مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 9

من روافد اكتساب القيم
ٌ
المؤسسة التعليمية... رافد
9
أن التربية في العصر الحاضر قد احتلت
بالنسبة لها في العصور القديمة،
ً
نافذا
ً
مكانا
ونتيجة لذلك فقد تميزت التربية في العصر
الحاضر بأنها متقدمة على التعليم، بل أصبح
المتعلم محور التربية، واهتمت التربية به
كإنسان يحقق نموه الإنساني، ولكنها لم تهمل
الجانب الاجتماعي والتكيف مع الجماعة التي
يعيش بينها، كما تعاونت التربية مع علم النفس
لتقديم ما يناسب كل فرد على حدة، وتعاونت
مع علم الاجتماع لكي تضفي طابع المجتمع
على الفرد وتهتم بدمج مقومات كل منهما
في الآخر لئلا يخرج الفرد بذلك عن طابع
مجتمعه، ويعكس خلاف الواقع الذي يعيشه،
مما يمنع من تأثيره على المجتمع في المستقبل
من الناحية الفكرية والعلمية.
إن الكثير من المؤسسات التعليمية اليوم
لا ترى أهمية العمل على التربية الأخلاقية
والدينية وتكتفي بالتعليم على أساس المفهوم
السائد في المجتمعات الأخرى، وهي على
خطأ بالغ، لأن خلو التعليم من التربية مانع
من الترقي النفسي لدى الإنسان، وموجب
لتخلف الفرد عن مجتمعه، بعدما كان لدى
المجتمع الإسلامي ضوابط دينية وأخلاقية
تحدد نشاط الفرد بشكل أو بآخر، وتمنع من
خوضه لجميع المجالات، بل تقصر نشاطه
إلى
ً
في حدود الضوابط المذكورة، مضافا
أن القيم الأخلاقية والدينية ليست من قبيل
العادات والتقاليد التراثية التي ورثها المجتمع
من الأجيال الماضية، بل هي عادات وتقاليد
مستقاة من منبع الرسالة الإسلامية التي هي
الأساس في التربية الصالحة التي دعت إليها
بشتى الطرق، من القرآن الكريم، والسنة
،
B
النبوية المطهرة، وتعاليم أهل البيت
ً
فليس بعد ذلك من حق أحد سواء كان مسؤولا
بنحو من أنحاء
ً
في موقع تعليمي، أو مؤثرا
التأثير أن يمنع مزاولة نشر الثقافة التربوية
الخاصة بالقيم الإسلامية، ويعتبر أن مهام
الجامعة أو المدرسة تقتصر على التعليم،
وهي ليست كالأنشطة الحزبية والتعبوية التي
تقوم بها مجموعات خاصة لاستغلال الواقع
الشبابي، بل إن من وظيفة كل مسؤول في
المؤسسة التعليمية التركيز على الجانب
التربوي والأخلاقي الديني، وزرع بذور
الثقافة الدينية في أوساط المجتمع التعليمي،
والحثعلى الالتزام بذلك، بل ينبغي للمؤسسة
التعليمية أن تضع نسبة معدل النجاح مرتبطة
بالجانب التربوي، لما لأهمية التربية من
الأثر الفاعل في أوساط المجتمع، وتأثير
الفرد فيه، وتأثره من المدرسة أو الجامعة،
ً
وطردا
ً
وهذه الحركة الدائرية المؤثرة عكسا
في النتائج هي المثمرة في المجتمع، وهي
التي تنهض به من الأمية والتخلف إلى مصاف
المجتمعات المتحضرة والمتميزة، ومن ثم
كانت التربية الأخلاقية والدينية من أهم دعائم
التعليم، ومع فقد التعليم للتربية يصبح التعليم
فت
ّ
من أهم عناصره ومكوناته. وقد عر
ً
خاليا
التربية في بعض المعاجم العربية بأنها عملية
عن
ً
صنع الإنسان وكيف يصنع الإنسان بعيدا
فت التربية بأنها
ّ
الأخلاق والدين؟! كما عر
تحصيل للمعرفة، وتوريث للقيم، كما هي
توجيه للتفكير، وتهذيب للسلوك. فكيف إذن
نوفق بين تعليم خال من التربية الأخلاقية مع
الحصول على تعليم متوازن يحفظ لكل إنسان
مدخلاته ومخرجاته العلمية؟!
ومن هنا لابد من الاهتمام البالغ بالتربية
أثناء عملية التعليم وبرعاية المؤسسات
ل إحداهما
ّ
التعليمية، وهي عملية مزدوجة تكم
الأخرى، وتعتمد إحداهما على الأخرى، ونحن
في مجتمعات إسلامية واعية، تهمنا القيم
والمبادئ الأخلاقية، ونسعى في جميع مفاصل
حياتنا للحصول عليها، وبثها في أوساط
الأجيال المتعلمة. لذا نهيب بإخواننا في سلك
التعليم الاهتمام بذلك غاية الاهتمام، وعدم
التسامح فيه، والعمل على اكتساب المتعلم
للقيم الأصيلة بشتى الطرق العلمية والفنية،
من أجل الحصول على جيل متخلق بالأخلاق
الفاضلة، حاصل على شهادة التخرج العلمي
والأخلاقي في آن واحد.
ومن الله سبحانه نستمد العون والتوفيق
وهو حسبنا ونعم الوكيل.
المشرف العام
1...,10,11,12,13,14,15,16,17,18,19 2,3,4,5,6,7,8,132
Powered by FlippingBook