مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 17

ين
ِّ
ة عند أكثر البلاغي
َّ
نات البديعي
ِّ
المحس
َ
تلك
بما [أسموه] المناسبة والملاءمة والترابط
. ويكمن جماله في
)3(
والتلاحم، وغير ذلك)
حينما يأتي في السياق من
ّ
جرسه الموسيقي
ا يضفي على دلالة المعنى
َّ
دون تكلف، مم
ي فضاء الإصغاء،
ِّ
يمنح الملتق
ً
جديدا
ً
بعدا
ي الذي يعطي للمعنى
ِّ
ذ بالعمل الفن
ُّ
والتلذ
. ِّ
مع موسيقى النص
ً
متناغما
ً
وإيضاحا
ً
ظلالا
والجناس أنواع، منه جناس الاشتقاق،
اشتقاق في الجذر
ِ
وهو أن يجمع اللفظين
اللغوي الواحد، فيتجانس اللفظان في
ً
ّ
ك
َّ
الأصل، ويختلفان في الهيئة، إذ إن
منهما على صورة من صور الاشتقاق، مع
ة في
َّ
المحافظة على ترتيب الحروف الأصلي
ً
، وهو الجناس الأكثر انتشارا
)4(
اللفظتين
ريد
ُ
ة، وإذا ما أ
َّ
في القرآن بصورة عام
، ّ
بيان سبب كثرة ظهور الجناس غير التام
: ِ
اثنين
ِ
ه راجع إلى عاملين
َّ
فيمكن القول: إن
ق بوضوح المعنى؛
َّ
يتعل
ّ
أحدهما: دلالي
ة
َّ
ة لغوي
َّ
الاشتقاق من جذر واحد، وماد
َّ
لأن
ا يساعد
َّ
واحدة، يعني تكرير الجذر؛ مم
على رسوخه في الذهن.
ّ
ق بالجانب الموسيقي
َّ
والآخر: يتعل
فه التقارب والتآلف بين الألفاظ
ّ
الذي يخل
اته
َّ
في طي
ُّ
المتجانسة. فالجناس يضم
ا يؤثر
َّ
ة؛ مم
َ
ل
َ
َّ
رشاقة اللفظ، ووضوح الد
ة،
َّ
لى اللفظي
ُ
ه (من الح
َّ
ي؛ لأن
ِّ
في المتلق
ة التي لها تأثير بليغ،
َّ
والألوان البديعي
إلى
ً
حدث في نفسه ميلا
ُ
امع، وت
َّ
تجذب الس
ذ بنغمته العذبة، وتجعل
ُّ
لذ
َّ
الإصغاء، والت
مستساغة، فتجد
ً
العبارة على الأذن سهلة
ر به أي تأثير،
َّ
فس القبول، وتتأث
َّ
من الن
.
)5(
وتقع في القلب أحسن موقع)
الجناس في القرآن لم
َّ
لاحظ أن
ُ
ا ي
َّ
ومم
وحسب،
ّ
ه محسن لفظي
َّ
ستعمل على أن
ُ
ي
، ّ
إعجازي
ٍ
عد
ُ
ة في ب
ّ
ة المعنوي
َ
ل
َ
َّ
فقد أفاد الد
إذا كان
َّ
إلا
ِ
ن
ْ
ي
َ
فظت
َّ
الل
َ
س
ُ
تجان
ُ
ن
ِ
س
ْ
ح
َ
ت
ْ
س
َ
إذ (لا ت
، ولم
ً
حميدا
ً
هما من العقل موقعا
ْ
ي
َ
ي
َ
ن
ْ
ع
َ
م
ُ
قع
ْ
و
َ
م
.
)6(
) ً
بعيدا
ً
مى
ْ
ر
َ
ى الجامع بينهما م
َ
م
ْ
ر
َ
م
ْ
ن
ُ
ك
َ
ي
ى
َّ
ت
َ
، ح
ً
واحدا
ً
ونضرب لهذا الشأن مثالا
ز به
َّ
الذي يتمي
ّ
ضح ذلك البعد الإعجازي
َّ
يت
القرآن الكريم، فقد قال تعالى في سورة
ا
َ
م
َّ
ن
ِ
إ
َ
ى ف
َ
د
َ
ت
ْ
اه
ِ
ن
َ
م
َ
ف
َ
ن
َ
آ
ْ
ر
ُ
ق
ْ
ال
َ
و
ُ
ل
ْ
ت
َ
أ
ْ
ن
َ
أ
َ
النمل:
َ
ن
ِ
ا م
َ
ن
َ
ا أ
َ
م
َّ
ن
ِ
إ
ْ
ل
ُ
ق
َ
ف
َّ
ل
َ
ض
ْ
ن
َ
م
َ
و
ِ
ه
ِ
س
ْ
ف
َ
ن
ِ
ي ل
ِ
د
َ
ت
ْ
ه
َ
ي
.
