مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 22

22
22
اللازم عن حدود الإبداع، والانحراف
قد يقود الذهن إلى التفكر بالانحراف
الأخلاقي، والتحريف والفجوة والخرق
والاختراق تشعر هذا المصطلحات بوجود
خلل نصي، أو أنها لا تلائم المعنى الجمالي
للقرآن، أما العدول من جنس الاعتدال؛
فهما مشتقان من جذر معجمي واحد هو
(عدل)، والعدل أو الاعتدال نعمة جمالية
ا
َ
ه
ُّ
ي
َ
ا أ
َ
منحها الله للإنسان، قال تعالى:
ي
ِ
ذ
َّ
* ال
ِ
يم
ِ
ر
َ
ك
ْ
ال
َ
ك
ِّ
ب
َ
ر
ِ
ب
َ
ك
َّ
ر
َ
ا غ
َ
م
ُ
ان
َ
نس
ِ
ْ
ا
ا
َّ
م
ٍ
ة
َ
ور
ُ
ص
ِّ
ي
َ
ي أ
ِ
* ف
َ
ك
َ
ل
َ
د
َ
ع
َ
ف
َ
اك
َّ
و
َ
س
َ
ف
َ
ك
َ
ق
َ
ل
َ
خ
، فإذا كان الله
(الانفطار: 6–8)
) َ
ك
َ
ب
َّ
ك
َ
اء ر
َ
ش
تعالى قد منحها لعبده الفقير الذليل، ألا
يودعها في محكم كلامه المبارك؟!
والعدول القرآني أسلوب من أساليب
ً
م الصعب واللامألوف، وهو ليس دليلا
ٌّ
تقح
من دلائل نقص ذخيرة القرآن الكريم؛ لأن
جميع النصوص الأدبية عندما تكون صعبة
تكون أكثر أهمية من غيرها؛ لأنها عندما
من
ً
أو درجة
)4(
تكون واضحة تفقد أدبيتها
ذلك، وهذا لا يعني نقص ذخيرة كل نص
واضح بل تبقى القضية متعلقة بمقتضى
المقام.
ويتلثم هذا الأسلوب بأساليب بلاغية
عديدة كـ (الالتفات، والأسلوب الحكيم،
الحذف والذكر) وغيرها.
وقد رجحت الدراسة الإبقاء على متابعة
أسلوب الالتفات في ضمائر الخطاب
القرآني من أجل رصد المغايرة أو العدول؛
لأن الالتفات في الضمائر يحقق خاصية
من
ً
انطلاقا
ٍ
لامع
ٍ
العدول في التعبير بشكل
تتميز
ً
تعبيرية
ً
أن لأسلوب الالتفات خاصية
بطاقتها الإيحائية من حيث اعتماد بنائها
، وكل التفات عدول، وليس
)5(
على العدول
كل عدول التفات، هذا يعني أن العدول
، والالتفات في
)6(
أعم وأوسع من الالتفات
الخطاب القرآني هو العنصر الأهم في
فنيته من بين الأساليب العدولية؛ لارتباطه
بالإلهام أو الإبداع الذي لا يمكن الإتيان
بمثله.
وسنستعين بالإجراءات الحديثة في
التحليل باتجاه الرؤية الأسلوبية؛ لأن
العدول من زمرة المصطلحات الأسلوبية،
على الرغم من استعانته بالإنجازات النقدية
الكثيرة في فهم الالتفات وتحليله.
وسنتعرف على دوافع العدول وبواعثه
عند التلقي من خلال تقصي جوانب
الخطاب القرآني وإمكاناته كافة التي آلت
وتؤول إلى اللجوء إلى العدول الذي يقود
إلى التكثيف الدلالي الذي لا يعنى بالشكل
والمضمون بقدر عنايته بالدلالة.
والالتفات الضمائري يعني (العدول من
حالة من الحالات الثلاث – التكلم والخطاب
والغيبة – التي يقتضيها الظاهر إلى حالة
، وهو أنواع منها: (الالتفات
)7(
أخرى منها)
من التكلم إلى الخطاب، الالتفات من
التكلم إلى الغيبة، الالتفات من الخطاب إلى
التكلم، الالتفات من الخطاب إلى الغيبة،
الالتفات من الغيبة إلى التكلم، الالتفات
. والأمثلة الآتية
)8(
من الغيبة إلى الخطاب)
مصاديق لذلك:
ي
ِ
ذ
َّ
ال
ُ
د
ُ
ب
ْ
ع
َ
أ
َ
ي لا
ِ
ال
َ
م
َ
قال تعالى:
. فقد
(يس: 22)
) َ
ون
ُ
ع
َ
ج
ْ
ر
ُ
ت
ِ
ه
ْ
ي
َ
ل
ِ
إ
َ
ي و
ِ
ن
َ
ر
َ
ط
َ
ف
ُ
د
ُ
ب
ْ
ع
َ
تحقق العدول هنا من صيغة التكلم
ِ
ه
ْ
ي
َ
ل
ِ
إلى صيغة الخطاب
ي)
ِ
ن
َ
ر
َ
ط
َ
ي ف
ِ
ذ
َّ
ال
. فلماذا لا يكون التعبير (وما لي
) َ
ون
ُ
ع
َ
ج
ْ
ر
ُ
ت
لا أعبد الذي فطرني وإليه أرجع)؟ عند
وهو
ً
واحدا
ً
ذلك يكون سياق التعبير وترا
وتر (التكلم).
ولو رجعنا إلى تفسير الآية لوجدنا أن
العدد (٧٧) شهر ذو القعدة - ذو الحجة 8341ه
1...,23,24,25,26,27,28,29,30,31,32 12,13,14,15,16,17,18,19,20,21,...132
Powered by FlippingBook