مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 102

مجلة ينابيع 102 العدد (56) ذو القعدة ــ ذو الحجة 6341هـ
يشير إلى أن الإنسان في هذه الدنيا مهما
كان دينه وعقيدته فهو بين الجزع والصبر
وإذا فقد أحدهما حل الآخر بدله،
فلابد للإنسان من الصبر على المصيبة
والاستعانة بالله سبحانه وتعالى للحصول
على الصبر عند التعرض لها، ومن دونه
لا يحصل على الثواب والأجر، وبعض
الأشخاص صار الجزع عنده ملكة فهم
يجزعون ويتألمون من كل شيء، فتراهم
يغضبون من أي شيء يمر في حياتهم،
لجزعهم ً فالظروف الطبيعية تكون سببا
وظهور الحدة والعصبية عندهم، فالحر
والبرد والعاصفة الترابية تجعلهم يفقدون
توازنهم ويشعرون بالضيق والحرج
الشديد مع أن هذه الأمور وغيرها من
الظروف الطبيعية التي تحصل في اليوم
الذي يمر في حياتهم، ولذلك أوصى
بالصبر فقال: Aمولانا أمير المؤمنين
َم ْ ع ِ وه، ون ُ ر ْ كَ م ْ ى الَل َ ع َ رُّب َ ص َّالت َ ك َ س ْ فَ ن ْ د ِّ و َ (وع
A فالإمام)7() ِّق َ ح ْ ي ال ِ ف ُ رُب َ صَّ الت ُ ق ُ ل ُ خ ْ ال
يدعو الإنسان الفاقد للصبر على التعود
على الصبر حتى تحصل عنده ملكة الصبر
وهذا يتم بالممارسة خطوة بعد خطوة
وبعد أن يعلم الإنسان أن الصبر فضيلة
ومنقبة يجب على المؤمن التحلي بها
والابتعاد عن الجزع فأنه رذيلة ومنقصة
Bللنفس ولذلك صبر أهل البيت
وشيعتهم على أشد الظروف وتحملوا
أنواع المصائب والمحن من الولاة
والحكام الظلمة الذي حاربوا الشيعة
خلال حكمهم وعلى كل مسلم يريد أن
يتعلم الصبر أن يراجع سيرتهم وحياتهم
فيتعلم منهم الصبر.
الصبر الجميل:
ورد تعبير الصبر الجميل في القرآن
عندما جاء Aالكريم في سورة يوسف
بدم A أخوة يوسف لأبيهم يعقوب
كذب، كما يحكي لنا القرآن ذلك، قال
، ٍب ِ ذ َ ك ٍ م َ د ِ ب ِ ه ِ يص ِ م َ ى ق َ ل َ وا ع ُ آؤ َ ج َ (و تعالى:
ٌر ْ ب َ ص َ ف ً را ْ مَ أ ْ م ُ ك ُ س ُ نفَ أ ْ م ُ كَ ل ْ ت َ ل َّ و َ س ْ لَ ب َ ال َ ق
) َون ُ ف ِ ص َ ا ت َ ى م َ ل َ ع ُ ان َ عَت ْ س ُ مْ ال ُ
ال َ و ٌ يل ِ م َ ج
(يوسف: 81).
أحس بما جرى Aفالنبي يعقوب
Aعليه من مصيبة بفقدان ولده يوسف
وإن البلاء لا يمكن الفرار منه، ولا سبيل
له سوى الصبر والتمسك بالله والاستعانة
به، وتحمل هذه المصيبة والبلاء الذي
وهذا ما Aوقع عليه بفقدان ابنه يوسف
ورجع إليه A ، فصبر يعقوب ً حصل فعلا
ابنه بعد تلك الفترة الطويلة من الفراق
والبعد بينهما وحصل على الثواب وفاز
بنعيم الأبد والمقربة من الله بصبره، قال
ْوف َ خ ْ ال َ ن ِّ م ٍ ء ْ ي َ ش ِ ب ْ م ُ كَّ ن َ و ُ ل ْ ب َ ن َل َ (و تعالى:
ِس ُ الأنف َ و ِ الَ و َ مَ الأ َ ن ِّم ٍ ص ْ ق َ ن َ و ِ وع ُ ج ْ ال َ و
ا َ ذ ِ إ َ ين ِ ذ َّ * ال َ ين ِ ر ِ اب َّالص ِ ر ِّ ش َ ب َ و ِ ات َ ر َ مَّالثَ و
ِه ْ ي َ ل ِ ـا إ َّ ن ِ إ َ و ِ ِ ا ل َّ ن ِ إْوا ُ الَ ق ٌ ة َ يب ِ ص ُّ م م ُ ه ْ تَاب َ صَ
أ
ن ِّ م ٌ ات َ وَل َ ص ْ م ِ ه ْ ي َ ل َ ع َ ك ِ ـئَول ُ
* أ َ عون ِ اجَر
) َون ُ د َ ت ْ ه ُ م ْ ال ُ م ُ ه َ ك ِ ـئَ ول ُ
أ َ و ٌ ة َ م ْ ح َ ر َ و ْ م ِ هِّ ب َّ ر
(البقرة: 551) واختلف المفسرون في
تفسير معنى الصبر الجميل على ثلاث
: ِمعان
التفسير الأول:
الصبر الجميل (هو الصبر الذي لا
يخالطه الجزع ولا الشكوى من المصيبة)
فالإنسان ما دام في هذه الدنيا فهو )8(
متعرض لأنواع المصائب والويلات
ولا سبيل للفرار منها، لأن الله سبحانه
وتعالى جعل الدنيا دار بلاء وجعل الآخرة
دار جزاء، والإنسان عليه أن يستعد للبلاء
وكلما ازداد إيمان الإنسان ازداد بلاؤه