مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 76

76
مجلة ينابيع
ربيع الثاني ٩٣٤١ه
-
العدد (٨٧) ربيع الأول
. اذهبوا به فاضربوا عنقه، فتعلقت به
ّ
علي
عمته زينب وقالت: يا ابن زياد، حسبك من
A
دمائنا. فقال الإمام علي بن الحسين
لعمته: اسكتي يا عمة حتى أكلمه، ثم أقبل
عليه فقال: أبالقتل تهددني يا ابن زياد؟ أما
.
)9(
علمتأن القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة)
وظلت هذه الكلمات شعار الأحرار ونشيد
المقاومين على امتداد الأجيال.
وهكذا كان الحال في مجلس يزيد
الرأي العام الشامي
َ
ف
َّ
في الشام حين عر
والإسلامي بشاعة الجريمة التي ارتكبها
يزيد في استئصاله للعترة الطاهرة، وأيقظ
فيهم الرأي والشعور والتفكر، مما جعل
الناس يتحدثون بإعجاب وإكبار عن خطاب
الذي كان من ثمرات النهضة
A
الإمام
الحسينية، وصفحة من صفحاتها المشرقة.
وأما في جانب البكاء وإظهار التفجع
وآلام المصاب، فلم تكن تمر على الإمام
وأظهر ظلامة
ّ
مناسبة إ
A
زين العابدين
سيد شباب أهل الجنة وما جرى على أهل
بيت الوحي من إرهاب ومصائب. (فبكى
عشرين سنة ...
A
على الإمام الحسين
بكى، حتى قال
ّ
ما وضع بين يديه طعام إ
له مولى له: جعلت فداك يا ابن رسول الله
إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين،
ُ
م
َ
ل
ْ
ع
َ
أ
َ
و
ِ
ى الله
َ
ل
ِ
ي إ
ِ
ن
ْ
ز
ُ
ح
َ
ي و
ِّ
ث
َ
و ب
ُ
ك
ْ
ش
َ
ا أ
َ
م
َّ
ن
ِ
قال: (إ
)، إني ما أذكر مصرع
َ
ون
ُ
م
َ
ل
ْ
ع
َ
ت
َ
ا
َ
م
ِ
الله
َ
ن
ِ
م
.
)10(
خنقتني لذلك عبرة)
ّ
بني فاطمة إ
ّ
ولم تكن تلك الدموع دموع الذل
والضعف، بل هي دموع الاستنكار
من بني هاشم، وذرية
A
والاحتجاج فهو
:
F
أبي طالب الذي قال عنه رسول الله
(لله در أبي طالب، لو ولد الناس كلهم
ا
ً
عن كونه إمام
ً
. فض
)11(
ا)
ً
كانوا شجعان
ا قد اجتمعت فيه خصال الكمال
ً
معصوم
كلها، ومنها الشجاعة.
بعد واقعة
A
واتجه الإمام زين العابدين
كربلاء إلى إنارة الفكر الإسلامي بشتى
أنواع العلوم والمعارف، فترك للأجيال
ا من الفكر والأدب
ً
ا ضخم
ً
من بعده تراث
د على أساسها من
ّ
والعلوم الإنسانية شي
لاسيما الإمامان
B
بعده أئمة أهل البيت
مدرستهم الفقهية
C
الباقر والصادق
والحديثية.
A
وقد وجه الإمام زين العابدين
المجتمع نحو التسلح بالعلم والفكر
والمعرفة في وقت كانت الحياة العلمية
شبه معدومة، حيث اقتضت مصلحة الدولة
الأموية آنذاك القضاء على الوعي الثقافي
في الأمة.
A
لم يقتصر دور الإمام السجاد
دعاؤه مجرد
ُ
على عطاء أو صدقة ولم يك
توسل ودعاء إلى الله سبحانه وتعالى، ولم
عبادته وورعه وزهده مجرد عبادة دأب
ُ
تك
A
بكاؤه وحزنه وألمه
ُ
عليها، ولم يك
وأهل بيته
F
على سبط رسول الله
الأطهار وأصحابه الشهداء مجرد حزن،
بل كانت مناهج تربوية إصلاحية حاربت
فساد الحكم الأموي بأسمى وأجل طريقة
فاستطاع أن يزلزل عرش الحكم الأموي
ويستمر في ثورته ضدهم التي هي امتداد
أن الدور كان
ّ
إ
A
لثورة الإمام الحسين
يختلف بحسب متطلبات المرحلة فقد
أرسى وأعاد إلى الأمة الإسلامية معالم
العلم والفكر والورع والتقوى والتكافل
الاجتماعي الحقيقي بين المسلمين فأعاد
وذكرهم
F
الناس إلى عهد رسول الله
بذلك الدين الحنيف الذي جاء به رسول
رحمة للعالمين وهذه هي المرحلة
F
الله
الثانية من الثورة على آل أمية ولذلك قامت
1...,77,78,79,80,81,82,83,84,85,86 66,67,68,69,70,71,72,73,74,75,...148
Powered by FlippingBook