مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 68

مجلة ينابيع
68
العدد (66) المحرم ــ صفر 7341هـ
لا يصلح للقيادة، فعدم توافر شروط القيادة
الحق واضحة في حياته وسلوكه، لكن إصرار
قوى التسلط على زجه من دون روية ولا فكر
رت الجو بحيث أرادت
ّ
أضاعت الحقيقة وعك
حجب خطوط النور بظلام دعاتها وإعلامها
متوهمة أنها خبطة وينتهي كل شيء، وصاح
ا الكوفة من مكة سرى قبل
ً
داعي الحق قاصد
الغدر الذي أصاب سفيره في الكوفة، أسرع
وهو يشعر بأن انطباق الظلام على الأرض
لا ينجلي إلا بدمه الشريف، فلم يؤخره قول
الناصح بأنه ذاهب إلى المدينة التي لقي أبوه
وأخوه ما لقياه فيها، فالحق أمامه أبلج ناصع
عند خروجه
)3(
يدعوه لنصرته، ولقي الفرزدق
إلى العراق . قال أبو مخنف عن أبي خباب..
عن عبد الله بن سليم والمذري قالا: أقبلنا حتى
فلقينا الفرزدق، فواقف
)4(
انتهينا إلى الصفاح
لك
َّ
فقال له: أعطاك الله سؤلك وأم
A
حسينا
ن لنا نبأ الناس
ّ
ِ
: بي
A
فيما تحب، فقال الحسين
خلفك: فقال الفرزدق: من الخبير سألت،
قلوب الناس معك، وسيوفهم مع بني أمية،
والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء،
: صدقت، لله الأمر، والله
A
فقال الحسين
يفعل ما يشاء، وكل يوم ربنا في شأن، إن نزل
القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه، وهو
المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء
من كان الحق نيته والتقوى
ّ
دون الرجاء فلم يعتد
راحلته فقال:
A
سريرته، ثم حرك الحسين
، ورواية الأغاني
)5(
(السلام عليك، ثم افترقا)
ا إلى
ً
متوجه
A
أن لقاء الفرزدق الحسين
ا من مكة في اليوم السادس من
ً
الكوفة خارج
A
هذا أول فأل يسمعه الحسين
)6(
ذي الحجة
عند توجهه إلى الكوفة. كل ذلك لم يثبط من
عزيمته وتوجهه إلى غايته، وقد قال للفرزدق
في رواية الأغاني: (ويحك معي وفر بعير من
كتبهم يدعونني ويناشدونني الله).
ا كل الوعي غايته
ً
كان واعي
A
فالحسين
ه لصد تيار
ّ
التي قصد، لأنه كان يرى أن
الانحراف وتشويه الحقيقة لابد من تضحية،
لا يخبو في وسط
ً
هذه التضحية كانت نجما
ظلام كاد يطمس الحقيقة، وهذا ما عبر عنه
أبو العلاء المعري بقوله:
وعلى الفق من دماء الشهيدين
عـلــي ونجلـــــه شاهـــدان
شاهدان لتاريخ الإنسانية، يخبر كيف أن
الأجيال تحفظ الحقيقة وكيف يكون طريق
الشهادة لحفظها
فدماءالشهيـدتنطفـــئالـــــدنـ
ـيا ولتنطفــي لهــــا أصـــــداء
قد يرد هذا السؤال في أذهان كثير من
،
A
الناس ليزدادوا معرفة بنهضة الحسين
نهضة على الرغم من مرور ما يقارب أربعة
؟ أو
A
ا. كيف نقرأ نهضة الحسين
ً
عشر قرن
كيف ينبغي للمفكرين أن يقرؤوها؟ وهل ظلت
جوانب فيها لم تصل إليها كتاباتهم وأقلامهم؟
B
ا وهم يجدون أئمة أهل البيت
ً
خصوص
كأنهم وقفوا عند أمر الأمة بإقامة العزاء وإثارة
الأتباع لتحريك العواطف مع حركة الطف
بمقولة: (رحم الله من أحيا أمرنا)، فهل إحياء
الأمر فيه اكتفاء لمعرفة الحركات الإصلاحية
في التاريخ وفيها قيام الرسل والأنبياء؟ فكيف
نستطيع أن نفهم سنن التاريخ؟
نريد أن نعرف ما بين أحداث كانت لا تخلو
من أسرار إلهية منها خروج إبراهيم الخليل
ثم قصد
)7(
من بابل ونزوله بـ (بانقيا) (النجف)
الحجاز، فيبني الكعبة، وفي الكعبة كان مبعث
ودعوته الإسلامية، ومن مكة كان
F
الرسول
إلى العراق ـ الكوفة ليقيم
A
خروج الحسين
ده الانحراف، والكوفة
ّ
دين جده الذي هد
A
هي التي اتخذها والده أمير المؤمنين
عاصمة الإسلام، وفيها استشهد وفي الكوفة
1...,69,70,71,72,73,74,75,76,77,78 58,59,60,61,62,63,64,65,66,67,...132
Powered by FlippingBook