مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 18

وقد انتقى القرآن الكريم لفواصل هذه
تميزت بوقعها
ً
السورة المباركة حروفا
للسمع عند
ً
النغمي لتكون أكثر وضوحا
.
)7(
الوقوف عليها
لقد توزعت الفاصلة القرآنية ما بين
(التاء، والنون، والميم، والألف، والباء،
والدال، واللام، والهمزة) والذي حظي
بنسبة أكبر هو صوت النون وأقل صوت
ا الهمزة واللام إذ ذكرا مرة
ً
هما صوت
واحدة، وهذه الفواصل لها دلالة صوتية
كبيرة فهي (صور تامة للأبعاد التي تنتهي
بها جمل الموسيقى، وهي متفقة مع
ً
عجيبا
ً
آياتها في قرار الصوت اتفاقا
يلائم نوع الصوت والوجه الذي يساق
.
)8(
عليه)
2- التركيز على أصوات معينة:
إن استغلال الكلمات بحروف دون
غيرها يكسبها ذائقة سمعية، فتكون لها
استغلالية صوتية خاصة تجعلها مختلفة
عن غيرها من الكلمات المتفقة معها
في المعنى نفسه، فهي ربما تكون أكثر
ا في الصدى أو البعد الصوتي أو
ً
تأثير
بتكثيف المعنى أو بإقبال العاطفة، فهي
مرة تصك السمع وأخرى تهيئ النفس أو
ً
تضفي دلالة الفزع من شيء، أو توجها
.
)9(
في شيء
ً
لشيء أو طمعا
وإن السياق الذي جاءت به السورة
المباركة، هو وصف القيامة الكبرى التي
فيها بعث الناس وحسابهم وجزاؤهم،
شيء من أهوالها، فتذكر
ً
فتذكر أولا
تقليبها للأوضاع والأحوال بالخفض
والرفع وارتجاج الأرض وانبثاث الجبال
وتقسم الناس ثم الاحتجاج على أصحاب
الشمال المنكرين لربوبية البارئ وللبعث
ثم تختم الكلام بذكر الاحتضار بنزول
، لذلك كان التركيز في هذه
)10(
الموت
السورة المباركة على أصوات تناسب
الحديث عن هذه الأمور.
3- الصيغة الصوتية الواحدة:
وهي (تسمية الكائن الواحد، والأمر
المرتقب المنظور بأسماء متعددة ذات
صيغة واحدة، بنسق صوتي متجانس
للدلالة بمجموعة مقاطعه على مضمونه
وبصوتيته، على كنه معناه ومن ذلك
تسمية القيامة في القرآن بأسماء متقاربة
.
)11(
الصدى)
فإن استعمال صيغة معينة للتعبير
عن أمر معين يكون لسبب معين يريد
المتكلم إيصاله، فهذه الصيغ كالقارعة،
والآزفة، والراجفة، ومنضمنها الواقعة،
(تهزك من الأعماق، ويبعثك صوتها من
إلى اليوم الذي
ً
الجذور، لتطمئن يقينا
لا مناص عنه، ولا خلاص منه، فهو
واقع يقرعك بقوارعه، وحادث يثيرك
برواجفه ،...، الصدى الصوتي، والوزن
المتراص، والسكت على هائه أو تائه
، فكأنما ارتبط سماع هذا
)12(
القصيرة)
بوقوع أمر جلل فأصبح
ً
اللفظ إيذانا
المتلقي يخشى من هذه العبارة خشيته
من يوم القيامة نفسه، فالمعنى اللغوي
ِ
روف
ُ
من ص
ُ
ديدة
َّ
للواقعة (النازلة الش
، وهي عند وقوعها تزلزل
)13(
هر)
َّ
الد
الناس وتقلب أحوالهم فتخفض المرتفع
، فعبر عما يحدث
)14(
وترفع المنخفض
في ذلك اليوم من اضطراب بصيغة
صوتية مناسبة لما يحدث فيه من انقلاب
وقبله (وأكثر ما جاء في القرآن من هذه
الصيغة جاء في الشدة والعذاب، وصوت
.
)15(
اللفظ يوحي بهذا المعنى)
العدد (٧٧) شهر ذو القعدة - ذو الحجة 8341ه
18
1...,19,20,21,22,23,24,25,26,27,28 8,9,10,11,12,13,14,15,16,17,...132
Powered by FlippingBook