوسف في نطاق الخطر
َّ
من أنه زج
A
دفع تهمة يعقوب
1...,20,21,22,23,24,25,26,27,28,29 9,10,11,12,13,14,15,16,17,18,...132
Powered by FlippingBook