مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 18

18
مجلة ينابيع
العدد (56) ذو القعدة ــ ذو الحجة 6341هـ
التقريب بين يوسف وإخوته؛ فلعله إذا
خرج معهم غير مرة فإن العلاقة بينهم
ستغدو حسنة وينتهي ذلك التحسس
منهم تجاه يوسف، يقول الرازي: ((لو
لم يرسله معهم مع مبالغتهم في إظهار
أنه يتهمهم
A
الحب لاعتقدوا في يعقوب
ا للوحشة
ً
على يوسف ويصير ذلك سبب
،
)2(
العظيمة؛ فلهذه الدعاوى بعثه معهم))
ذلك بـ ((أنه إذا لم يرسله مع الطلب
منهم والحرص، علموا أن سبب ذلك
؛
)3(
همة لهم والخوف من ناحيتهم))
ُّ
هو الت
إلى تعضيد الشعور
ً
لذا كان يعقوب ميا
A
بالإخوة فيما بينهم، يزاد على هذا أنه
قد حذرهم وأنذرهم من أن يقدموا على
ي
ِّ
ن
ِ
إ
َ
(قال
أي فعل تجاه يوسف بدليل قوله:
ُ
ه
َ
ل
ُ
ك
ْ
أ
َ
ي
ْ
ن
َ
أ
ُ
خاف
َ
أ
َ
و
ِ
ه
ِ
وا ب
ُ
ب
َ
ه
ْ
ذ
َ
ت
ْ
ن
َ
ي أ
ِ
ن
ُ
ن
ُ
ز
ْ
ح
َ
ي
َ
ل
(يوسف: 31)،
) َ
ون
ُ
ل
ِ
غاف
ُ
ه
ْ
ن
َ
ع
ْ
م
ُ
ت
ْ
ن
َ
أ
َ
و
ُ
ب
ْ
ئ
ِّ
الذ
فقوله هذا جاء على سبيل التحذير لا على
سبيل الاستيقان من أن الذئب سيأكله
، ولو كان كذلك لما سمح ليوسف
ً
فعلا
ه يقول
َّ
ا، ولكن كأن
ً
بالذهاب معهم مطلق
لهم: (سأرسله معكم ولكن يحزنني غيابه
عني وإني خائف عليه من أن يمسه السوء
ويأكله الذئب وأنتم غافلون)؛ لذا اعتنوا به
واحرصوا عليه لئلا يقع مكروه، فهو حتى
في خطابه هذا إلى الإخوة لم يكن يطعن
عليه أنه
َ
ذ
َ
بهم أو يتهم بشيء حتى لا يؤخ
لا يريد أن يسمح ليوسف بالذهاب معهم
حين طلبوا ذلك، بل أراد أن يدعوهم
إلى الحذر والحرص على يوسف، ولم
يكن يتهمهم حتى لا يثير حفيظتهم ويقوي
العلاقة بينهم ويوسف، ودليل عدم اتهامه
لهم وأنه خاطبهم بأسلوب لطيف هو قوله
؛ فهذا القول يعد
) َ
ون
ُ
ل
ِ
غاف
ُ
ه
ْ
ن
َ
ع
ْ
م
ُ
ت
ْ
ن
َ
أ
َ
لهم:
لهم وليس إدانة لهم
ً
لهم وعذرا
ً
تسويغا
في حال
ُ
ب
ْ
ئ
ِّ
الذ
ُ
ه
َ
ل
ُ
ك
ْ
أ
َ
ي
ْ
ن
َ
أ
ُ
خاف
َ
(إني أ
أي
، فكأن السبب في حال
لين)
ِ
كنتم عنه غاف
ً
ديا
ُّ
ا تقص
ً
أكل الذئب يوسف لم يكن قصدي
من إخوته؛ بل الداعي هو غفلتهم عن
يوسف، أي إنهم كانوا غافلين عن يوسف
في حال أكله الذئب، ولم يكونوا متنبهين
إلى هذا الأمر، ولو تنبهوا لما أكله الذئب
على حسن نية الأب بأبنائه، فحتى
ً
بناء
خطاب يعقوب كان على درجة عالية من
الدقة واللطف حتى لا يثير حنق أبنائه،
ولا يكونوا
ً
ولكي يحافظوا على يوسف فع
، ولعل كلامه
ً
موضع اتهام من أبيهم ابتداء
على استشعار يعقوب
ً
هذا لهم جاء بناء
نفسه بأن أبناءه يعتقدون بأنه يتهمهم ولهذا
لا يرضى أن يصطحبوا أخاهم معهم وذلك
وا
ُ
(قال
في قولهم له قبل إجابته إليهم:
ٌ
بين
ا
َّ
ن
ِ
إ
َ
و
َ
ف
ُ
وس
ُ
لى ي
َ
ا ع
َّ
ن
َ
م
ْ
أ
َ
ل ت
َ
ك
َ
بانا ما ل
َ
يا أ
ْ
ع
َ
ت
ْ
ر
َ
ي
ً
دا
َ
نا غ
َ
ع
َ
م
ُ
ه
ْ
ل
ِ
س
ْ
ر
َ
* أ
َ
ون
ُ
ح
ِ
ناص
َ
ل
ُ
ه
َ
ل
(ما
فقولهم
) َ
ون
ُ
ظ
ِ
حاف
َ
ل
ُ
ه
َ
ا ل
َّ
ن
ِ
إ
َ
و
ْ
ب
َ
ع
ْ
ل
َ
ي
َ
و
استشعر منه
) َ
ف
ُ
وس
ُ
لى ي
َ
ا ع
َّ
ن
َ
م
ْ
أ
َ
ل ت
َ
ك
َ
ل
يعقوب بأنهم يعتقدون بأنه يتهمهم، لهذا
ْ
ن
َ
أ
ُ
خاف
َ
أ
َ
حاول دفع التهمة عنهم بقوله:
فلم يتهم
) َ
ون
ُ
ل
ِ
غاف
ُ
ه
ْ
ن
َ
ع
ْ
م
ُ
ت
ْ
ن
َ
أ
َ
و
ُ
ب
ْ
ئ
ِّ
الذ
ُ
ه
َ
ل
ُ
ك
ْ
أ
َ
ي
أو يوجه لهم التوقع منه بأنهم سيرتكبون
جريمة؛ بل ساق كلامه على سبيل الكلام
اللين حتى يكشف لهم بأنه لا يشك فيهم؛
. ً
بل يرغب منهم المحافظة على يوسف فع
عن أن كلام الإخوة مع الأب
ً
فض
ٍ
له من أن يوسف في أياد
ً
نا
ِ
ئ
ْ
م
َ
ط
ُ
كان م
بإثارة عاطفة
ً
أمينة؛ إذ ابتدؤوا أو
الأبوة لديه واستمالته لكي لا يرفض لهم
ا له
ً
؛ ((استعطاف
بانا)
َ
وا يا أ
ُ
(قال
ا فـ
ً
طلب
للحنو الذي جبلت عليه طبائع
ً
وتحريكا
بذلك إلى تمام ما
ً
الآباء للأبناء وتوس
، بهذا
)4(
يريدونه من الكيد الذي دبروه))
1...,19,20,21,22,23,24,25,26,27,28 8,9,10,11,12,13,14,15,16,17,...132
Powered by FlippingBook