مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 28

28
أنا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى
الجنة، وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن
يعجله فإذا أدخل قبره أتاه ملكا القبر يجران
أشعارهما ويخطان الأرض بأقدامهما،
أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما
كالبرق الخاطف، فيقولان له: من ربك؟
وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: الله ربي
،
E
وديني الإسلام، ونبيي محمد
فيقولان له: ثبتك الله فيما تحب وترضى،
َ
ين
ِ
ذ
َّ
ال
ُ
الله
ُ
ت
ِّ
ب
َ
ث
ُ
وهو قول الله عز وجل:
ا
َ
ي
ْ
ن
ُّ
الد
ِ
اة
َ
ي
َ
ح
ْ
ي ال
ِ
ف
ِ
ت
ِ
اب
َّ
الث
ِ
ل
ْ
و
َ
ق
ْ
ال
ِ
وا ب
ُ
ن
َ
م
َ
آ
(إبراهيم: 72)، ثم يفسحان
) ِ
ة
َ
ر
ِ
خ
َ
ْ
ي ال
ِ
ف
َ
و
ا
ً
له في قبره مد بصره، ثم يفتحان له باب
إلى الجنة، ثم يقولان له: نم قرير العين،
نوم الشاب الناعم، فإن الله عز وجل يقول:
ا
ًّ
ر
َ
ق
َ
ت
ْ
س
ُ
م
ٌ
ر
ْ
ي
َ
خ
ٍ
ذ
ِ
ئ
َ
م
ْ
و
َ
ي
ِ
ة
َّ
ن
َ
ج
ْ
ال
ُ
اب
َ
ح
ْ
ص
َ
.
)10(
)
(الفرقان:42)
) ً
ي
ِ
ق
َ
م
ُ
ن
َ
س
ْ
ح
َ
أ
َ
و
كرت هذه الرواية في مجموعة
ُ
وقد ذ
.
)11(
من المصادر التفسيرية وبألفاظ متقاربة
وإن هذه الرواية وما اشتملت عليه
لنصوص القرآن الكريم،
ٍ
من اقتباس
لتشفي الغليل بذكرها الترغيب الحسي
ورسمها للصورة الشمية والبصرية
ً
صراحة
السمعية، من قبيل أن ريح العمل تكون
أطيب الريح، ومنظره أحسن المناظر،
يؤنسه، وهو يبشره
ً
ويسمع الميت كلاما
وريحان وجنة النعيم، ثم أن الملكان
ٍ
بروح
يوسعان له قبره لمسافة أضعاف ما يحتاجه
فيتخلص من معيشة الضنك، ثم يفتحان له
إلى أن يبعثه الله
ً
متنعما
َ
نام
َ
إلى الجنة، لي
ً
بابا
عزوجل خير مبعث.
م في القبر قد
ُّ
فالترغيب الحسي بالتنع
ّ
كان التصريح به في الآيات الواردة في حق
الشهداء، من خلال النهي عن القول بأنهم
أموات بل هم أحياء، ولابد من وجود ما
َ
َ
يلازم الإحياء، كما في قوله تعالى:
ٌ
ات
َ
و
ْ
م
َ
أ
ِ
الله
ِ
يل
ِ
ب
َ
ي س
ِ
ف
ُ
ل
َ
ت
ْ
ق
ُ
ي
ْ
ن
َ
م
ِ
وا ل
ُ
ول
ُ
ق
َ
ت
،
(البقرة:451)
) َ
ون
ُ
ر
ُ
ع
ْ
ش
َ
ت
َ
ْ
ن
ِ
ك
َ
ل
َ
و
ٌ
اء
َ
ي
ْ
ح
َ
أ
ْ
ل
َ
ب
بمعنى: (ولا تعتقدوا فيهم الفناء والبطلان
كما يفيده لفظ الموت عندكم، ومقابلته
مع الحياة، ويعين على هذا القول حواسكم
فليسوا بأموات بمعنى البطلان، بل أحياء
ولكن حواسكم لا تنال ذلك ولا تشعر به،
والآية تدل دلالة واضحة على حياة الإنسان
.
)12(
البرزخية)
من
ً
دركة
ُ
وكما إن حياة الشهداء ليست م
قبل الأحياء في الدنيا، كذلك بالنسبة إلى
ما يتمتعون به من نعيم حسي خاص بتلك
في الحياة
ٍ
الحياة البرزخية، فلا يمكن لأحد
درك ما يرزقون به، فاللهسبحانه
ُ
الدنيا أن ي
وتعالى يرزقهم ولكن لا يشعرون، قال
ِ
يل
ِ
وا في سب
ُ
ل
ِ
ت
ُ
ق
َ
ين
ِ
ذ
َّ
ال
َّ
سبن
ْ
لا تح
َ
تعالى:
) َ
ون
ُ
ق
َ
ز
ْ
ر
ُ
ي
ْ
م
ِ
ه
ِّ
ب
َ
ر
َ
ند
ِ
ع
ٌ
اء
َ
ي
ْ
ح
َ
أ
ْ
ل
َ
ب
ً
ا
َ
ت
َ
و
ْ
م
َ
أ
ِ
الله
، ً
فلا يتوهم أحد ويحسب الشهداء أمواتا
فهم عند الله أحياء، وإن أرواحهم تسرح
في الجنة وتلتذ بنعيمها، وإن إحياء الله لهم
،
)13(
في البرزخ جائز مقدور والحكمة تجيزه
وهذه الآية ذكرت نوعين من الترغيب،
ٍ
إذ ضمت النعيم المعنوي والحسي في آن
واحد، لأن (الحضور عنده تعالى والقرب
منه كرامة معنوية والاستقرار في الجنة
.
)14(
كرامة صورية)
إن الآية التالية تشير إلى بعض
ّ
ثم
مزايا حياة الشهداء البرزخية، وما يكتنفها
ويلازمها من عظيم البركات من خلال
الإشارة إلى عظيم ابتهاجهم بما أوتوا
ُ
م
ُ
ا آتاه
َ
م
ِ
ب
َ
ين
ِ
ح
ِ
ر
َ
هناك فيقول عز وجل:
ْ
م
َ
ل
َ
ذين
َّ
بال
َ
ون
ُ
بشر
َ
ت
ْ
س
َ
وي
ِ
ه
ِ
ل
ْ
ض
َ
ن ف
ِ
م
ُ
الله
ْ
م
ِ
ه
ْ
ي
َ
ل
َ
ع
ٌ
ف
ْ
و
َ
خ
َّ
ألا
ْ
م
ِ
ه
ِ
ف
ْ
ل
َ
خ
ْ
ن
ِ
م م
ِ
ه
ِ
قوا ب
َ
ح
ْ
ل
َ
ي
، فالسبب
(آل عمران:071)
) َ
ون
ُ
ن
َ
ز
ْ
ح
َ
ي
ْ
م
ُ
ولاه
العدد (٧٧) شهر ذو القعدة - ذو الحجة 8341ه
28
1...,29,30,31,32,33,34,35,36,37,38 18,19,20,21,22,23,24,25,26,27,...132
Powered by FlippingBook