مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 96

مجلة ينابيع
96
العدد (56) ذو القعدة ــ ذو الحجة 6341هـ
وتزاحمت صفوفها وأفئدتها حماسة
وشوقا للنظر إلى طلعته البهية، ممتطيا
ظهر ناقته التي تزاحم الناس حول زمامها
كل يريد التشرف باستضافته. وبلغ الموكب
دور بني سالم بن عوف، فاعترضوا طريق
الناقة قائلين: (يا رسول الله، أقم عندنا،
فلدينا العدد والعدة والمنعة) ويجيبهم
وقد قبضوا بأيديهم
F
الرسول الكريم
على زمام الناقة:
ويقصد
)7(
(خلوا سبيلها فإنها مأمورة)
اتركوا زمام الناقة، فإنها مسيرة إلى
المكان الذي اختاره الله.
للمقادير الالهية
F
لقد ترك النبي
اختيار مكان نزوله، وترك زمام ناقته
وأرسلها، فلا يلوى عنقها، ولا يستوقف
خطاها، وتوجه إلى الله بقلبه، وابتهل
بلسانه، قائلا:
أي اجعل
)8(
(اللهم خر لي، واختر لي)
أمري خيرا وألهمني فعله، واختر لي
الأصلح.
والناقة تهف في المسير حتى دخلت
المدينة فبركت على باب أبي أيوب
الأنصاري، ولم يكن في المدينة أفقر منه،
فانقطعت قلوب الناس حسرة على مفارقة
.
F
النبي
F
وظهر من هذه الرواية حكمة نزوله
عند أبي أيوب دون غيره وهو كونه أفقر
رجل في المدينة وفي ذلك حكم كثيرة
يدركها كل ذي رأي.
وتقدم سعيد الحظ خالد بن زيد -أبو
أيوب الأنصاري- مهرولا مستبشرا بهذا
وأمتعته
F
الفخر، ورفع أثقال الرسول
وأدخلها إلى داره.
لا يفوتنا أن نذكر، أن هذا لم يكن أول
، بل
F
لقاء لأبي أيوب مع النبي الكريم
سبقه لقاء في العقبة الثانية حينما خرج
مع وفد يثرب البالغ عددهم سبعين رجلا
F
من الانصار، لمبايعة الرسول العظيم
في مكة(بيعة العقبة الثانية) والذين شدوا
مبايعين له
F
أيديهم على يمين الرسول
ومناصرين، ومانعين إياه وعن دينهم ما
يمنعون به عن أهليهم. ولقد شرف رسول
يثرب وأهلها، باتخاذها مستقرا له
F
الله
وعاصمة لدين الله، وخص منهم دار أبي
أيوب الأنصاري لتكون أول دار سكنها
.
F
المهاجر العظيم والرسول الكريم
أن ينزل
F
لقد آثر الرسول الكريم
في دورها الأول، ولكن ما كاد أبو أيوب
يصعد إلى غرفته في الدور العلوي حتى
أخذته الرجفة والرهبة وتصور كيف
يسمح لنفسه قائما أو نائما في مكان يعلو
من المكان الذي يسكن فيه رسول العظمة
F
وينام ؟ نزل وأخذ يلح ويتوسل بالنبي
ويرجوه ويقول: (يا رسول الله، لا ينبغي أن
نكون فوقك، ينبغي أن ننقل أمتعتك. تنتقل
،
)9(
إلى الطابق العلوي ليستريح ضميري)
لرغبته ورجائه وأمر أن تنقل
F
فاستجاب
أمتعته إلى الطابق العلوي.
ومكث النبي عنده فترة من الزمن ريثما
يتم بناء المسجد، وبجواره بنى مساكنه ثم
F
انتقل إلى مسكنه. وقد آخى رسول الله
بينه وبين مصعب بن عمير يوم المؤاخاة
الأولى، كما سمى يثرب، وبدل اسمها
إلى (المدينة المنورة)، وسماها المسلمون
.
F
مدينة الرسول
مواقفه:
ومنذ أن بدأت قريش تتنمر على
الإسلام وتشن غاراتها على دار الهجرة
بالمدينة، وتؤلب القبائل وتتحالف مع مردة
أهل الكتاب، وتجيش الجيوش لتطفئ نور
1...,97,98,99,100,101,102,103,104,105,106 86,87,88,89,90,91,92,93,94,95,...132
Powered by FlippingBook