مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 21

21
تداعيات فهم الناسخ والمنسوخ في القرآن عند المستشرقين
ومن الذين بحثوا في هذه القضايا
المستشرق كولدزيهير وكان يعزو النسخ
في القرآن إلى التطور الداخلي فيه، ويرى
رغم واضطر
ُ
قد أ
E
النبي محمد
ّ
أن
الرسول نفسه قد
ّ
إلى ذلك، فقال: (إن
اضطر بسبب تطوره الداخلي الخاص
وبحكم الظروف التي أحاطت به إلى تجاوز
بعض الوحي القرآني إلى وحي جديد في
نسخ بأمر
ُ
الحقيقة، وإلى أن يعترف أنه ي
.
)1(
الله ما سبق أن أوحاه إليه)
E
القرآن بيد محمد
ّ
فهو يشير إلى أن
يفعل به كيفما يشاء بحسب الظروف التي
ع، وينسخ ما ينسخ،
ّ
ع ما يشر
ّ
تحيطه فيشر
بعد أن يتجاوز الوحي الذي جاءه من قبل.
ّ
من تداعيات هذا الرأي أنه كان يرى أن
E
لى أن يقع النسخ بعد النبي
ْ
من الأو
ع الدولة الإسلامية واحتياجها
ّ
عند توس
إلى قوانين متطورة لتساير حركة التطور،
ع من النسخ إلى أبعد من دور العصمة
ّ
فوس
النبوية، فيقول: (فإذا كان الأمر كذلك في
لى أن يكون كذلك –
ْ
عصر النبي، فمن الأو
بل أكثر من ذلك – عندما تجاوز الإسلام
ب لكي يصير قوة
ّ
حدود البلاد العربية وتأه
، وهذا التوجه في النسخ إنما ينطلق
)2(
دولية)
به من المنهج الذي يتبعه المستشرقون في
دراسة التراث العربي الإسلامي بأدوات
غربية، فمثل كولدزيهير وغيره لا يؤمنون
بالوحي، لذا كان عليهم أن يجدوا ما يتلاءم
مع مناهجهم فذهبوا في النسخ وفي غيره
من علوم القرآن هذا المنهج الذي لا
يتفق مع طبيعة الدين الإسلامي والثقافة
ا.
ً
الإسلامية عموم
المنصفين من المستشرقين لا
ّ
غير أن
ن هذا الرأي بل حصروا مسألة النسخ
ْ
يرو
بالعصر النبوي، قال المستشرق مايكل
ل عرضة
ّ
محتوى الوحي المنز
ّ
كوك: (إن
،
)3(
للتغيير من عهد نبوي الى عهد نبوي آخر)
لعصر النبوة، بعد انقطاع
ٍ
وغير متجاوز
في القرآن
ٍ
تغير أو نسخ
َّ
أي
ّ
الوحي، لأن
ذلك بعد
ُ
ل
ْ
ع
ِ
ف
ٍ
ليس لأحد
ّ
ا، وأن
ً
تحريف
ُّ
عد
ُ
ي
النبوة.
ا مونتجمري واط فكان يرى في
ّ
أم
قحم
ُ
ما كان لي
E
النبي محمد
ّ
النسخ أن
E
ه
ّ
من تأليفه في القرآن، وأن
ٍ
آيات
وحى إليه وبين ما ينتجه
ُ
ز بين ما ي
ّ
كان يمي
ا مفهوم النسخ عنده
ّ
، وأم
)4(
عقله الواعي
فهو تصويب للنص، قال: (وربما يكون قد
ب
ّ
َ
صو
ُ
ـ أن ي
E
حاول ـ أي النبي محمد
الموحى به يحتاج
ّ
النص
ّ
أن
َّ
إذا أحس
ّ
النص
، وهذا مفهوم خاطئ للنسخ،
)5(
الى إصلاح)
القرآني محفوظ بعناية الله
ّ
النص
ّ
لأن
َ
ر
ْ
ك
ِّ
ا الذ
َ
ن
ْ
ل
َّ
ز
َ
ن
ُ
ن
ْ
ح
َ
ا ن
َّ
ن
ِ
سبحانه، قال تعالى:
َ
هم
َ
، لكنه ف
(الحجر:9)
) َ
ون
ُ
ظ
ِ
اف
َ
ح
َ
ل
ُ
ه
َ
ا ل
َّ
ن
ِ
إ
َ
و
الرؤية
ّ
النسخ بمعنى إصلاح الخلل، فيما أن
ه إبدال حكم ثابت بحكم
ّ
الإسلامية له أن
ّ
ا للظروف التي أحاطت بالنص
ً
آخر، تبع
الحامل لذلك الحكم.
ويذهب إلى هذا الرأي في النسخ
ا المستشرق (رودونسون) في كتابه
ً
أيض
(محمد) الذي ينقل لنا آراءه الدكتور ساسي
سالم الحاج وقد استشهد بآراء (ريتشارد
القرآن الموجود
ّ
بيل) في ذلك فيزعم (أن
هذا
ّ
عديدة، وأن
ٍ
ض لمراجعات
ّ
بأيادينا تعر
E
تحت رعاية محمد
َ
ز
ِ
نج
ُ
العمل قد أ
هذه
ّ
إن لم يكن قام به من تلقاء نفسه، إن
المراجعات لم تكن خالية من الأخطاء
وحيه
ُ
عيد
ُ
الله ي
ّ
والنتائج السيئة فإن
ر القرآن
ّ
، فهو يتصو
)6(
ره)
ّ
ويكمله ويغي
وهو وحده
E
من تأليف النبي محمد
الذي يزيد أو ينقص أو يصحح به كيفما
1...,22,23,24,25,26,27,28,29,30,31 11,12,13,14,15,16,17,18,19,20,...132
Powered by FlippingBook