مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 46

مجلة ينابيع
46
العدد (56) ذو القعدة ــ ذو الحجة 6341هـ
وبها يتحدد نوع مصيره في الآخرة ألا وهي
َ
م
َ
ي آد
ِ
ن
َ
ا ب
َ
الملكات الباطنية، فقال تعالى:
ْ
م
ُ
ك
ِ
ات
َ
ء
ْ
و
َ
ي س
ِ
ار
َ
و
ُ
ي
ً
اسا
َ
ب
ِ
ل
ْ
م
ُ
ك
ْ
ي
َ
ل
َ
ا ع
َ
ن
ْ
ل
َ
نز
َ
أ
ْ
د
َ
ق
ْ
ن
ِ
م
َ
ك
ِ
ل
َ
ذ
ٌ
ر
ْ
ي
َ
خ
َ
ك
ِ
ل
َ
ذ
َ
ى
َ
و
ْ
ق
َّ
الت
ُ
اس
َ
ب
ِ
ل
َ
و
ً
يشا
ِ
ر
َ
و
(الأعراف: 62).
) َ
ون
ُ
ر
َّ
ك
َّ
ذ
َ
ي
ْ
م
ُ
ه
َّ
ل
َ
ع
َ
ل
ِ
ال
ِ
ات
َ
آي
يقول السيد العلامة الطباطبائي في
تفسيره: (اللباس كل ما يصلح للبس وستر
البدن وغيره... والريش ما فيه الجمال
مأخوذ من ريش الطائر لما فيه من أنواع
الجمال والزينة وربما يطلق على أثاث البيت
ي
ِ
ار
َ
و
ُ
ومتاعه... وتوصيف اللباس بقوله: (ي
) للدلالة على أن المراد باللباس
ْ
م
ُ
ك
ِ
ات
َ
ء
ْ
و
َ
س
ما ترفع به حاجة الإنسان التي أخطرته
إلى اتخاذ اللباس وهي موارة سوأته التي
يسوؤه انكشافها وأما الريش فإنما يتخذه
ويقول
)4(
لجمال زائد على أصل الحاجة)
َ
ك
ِ
ل
َ
ذ
َ
ى
َ
و
ْ
ق
َّ
الت
ُ
اس
َ
ب
ِ
ل
َ
في قوله تعالى:
ً
أيضا
،(انتقل سبحانه من ذكر لباس الظاهر
) ٌ
ر
ْ
ي
َ
خ
الذي يواري سوءات الإنسان... إلى لباس
الباطن الذي يواري السوءات الباطنية التي
يسوء الإنسان ظهورها وهي رذائل المعاصي
من الشرك وغيره، وهذا اللباس هو التقوى
التي أمر بها الله تعالى، وذلك أن الذي
يصيب الإنسان من ألم المساءة وذلة الهوان
من سنخ واحد
ٌّ
من ظهور سوأته روحي
في السوأتين، إلا أن ألم ظهور السوءات
الباطنية أشد وأمر وأبقى فالمحاسب هو
الله، والتبعة شقوة لازمة، ونار تطلع على
من
ً
الأفئدة، ولذلك كان لباس التقوى خيرا
.
)5(
لباس الظاهر)
إن هذه المناجاة في أسلوبها وبلاغتها
في مفتتحها تشير إلى قضية وترشدنا إلى
معالجة النفس الإنسانية والتوجه إليه تعالى
والابتعاد عن الرذائل واكتساب الفضيلة
ا ما يترتب على ذلك من الالتفات إلى
ً
وأيض
خطوات تهذيب النفس وكان الأبرز فيها هو
أن يعيش حالة التقرب واللجوء إليه تعالى،
لا حالة البعد والتباعد عنه تعالى، وقد ورد
في مقطع آخر من أدعية الصحيفة السجادية
في ذكر التوبة بيان حالة من يقع فريسة
ْ
ن
َ
م
ُ
ام
َ
ق
َ
ا م
َ
ذ
َ
الذنوب وكيف تكون حالته: (ه
ا،
َ
اي
َ
ط
َ
خ
ْ
ال
ُ
ة
َّ
م
ِ
ز
َ
ه أ
ْ
ت
َ
اد
َ
، وق
ِ
وب
ُ
ن
ُّ
ي الذ
ِ
د
ْ
ي
َ
ه أ
ْ
ت
َ
ل
َ
او
َ
د
َ
ت
َ
ت
ْ
ر
َ
م
َ
ا أ
َّ
م
َ
ع
َ
ر
َّ
ص
َ
ق
َ
، ف
ُ
ان
َ
ط
ْ
ي
َّ
ه الش
ْ
ي
َ
ل
َ
ع
َ
ذ
َ
و
ْ
ح
َ
ت
ْ
واس
. ً
يرا
ِ
ر
ْ
غ
َ
ه ت
ْ
ن
َ
ع
َ
ت
ْ
ي
َ
ه
َ
ا ن
َ
ى م
َ
اط
َ
ع
َ
، وت
ً
يطا
ِ
ر
ْ
ف
َ
ه ت
ِ
ب
َ
ل
ْ
ض
َ
ف
ِ
ر
ِ
ك
ْ
ن
ُ
م
ْ
ال
َ
ك
ْ
و
َ
ه، أ
ْ
ي
َ
ل
َ
ع
َ
ك
ِ
ت
َ
ر
ْ
د
ُ
ق
ِ
ب
ِ
ل
ِ
اه
َ
ج
ْ
ال
َ
ك
فتداولته أيدي الذنوب
)6(
ه)
ْ
ي
َ
ل
ِ
إ
َ
ك
ِ
ان
َ
س
ْ
ح
ِ
إ
أخذته هذه مرة وهذه مرة، والكلام فيه
استعارة كالكناية شبه الذنوب بالقوم بجامع
التصرف أي وجه الشبه الجامع بينهما هو
التصرف في هذا الإنسان، وأتيت لها الأيدي
: قادته أزمة الخطايا:
A
، أما قوله
ً
تخييلا
أي جره خلفه،والأزمة
ً
من قاد البعير قودا
جمع زمام وهو ما يوضع في أنف البعير من
حبل ليقاد به وإضافة (الأزمة) إلى الخطايا
كإضافة الأيدي إلى الذنوب، وهو من
الاستعارة المكنية كأن كل خطيئة وضعت
في أنفه زماما، فهي تقوده بزمامها ويحتمل
أن يكون من باب التشبيه، أي قادته الخطايا
التي هي في التذليل كالأزمة، واستحوذ عليه
الشيطان غلبه واستعماله إلى ما يريده منه
.
)7(
واستولى عليه
إن معرفة النفس وقواها وغرائزها
يحتاجها الإنسان المؤمن لكي يتسلح بتلك
المعرفة الحقة وهي معرفة النفس ومعرفة
الربوبية، وترويض النفس ومواكبة الإرادة
الإلهية عبر الأوامر والنواهي التي تؤدي إلى
التقوى خير من الوقوع في إرادة الشيطان
وغلبة أمره على الإنسان، وترويض النفس
هو منعها من الحركات غير المطلوبة،
فالإنسان لديه عقل وقوى حيوانية يتحرك
1...,47,48,49,50,51,52,53,54,55,56 36,37,38,39,40,41,42,43,44,45,...132
Powered by FlippingBook