مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 47

47
مجلة ينابيع
ر بها حياته، من
ّ
بها في هذه الحياة ويعم
خلال شهواته وغضبه فالمطلوب هو
الاعتدال في ذلك وحمل النفس ومنعها من
الانقياد للقوة الشهوية والغضبية وما يتعلق
بهما، وجعلها تسير وفق الشرع الإلهي
وردع النفس الناطقة عن المطاوعة لرذائل
الأخلاق التي تسببها تلك القوى نتيجة
التوجه نحو الدنيا كالحرص في جمع المال
وتحصيل الجاه وتوابعهما من حيل ومكر
وخديعة وتعصب وغضب وحقد وحسد
وفجور وانهماك في الشرور، وجعل الطاعة
والعمل ملكة راسخة ثابتة على وجه يوصلانه
إلى الكمال الممكن، فالنفس التابعة للقوة
الشهوية تدعى البهيمية والتابعة للقوة
ن رذائل
ِّ
الغضبية تسمى السبعية والتي تكو
الأخلاق لها ملكة يقال لها شيطانية وقد
سميت هذه النفس المتصفة بهذه الصفات
ارة، أي الأمارة
ّ
في القرآن بالنفس الأم
بالسوء إذا كانت هذا الرذائل ثابتة فيها، أما
إذا لم تكن ثابتة أو أنها تميل إلى الشر مرة
وأخرى إلى الخير، وإذا مالت إلى الخير
ندمت على ميلها إلى الشر ولامت نفسها
سميت بالنفس اللوامة، أما النفس التي
تنقاد إلى العقل ويكون طلب الخير ملكة لها
إن الالتجاء
)8(
فإنها تدعى بالنفس المطمئنة
إليه تعالى والدخول في عبودية الحق تذكرة
المناجاة بعد الاعتراف بالأخطاء وأنه تعالى
:
A
هو الغافر فيقول الإمام زين العابدين
َ
ت
ْ
و
َ
ن
َ
ع
َ
و
َ
ك
ْ
ي
َ
ل
ِ
إ
ِ
ة
َ
الإناب
ِ
ب
ُ
ت
ْ
ع
َ
ض
َ
خ
ْ
د
َ
ق
َ
َ
ك
ِ
باب
ْ
ن
ِ
ي م
ِ
ن
َ
ت
ْ
د
َ
ر
َ
ط
ْ
ن
ِ
إ
َ
، ف
َ
ك
ْ
ي
َ
د
َ
ل
ِ
ة
َ
كان
ِ
ت
ْ
الاس
ِ
ب
ْ
ن
َ
م
ِ
ب
َ
ف
َ
ك
ِ
ناب
َ
ج
ْ
ن
َ
ي ع
ِ
ن
َ
ت
ْ
د
َ
د
َ
ر
ْ
ن
ِ
إ
َ
و
ُ
وذ
ُ
ل
َ
أ
ْ
ن
َ
م
ِ
ب
َ
ف
وذ... الخ).
ُ
أع
:
A
هذا المقطع ذكرته المناجاة بعد قوله
َ
ك
ْ
ن
ِ
م
ٍ
ة
َ
ب
ْ
و
َ
ت
ِ
ب
ِ
ه
ِ
ي
ْ
ح
َ
أ
َ
ي ف
ِ
ت
َ
ناي
ِ
ج
ُ
يم
ِ
ظ
َ
ي ع
ِ
ب
ْ
ل
َ
ق
َ
مات
َ
أ
َ
َ
ك
ِ
ت
َّ
ز
ِ
ع
َ
و
َ
ي، ف
ِ
ت
َ
ي
ْ
ن
ُ
م
َ
ي و
ِ
ل
ْ
ؤ
ُ
يا س
َ
ي و
ِ
ت
َ
ي
ْ
غ
ُ
ب
َ
ي و
ِ
ل
َ
يا أم
رى
َ
لا أ
َ
و
ً
را
ِ
غاف
َ
واك
ِ
ي س
ِ
وب
ُ
ن
ُ
ذ
ِ
ل
ُ
د
ِ
ج
َ
ما أ
ِ
ة
َ
الإناب
ِ
ب
ُ
ت
ْ
ع
َ
ض
َ
خ
ْ
د
َ
ق
َ
و
ً
را
ِ
جاب
َ
ك
َ
ر
ْ
ي
َ
ي غ
ِ
ر
ْ
س
َ
ك
ِ
ل
ثم ذكر
ً
...) وقد تم ذكر التوبة أولا
َ
ك
ْ
ي
َ
ل
ِ
إ
الإنابة وحقيقة التوبة هي الرجوع عن الذنب
إلى الله تعالى أي الرجوع إلى عالم الفطرة
والروحانية، وحقيقة الإنابة هو رجوع من
الفطرة هذه والسفر إلى الله تعالى والهجرة
إليه والخروج من بيت النفس، فمنزل التوبة
.
)9(
سابق ومقدم على منزل الإنابة
وإذا كانت الإنابة هي الرجوع إلى الله
تعالى والإقبال عليه فتتم من خلال أمور
هي دوام التوجه إلى ناحية الله تعالى وطلب
التقرب منه في باطنه وقوله والأعمال
الظاهرة، وذلك بالمواظبة على الطاعات
والعبادات المقرونة بنية القربة إلى الله
تعالى، وبالجملة هو الالتزام بالأحكام
.
)10(
لمرضاته
ً
لله تعالى وطلبا
ً
الشرعية تقربا
ِ
ة
َ
الإناب
ِ
ب
ُ
ت
ْ
ع
َ
ض
َ
خ
ْ
د
َ
ق
َ
: (و
A
ولعل قوله
) ارتباط مفردة الخضوع مع الإنابة
َ
ك
ْ
ي
َ
ل
ِ
إ
لإظهار مقام العبودية، فالخضوع هو كل
ما يظهر على العبد من آثار يجعله في مقام
بها على أساس معرفته
ً
العبودية ومعترفا
مالك شؤونه وأمر وجوده
ً
وعقيدته بأن له ربا
وحياته واستمراره، أي معرفة مبدئه ومعاده
وتملك أمره في العاجل والآجل، فالعبودية
تكون مرتبطة مع الاعتراف بالربوبية
ويحصل الخضوع وتظهر آثاره سواء
بالقول أو بالفعل وما يكون على الجوارح
من الوقوع في سوء الأعمال السالفة
ً
بدلا
:
A
عندما قادته أزمة الخطايا فيقول
ُ
فاه
ْ
ه
َ
وال
َ
ي و
ِ
ضاح
ِ
ت
ْ
اف
َ
ي و
ِ
ت
َ
ل
ْ
ج
َ
خ
ْ
ن
ِ
م
ُ
فاه
َ
س
َ
وا أ
َ
ي) وما في دلالة
ِ
راح
ِ
ت
ْ
اج
َ
ي و
ِ
ل
َ
م
َ
ع
ِ
وء
ُ
س
ْ
ن
ِ
م
الاجتراح من الإشارة إلى ذلك بعد عطفها
على سوء العمل.
ِ
د
َ
ه
ْ
ش
َ
ي م
ِ
ي ف
ِ
ن
ِ
ل
ْ
خ
ُ
لا ت
َ
: (و
A
ثم يقول
ومضات من مناجاة التائبين
1...,48,49,50,51,52,53,54,55,56,57 37,38,39,40,41,42,43,44,45,46,...132
Powered by FlippingBook