مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 120

مجلة ينابيع
120
العدد (56) ذو القعدة ــ ذو الحجة 6341هـ
وبخاصة الناحية العقدية من
B
البيت
هذه المدرسة، إذ حاول أعلام هذه المدينة
معالجة خصائص الفكر الإمامي وإبرازها
في مسائل العقيدة وذاتيته المتميزة عن غيره
ا المعتزلة.
ً
من الفرق الإسلامية وخصوص
وفي هذا رد على من قال بتبعية الفكر
الإمامي للمعتزلة وهذه الشبهة متأتية من
تشابه المنهج المتخذ من المذهبين كليهما
في معالجة بعض القضايا العقدية وهذا
ما اتفق عليه الباحثون من أن الضرورات
التاريخية قد ألحت على المسلمين في
القرن
ً
مرحلة ما من تاريخهم وخصوصا
الثاني الهجري من الانفتاح على البحث
العقلي الكلامي والانتقال في مباحث
العقيدة وطريقة التفكير الديني إلى مرحلة
جديدة تمتاز باستحداث منهج جديد في
الفكر لم يسبق للمسلمين معرفته، ويمكن
:
)1(
إجمال هذه الضرورات بما يأتي
انفتاح المسلمين على حضارة
: ً
أول
اليونان الذي تمثل بوضوح في حركة
الترجمة السريعة لتراثهم العلمي لا سيما
ما يختص منه بالفلسفة والمنطق والعقيدة.
بروز حركة الإلحاد والزندقة في
: ً
ثانيا
الوسط الإسلامي، وقد حرص زعماؤها
على استغلال الطريقة العلمية المنطقية في
دعم تشكيكاتهم ومقولاتهم.
تطور العقيدة الإسلامية إثر
: ً
ثالثا
الابتعاد عن عصر النصوصومواجهة أسئلة
عقائدية بدأت تتزايد بصورة طبيعية، تنبثق
باستمرار، الأمر الذي دفع إلى محاولة
الإجابة الشاملة عن تلك الأسئلة.
وأمام هذه التحديات التاريخية ظهر
:
)2(
اتجاهان لتحديد الموقف هما
ومثله
1. التجاه التقليدي المحافظ:
السلف والمحدثون.
ومثله
2. التجاه التحرري المنفتح:
(العدلية) كما اصطلح عليهم.
وكل من الاتجاهين كان يقصد الدفاع
عن ساحة العقيدة واكتساب النصر لها
وإنما اختلفوا في طريقة ذلك، فالمحدثون
رأوا أن مهمة الدفاع عن العقيدة تقتضي
الباب
ّ
وسد
ً
الإمساك بالزمام سريعا
أمام موجة الانفتاح الفكري، وأمام كتب
اليونان، وأمام العقلية الجديدة، وأمام
شبهات الإلحاد الموسومة بالطابع المنهجي
ً
والبقاء المطلق على ظاهر النصوص (قرآنا
الاتجاه
ّ
ضد
ً
وسنة)، ومن هنا أعلنوها حربا
الثاني المتمثل بالمتكلمين حتى قيل لا تجوز
الصلاة خلف المتكلم، ومن هنا جاءت
الدعوات إلى نبذ علم الكلام والمتكلمين
في تاريخنا الإسلامي.
أما الاتجاه الثاني فقد رأوا أن المواجهة
الصحيحة تقتضي الترحيب بالمنهج العلمي
ومن ثم الانطلاق منه
ً
الجديد وهضمه جيدا
والطريقة نفسها لدعم المعتقد الديني.
وبين هذين الاتجاهين نجد مدرسة أهل
المتفهمين لأبعاد
B
البيت متمثلة بالأئمة
هذه الضرورات التاريخية والفكرية، بدليل
أنهم كانوا هم المرجع العلمي للعلماء كافة
وبمختلف الميادين حتى نجد أن الحسن
البصري الذي هو من أبرز العلماء والوعاظ
في عصر التابعين يكتب للإمام الحسن بن
يسأله عن رأيه في
A
علي بن أبي طالب
مسألة القضاء التي أغلقت عليه، وكذلك
فإن عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة يستعلم
من الإمام السادس من أهل البيت جعفر
عن عدد كبير من قضايا
A
بن محمد
في
B
التفسير وغيره، لذا كان موقفهم
مواجهة المشكلة يعتمد على أساس الثقة
بالمعتقد الديني والثقة في الوقت ذاته
1...,121,122,123,124,125,126,127,128,129,130 110,111,112,113,114,115,116,117,118,119,...132
Powered by FlippingBook