58
مجلة ينابيع
ربيع الثاني ٩٣٤١ه
-
العدد (٨٧) ربيع الأول
الثنائي بينهم؛ لأن هذه الاتصالات ربما
تثير حفيظة السلطات، وتكشف منظومة
الوكلاء أمام أجهزة السلطة العباسية،
ومن أوضح الأمثلة على ذلك ما صدر من
إلى الوكيلين الجليلين
A
الإمام الهادي
(أيوب بن نوح بن دراج) و (الحسن بن
راشد البغدادي)، فقد أمرهما بقطع
ّ
الإكثار بينهما، وعدم استلام الحقوق إ
من مناطق وكالتهما، وجاء في نص الكتاب
الذي رواه الكشي في رجاله: (وأنا آمرك يا
أيوب بن نوح أن تقطع الإكثار بينك وبين
كل
ُ
أبي علي، وأن يلزم كل واحد منكما ما و
.
)27(
مر بالقيام فيه بأمر ناحيته)
ُ
به، وأ
ا: السرية في العمل
ً
ثالث
لا شك أن اتباع السرية في العمل
الميداني له فوائد كثيرة في إنضاج العمل،
وحفظه من عيون السلطة وأجهزتها،
لاسيما وسط الأجواء السياسية والفكرية
،
A
الملتهبة التي عاصرها الإمام الهادي
ومن أوضح الأمثلة على نجاح منهج السرية
الذي اعتمده الوكلاء ما جرى من خروج
التوقيع بلعن فارس القزويني، فبالرغم من
ا وقتها في سامراء،
ً
أن فارس كان موجود
وله عيون على أصحاب الأئمة، واتصالات
أن الإمام الهادي
ّ
مشبوهة مع السلطة، إ
استطاع بمعونة وكيليه عثمان العمري،
وعلي بن عمرو القزويني، أن ينفذ التوقيع
ثم بقية المدن
ً
إلى مدينة قزوين أو
ا، دون أن يشعر أتباع فارس بشيء من
ً
ثاني
ذلك، وساهمت حركة الممانعة المكثفة،
التي قادها الوكلاء وبعض المخلصين من
الشيعة، ساهمت في القضاء على حركة
فارس ومحوها حتى من كتب التاريخ.
ومن مناهج العمل السري أن الإمام
ا ما يستعيض عن
ً
كان كثير
A
الهادي
أسماء الوكلاء الصريحة بألقاب يعرفها
مري لم يكن
َ
الشيعة أكثر من غيرهم، فالع
ا لعثمان بن سعيد، وإنما لقبه
ً
ا معروف
ً
لقب
، وكذا الحال مع البلالي،
A
الإمام الهادي
والعليل، والغائب، والزراري؛ كلها ألقاب
حركية تستعمل عادة للتغطية على الأسماء
الصريحة للوكلاء.
ا: حسن الاختيار
ً
رابع
إن متابعة السيرة الذاتية لوكلاء الإمام
A
تكشفللباحثأنالإمامالهادي
A
الهادي
ا في اختيارهم، فكلهم من أهل
ً
كان دقيق
الصدق والورع، وأهل الفقه والرواية،
وأصحاب شأن بين الناس، وحتى عروة
الذي انحرف آخر
)28(
بن يحيى الدهقان
ا، وساهم في
ً
عمره، كان أول أمره مستقيم
التصدي لحركة الانحراف الفكري الذي
في بعض الأوساط الشيعية.
ّ
دب
ا: رعاية الوكلاء
ً
خامس
A
كان جميع وكلاء الإمام الهادي
تحت أنظار رعايته الشريفة، سواء منهم
ا من حاضرة
ً
قته أو كان قريب
ُ
من بعدت ش
يحرص
A
المعصوم، وكان أبو الحسن
على تأمين حاجة الوكلاء من الأموال،
ويغدق عليهم مما أنعم الله تعالى به عليه،
ولهذا التأمين دور مهم في مساعدة الوكيل
على أداء دوره بشكل أفضل، فبالمال
يشتري العبيد والدواب، ويساعد الضعفاء
والمحتاجين، ويتنقل بين القرى والقصبات
لجمع الحقوق وإيصال الأوامر والفتاوى،
وبالمال يتقي شر السلطة وعمالها فيعطيهم
من الأموال ما يدفع به الضرر عن نفسه
وعن الشيعة أو يستجلب النفع له ولهم،
والأمثلة الروائية على ما نقول كثيرة، فمن
