مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 41

ملف العدد
41
فصارت القصور المشيدة فوق السن
العالي تطل على جنان نضرة من الحدائق
.
)10(
والبساتين
ـ - 248
ولما مات المعتصم سنة (722 ه
م) لم تكن المدينة قد اكتمل بناؤها بعد،
وقد قيل إنه أنفق على مشاريع البناء مبلغ
(000005) دينار، لكن حمى التعمير والإنشاء
كانت تتسارع من بعده، ففي مدة وجيزة
كانت سامراء قد أخذت تنافس بغداد في
فخامة قصورها، وجمال مبانيها، فقد أنفق
ـ
خيالية قدرت ب
ً
عليها الخلفاء الثلاثة أموا
ا
ً
، أي ما يعادل نحو
)11(
(402) مليون درهم
من (8) ملايين باون استرليني.
وهكذا عاشت سامراء بحلتها الفاخرة
عروس مدن الخلافة الإسلامية مدة خمسة
ا، تعاقب الخلافة فيها
ً
وخمسين عام
ثمانية من الخلفاء هم المعتصم، والواثق،
والمتوكل، والمنتصر، والمستعين،
والمعتز، والمهتدي، والمعتمد.
عودة عاصمة الخلافة إلى بغداد
ومنذ أن انتقلت عاصمة الخلافة
العباسية على عهد المعتمد من سامراء إلى
بغداد سنة 078 للميلاد، لم يبق لسامراء
شأن يذكر ولم تعد تلفت إليها الأنظار
ا. ولذلك نجد أن اسمها ينقطع
ً
نادر
ّ
إ
حينما
ّ
وروده في التواريخ جميعها إ
يشار فيها إلى حوادث ورجال أصبحوا
في ذمة التاريخ نفسه. وحينما دالت دولة
بني العباس، واكتسحت سيول التركمان
والمغول بلاد العراق فقوضت دعائم
الخلافة العباسية في بغداد، خمل ذكر
ا
ً
ا نائي
ً
العراق بأجمعه ولم يعد سوى إقليم
من أقاليم الدولة التركمانية، أو ولاية من
الولايات المهملة تنتمي إلى الدولة العثمانية
مترامية الأطراف.
لكن سامراء مع انحطاط شأنها على
هذا المنوال، وانقلابها إلى محطة صغيرة
من المحطات التي تقف فيها وسائل النقل
النهرية في بعض الأحايين بين الموصل
وبغداد أو بغداد واسطنبول فقد بقيت
كعبة للزوار الذين كانوا وما زالوا يفدون
إليها من أنحاء العالم الإسلامي جميعه
لزيارة الأضرحة المطهرة فيها، التي بقيت
ا لانتصار العقيدة الحقة على الظلم
ً
رمز
.
)12(
والفساد
ا معطلـــة
ً
أضحت منازلهـم قفـر
وساكنوها إلى الجداث قد رحلوا
ناداهم صـارخ من بعد ما قـبروا
أين الســرة والتيجــان والحـلـل
ـ /049م)
وقيل إنه ما حلت سنة (823 ه
وفي سامراء عروس المدن لم يكن
ّ
إ
سوى خان للمبيت، وصارت البوم تنعق
بخرائبها وكأنها مدينة أشباح نزل عليها
غضب الجبار.
وقد مر بها الرحالة أبو الحسين محمد
بن أحمد بن جبير الأندلسي البلنسي
يوم الخميس 81 صفر من سنة (085
ـ /4811م) فوصفها بقوله: (مدينة سر
ه
من رأى، وهي اليوم عبرة من رأى: أين
معتصمها، وواثقها، ومتوكلها؟! مدينة
بعض
ّ
كبيرة قد استولى الخراب عليها إ
جهات منها هي اليوم معمورة. وقد أطنب
المسعودي، رحمة الله، في وصفها
ووصف طيب هوائها ورائق حسنها.
الأثر من
ّ
وهي كما وصف وإن لم يبق إ
محاسنها، والله وارث الأرض ومن عليها،
.
)13(
لا إله غيره...)
ا صغيرة متواضعة، موصدة
ً
دار
ّ
َ
لكن
الأبواب، فيها شباك صغير يطل منه
تاريخ مدينة سامراء
1...,42,43,44,45,46,47,48,49,50,51 31,32,33,34,35,36,37,38,39,40,...148
Powered by FlippingBook