مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 122

مجلة ينابيع
122
العدد (56) ذو القعدة ــ ذو الحجة 6341هـ
.
)5(
وتشريدهم في البلاد)
مدرسة
ً
هذا التصور أجابت عنه عمليا
الشيعة التي أخذت على عاتقها التفرغ لكل
من المهمتين، والتوفيق بين العقل والدين.
وبهذا يمكن أن نسجل نقطة امتياز
للشيعة على المعتزلة الذين يسيرون على
الخط نفسه، إذ لوحظ أن الاهتمام الكلامي
عن
ً
عند المعتزلة أحدث عندهم انحسارا
المهمة الفقهية فتركوا الساحة لغيرهم ـ إلا
ما ندر ـ وربما كانوا يعولون في ذلك على
تفرغ المحدثين لهذه المهمة.
2- وبحكم صعوبة البحث الكلامي،
وجدته في الوقت نفسه، وخطورة
موضوعه، كان إطلاق العنان لكل الناس
غير صحيح،
ً
في خوضه والإمعان فيه شيئا
ولعل هذه الخطورة هي التي حدت بالسلف
والمحدثين إلى الوقوف بوجه البحث
، وبلا شك،
ً
الكلامي وعده بدعة وضلالا
ً
مساعدا
ً
كان الإيغال في هذه المباحث سببا
في ظهور حركة الإلحاد والزندقة التي
سندت نفسها بطابع العلمية والمنهجية،
منها، كان
ً
لهذه العواقب، وتحفظا
ً
وتحسبا
يرقبون باهتمام
B
الأئمة من أهل البيت
و
ً
المشتغلين بعلم الكلام، فيجيزون بعضا
ينهون آخرين.
نهى
A
فقد روي إن الإمام الصادق
عن الكلام وأمر آخر به، فقال له
ً
رجلا
ً
بعض أصحابه : جعلت فداك، نهيت فلانا
عن الكلام وأمرت هذا به ؟ فقال : هذا
أبصر بالحجج وأرفق منه.
وهناك رواية أخرى عن عبد الأعلى
مولى آل سالم، قال: قلت لأبي عبد الله
ّ
الناس يعيبون علي
ّ
: إن
A
(الصادق)
ا مثلك
ّ
م الناس، فقال: أم
َّ
بالكلام وأنا أكل
لا
ّ
ا من يقع ثم
ّ
يطير فنعم، وأم
ّ
من يقع ثم
، وبهذا نستطيع أن نفسر بعض
)6(
يطير فلا
في النهي عن
B
ما ورد عن أهل البيت
الاشتغال بعلم الكلام.
B
وهنا نلاحظدور مدرسة أهل البيت
في مواجهة التحديات الجديدة التي
هجمت على الأمة الإسلامية في عصورها
هم الحصن
B
الأولى فكان أهل البيت
الذي تلتجئ إليه الأمة، واستمر هذا الدور
مع مدرسة النجف الأخرى في مختلف
B
العصور، لأنها تمثل خط أهل البيت
بكل أبعادها بل إن الوظيفة الأساسية
الشبهات التي
ّ
للمرجعية الدينية هي رد
تواجهها الأمة والحفاظ على عقيدة
المسلم مما يضرها من نظريات سواء
كانت فكرية أو سياسية أو غيرها مما
يأتي باسم التحديث والتجديد والتطوير
وهذا ما فعلته الحوزة الدينية في التاريخ
مع بدايات القرن
ً
الحديث وخصوصا
العشرين بالتصدي للأخطار الفكرية التي
واجهت الأمة الإسلامية متمثلة بالوجودية
وحركات الإلحاد والنزعات التجريبية
والوضعية والشيوعية وغيرها من نزعات
تبتعد عن الدين وعن العقيدة فانبثقت عن
ذلك أسئلة عقائدية جديدة وجب التصدي
لها ورفضها كما حدث لعدد غير قليل من
>
علمائنا المحدثين و المعاصرين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد /محمد بن الحسن
الطوسي/ ص1 من التقديم.
(2) المصدر نفسه / ص 2-3.
(3) المصدر نفسه/ ص 4ـ7.
(4) سير أعلام النبلاء/الذهبي/ج01 ص92.
(5) المصدر نفسه.
(6) بحار الأنوار/المجلسي/ج2 ص631.
1...,123,124,125,126,127,128,129,130,131 112,113,114,115,116,117,118,119,120,121,...132
Powered by FlippingBook