مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 19

4- مادة الصوت:
لقد اختار الله عز وجل للتعبير
معينة وفق
ً
عن ألفاظ كتابه العزيز أصواتا
ا،
ً
مبدأ منظم بإحكام تام وليس اعتباط
فتجد لفظة معينة في القرآن الكريم تعبر
عن دلالة معينة لا تقوم بمهمتها أية لفظة
أخرى، (وليس يخفى أن مادة الصوت
هي مظهر الانفعال النفسي، وأن هذا
الانفعال بطبيعته، إنما هو سبب في
ة
َّ
أو غن
ً
تنويع الصوت بما يخرجه فيه مدا
أو شدة، وبما يهيئ له من الحركات
ً
أو لينا
المختلفة في اضطرابه وتتابعه ،...، ثم
هو يجعل الصوت إلى الإيجاز والاجتماع،
أو الإطناب والبسط، بمقدار ما يكسبه
،
)16(
من الحدوة والارتفاع والاهتزاز)
لاحظ في هذه السورة المباركة
ُ
لهذا ي
التركيز على مادة الأصوات فصوت
الباء الذي تكرر في السورة في
... ِ
ت
َّ
س
ُ
...ب
ٌ
بة
ِ
كلمات كقوله تعالى: كاذ
، فهذا الصوت من
ً
ا
ّ
نبث
ُ
...م
ً
اء
َ
ب
َ
ا...ه
ًّ
س
َ
ب
، ومعنى الجهر:
)17(
الأصوات المجهورة
هير أي الصوت
َ
الوضوح، والصوت الج
يمتاز هذا الصوت
ً
، وأيضا
)18(
العالي
بالشدة، فالأصوات الشديدة هي:
(الهمزة، والقاف، والكاف، والجيم،
،
)19(
والطاء، والتاء، والدال، والباء)
وهذان المعنيان أي الوضوح والشدة
مما يتناسب بلا شك مع السياق المراد
في هذه السورة المباركة، وقد استعمل
الله عز وجل عبارات دون غيرها نحو
... ٍ
ونة
ُ
وض
َّ
...م
ً
...هباء
ِ
ت
ّ
س
ُ
...ب
ِ
ت
َّ
ج
ُ
لفظة: ر
، ولكل واحدة من هذه العبارات
َ
ون
ُ
دع
َّ
ص
ُ
ي
لفظة مقابلة لها أو أكثر، لكن اللهعز وجل
آثر استعمال هذه الألفاظ على نظائرها،
ً
هو: (تحريك الشيء تحريكا
ً
مث
ّ
فالرج
، فلم
)20(
، إشارة إلى زلزلة الساعة)
ً
شديدا
عد
ُ
يقل الله عز وجل: وحركت، فالحاء ت
من الأصوات الرخوة بعكس الجيم التي
، فلما كانت
)21(
عد من الأصوات الشديدة
ُ
ت
الراء موجودة في اللفظتين وكانت الكاف
والجيم من الأصوات الشديدة جاءت
المفاضلة بصوت الجيم، وإن لم يكن
للصوت في الكلمة الأخرى، فعبر
ً
مقابلا
عن المعنى المراد خير تعبير فالأرض في
،
)22(
ذلك اليوم (تتحرك بحركة مزعجة)
لب والإمالة
َ
وكذلك الرج فيه إشارة إلى الق
ما
ً
دائما
ً
فعند رجنا لقنينة الدواء مثلا
نميلها ولا نقوم بالرج بصورة عمودية.
) فهو التفتيت
ْ
س
َ
وكذلك (الب
، وهو (عود الجسم بدقونحوه
)23(
والطحن
،
)24(
متلاشية كالدقيق)
ً
أجزاء صغارا
وكما هو معروف أن الفاء من الأصوات
تعيض عن هذه العبارة
ْ
المفخمة فقد أس
) لأن الباء من
ْ
س
َ
) بلفظة (الب
ْ
ت
َ
أي (الف
الأصوات الشديدة وهي تختلف عن
الفاء التي تكون من ضمن الأصوات
.
)25(
الرخوة
، وقد
)26(
للحمار)
ٌ
(هو جر
ْ
س
َ
والب
قادة
ُ
استعمل هنا للدلالة على أنها م
الحمار الذي لا
ٌ
خاضعة فشابهت حال
حول له ولا قوة.
)، من (هبو:
ً
اء
َ
ب
َ
وفي قوله تعالى: (ه
ٌ
ه دخان
ّ
: غبار ساطع في الهواء كأن
ُ
ة
َ
و
ْ
ب
َ
اله
، فالهباء
)27(
راب)
ّ
دقائق الت
ُ
،...، والهباء
)28(
بار
ُ
رة من الغ
َّ
راد به الغبار أو الذ
ُ
إما ي
فيدل على الكل والجزء بلفظة واحدة
وهو ما يتناسب مع حال السموات
والأرضين كما يتناسب مع القدرة الإلهية
لاحظ أن الهاء
ُ
التي لا يفوقها شيء في
والغين من الأصوات الرخوة والباء من
19
الدلالة الصوتية في سورة الواقعة
1...,20,21,22,23,24,25,26,27,28,29 9,10,11,12,13,14,15,16,17,18,...132
Powered by FlippingBook