)92: ِ
ل
ْ
م
َّ
(الن
) َ
ين
ِ
ر
ِ
ذ
ْ
ن
ُ
م
ْ
ال
ى
َ
د
َ
ت
ْ
إذ استعمل جناس الاشتقاق في: (اه
ي)، والذي جرى بين الفعل الماضي
ِ
د
َ
ت
ْ
ه
َ
ي
(اهتدى) الذي يشير إلى العمل الصالح الذي
جرى في الدنيا، والفعل المضارع (يهتدي)
الذي يشير إلى الحاضر وما سيؤول إليه
ذلك العمل الصالح من عاقبة حميدة، ولم
ستعمل الجناس في (الضلال)، إذ لم يقل:
ُ
ي
ا)، مثلما استعمل
َ
ه
ْ
ي
َ
ل
َ
ع
ُّ
ل
ِ
ض
َ
ا ي
َ
م
َّ
ن
ِ
إ
َ
ف
َّ
ل
َ
ن ض
َ
م
َ
هذا التركيب في سورتي: يونس والإسراء.
إذ قال سبحانه وتعالى فيهما:
ُّ
ق
َ
ح
ْ
ال
ُ
م
ُ
ك
َ
اء
َ
ج
ْ
د
َ
ق
ُ
اس
َّ
ا الن
َ
ه
ُّ
ي
َ
ا أ
َ
ي
ْ
ل
ُ
ي
ِ
د
َ
ت
ْ
ه
َ
ا ي
َ
م
َّ
ن
ِ
إ
َ
ى ف
َ
د
َ
ت
ْ
اه
ِ
ن
َ
م
َ
ف
ْ
م
ُ
ك
ِّ
ب
َ
ر
ْ
ن
ِ
م
ا
َ
م
َ
ا و
َ
ه
ْ
ي
َ
ل
َ
ع
ُّ
ل
ِ
ض
َ
ا ي
َ
م
َّ
ن
ِ
إ
َ
ف
َّ
ل
َ
ض
ْ
ن
َ
م
َ
و
ِ
ه
ِ
س
ْ
ف
َ
ن
ِ
ل
.
(يونس:801)
) ٍ
يل
ِ
ك
َ
و
ِ
ب
ْ
م
ُ
ك
ْ
ي
َ
ل
َ
ا ع
َ
ن
َ
أ
ْ
ن
َ
م
َ
و
ِ
ه
ِ
س
ْ
ف
َ
ن
ِ
ي ل
ِ
د
َ
ت
ْ
ه
َ
ا ي
َ
م
َّ
ن
ِ
إ
َ
ى ف
َ
د
َ
ت
ْ
اه
ِ
ن
َ
َ
ر
ْ
ز
ِ
و
ٌ
ة
َ
ر
ِ
از
َ
و
ُ
ر
ِ
ز
َ
ت
َ
ل
َ
ا و
َ
ه
ْ
ي
َ
ل
َ
ع
ُّ
ل
ِ
ض
َ
ا ي
َ
م
َّ
ن
ِ
إ
َ
ف
َّ
ل
َ
ض
) ً
ول
ُ
س
َ
ر
َ
ث
َ
ع
ْ
ب
َ
ى ن
َّ
ت
َ
ح
َ
ين
ِ
ب
ِّ
ذ
َ
ع
ُ
ا م
َّ
ن
ُ
ا ك
َ
م
َ
ى و
َ
ر
ْ
خ
ُ
أ
.
(الإسراء:51)
والسبب الرئيس في ذلك يرجع إلى
لحظ ما يأتي:
ُ
السياق، إذ ي
من سورة النمل
َ
الآية التسعين
َّ
1ـ إن
مستوفية للمعنى الذي جاءت به آيتا سورتي
الضلال مآله على
َّ
يونس والإسراء في أن
، فلا حاجة بعد ذلك إلى
ِّ
ال
َّ
الفرد الض
ها قريبة عهد من الآية
َّ
ما أن
َّ
التكرار، ولاسي
الجناس في القرآن الكريم ببعديه المعنوي والجمالي
17
1...,18,19,20,21,22,23,24,25,26,27 7,8,9,10,11,12,13,14,15,16,...132
Powered by FlippingBook