مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 11

ّ
فذكر القرآن باللفظ المفرد (جبل) ست
مرات معرفة ونكرة، وبلفظ الجمع
ا وثلاثين مرة،
ً
(الجبال) معرفة ونكرة ثلاث
ة بلفظ
ّ
وبلفظ الرواسي تسع مرات، ومر
ة واحدة بلفظ الأوتاد.
ّ
الشامخات ومر
وبلفظ الطور عشر مرات، وطور سيناء
ة واحدة وبلفظ الطود مرة واحدة،
ّ
مر
وبلفظ الأعلام مرتين وبلفظ الكهف
خمس مرات وبلفظ الأحقاف مرة واحدة
وبلفظ الريع مرة واحدة وبلفظ الربوة
. هذا إذا استثنينا القاف
)1(
مرة واحدة
والرقيم.
ية قد استخدمت
ّ
وهناك مدلولات لغو
نا
ّ
في الذكر الحكيم لوصف الجبال، تحث
ل، منها لفظة الأوتاد،
ّ
ر والتأم
ّ
على التدب
واسي، وتسبيح الجبال وألوانها.
ّ
والر
وظاهرة الجبال، التي تكررت
ا في آيات عديدة من القرآن
ً
كثير
الكريم، جاءت بعبارات متفاوتة
حسب مقتضيات الآية، نحو: الجبال
والأوتاد، والرواسي، والشامخات.
وكما نراها في الصورة الآتية، يقول
َ
ض
ْ
ر
َ
ْ
ال
ِ
ل
َ
ع
ْ
ج
َ
ن
ْ
م
َ
ل
َ
الله تبارك وتعالى:
،
(النبأ:6ـ 7)
ا)
ً
اد
َ
ت
ْ
و
َ
أ
َ
ال
َ
ب
ِ
ج
ْ
ال
َ
ا * و
ً
اد
َ
ه
ِ
م
ن
َ
أ
َ
ي
ِ
اس
َ
و
َ
ر
ِ
ض
ْ
ر
َ
ي ال
ِ
ى ف
َ
ق
ْ
ل
َ
أ
َ
وقوله:
َ
ي
ِ
اس
َ
و
َ
، وقوله:
(النحل:51ـ61)
) ْ
م
ُ
ك
ِ
ب
َ
يد
ِ
م
َ
ت
ا)
ً
ات
َ
ر
ُ
اء ف
َّ
م م
ُ
اك
َ
ن
ْ
ي
َ
ق
ْ
س
َ
أ
َ
و
ٍ
ات
َ
خ
ِ
ام
َ
ش
.
(المرسلات:72)
وظاهرة الجبال ظاهرة عجيبة، وما
استطاع الإنسان أن يصل إليها كحقيقة
معرفة إلا بعد التقدم والتطور العلمي
والتقني الهائل الذي حصل في القرنين
ا أن الله سبحانه
ً
الأخيرين. وقد ثبت علمي
وتعالى قد حفظ توازن الأرض بالجبال
اسية المستقرة. فلهذه الجبال الدور
ّ
الر
في حفظ التوازن للكرة الأرضية وكذلك
مسك الطبقات حتى لا تميد بأهلها.
وللجبال فوائد عديدة يصعب علينا
ا كحفظ
ً
حصرها. ولها منافع كثيرة أيض
ماء الشتاء للصيف وتخزين المياه العذبة،
وهي تسبب الرطوبة الدائمة على وجه
الأرض، ومن هذا التدبير عمارة الكون
ووجود النبات والحيوان. وفيها من
المعادن والأحجار الكريمة ومنها تنحت
وتبنى البيوت. ومن أجل هذه الأمور
وغيرها ـ لا يعلمها إلا الله ـ نصبت
الجبال. وفي نهاية المطاف ترجف الجبال
وتنسف وفي
ُّ
بس
ُ
ثم ت
ُّ
وتزلزل وتدك
ا ويذرها
ً
منبث
ً
النهاية تكون كالسراب هباء
ا
ً
ا لا ترى فيها عوج
ً
ا صفصف
ً
ربك قاع
ا. وبعد هذا الاستعراض المجمل
ً
ولا أمت
نأخذ بالتفصيل في هذه الصفات:
1ـ نصب الجبال:
ر حول
ّ
يحثنا القرآن الكريم على التدب
نصب الجبال، وذلك بعد دعوة الناس
إلى التفحص والتأمل في آيات الله في
السموات والأرض وذلك في قوله تبارك
َ
ف
ْ
ي
َ
ك
ِ
ل
ِ
ب
ِ
ْ
ى ال
َ
ل
ِ
إ
َ
ون
ُ
ر
ُ
نظ
َ
ي
َ
ل
َ
ف
َ
وتعالى:
ى
َ
ل
ِ
إ
َ
* و
ْ
ت
َ
ع
ِ
ف
ُ
ر
َ
ف
ْ
ي
َ
اء ك
َ
م
َّ
ى الس
َ
ل
ِ
إ
َ
* و
ْ
ت
َ
ق
ِ
ل
ُ
خ
،
(الغاشية:71ـ02)
) ْ
ت
َ
ب
ِ
ص
ُ
ن
َ
ف
ْ
ي
َ
ك
ِ
ال
َ
ب
ِ
ج
ْ
ال
وجل إلى التمعن
ّ
فيشير الباري عز
المطلوب في كيفية خلق الإبل وكذلك
ارتفاع السماوات حيث ارتفعت بدون
رى مع ما لها من عظمة، وأشار
ُ
ي
ٍ
د
َ
م
َ
ع
َ
ف
ْ
ي
َ
ك
ِ
ال
َ
ب
ِ
ج
ْ
ى ال
َ
ل
ِ
إ
َ
إلى نصب الجبال فقال: و
: ُ
ب
ْ
ص
َّ
؟ جاء في لسان العرب: (الن
ْ
ت
َ
ب
ِ
ص
ُ
ن
. ويقول الطبري:
)2(
ه)
ُ
ع
ْ
ف
َ
يء ور
ّ
ع الش
ْ
ض
َ
و
(وإلى الجبال كيف أقيمت منتصبة لا
تسقط، فتنبسط في الأرض، ولكنه
جعلها بقدرته منتصبة جامدة، لا تبرح
التطور الدلالي لصفات الجبال في القرآن الكريم
11
1...,12,13,14,15,16,17,18,19,20,21 2,3,4,5,6,7,8,9,10,...148
Powered by FlippingBook