ذكرى عاشوراء .. إحياء المنهج الحسيني في الحياة

294

26-10-2014-4-d

في محرم من كل عام يحرص الشيعة على إحياء مراسم عاشوراء، انطلاقا من إيمانهم بمكانته الرفيعة ضمن خط الإمامة، وبظلامته الكبرى التي تحملها من أجل الإسلام، فلم يبق لأحد عذراً في التحرك من أجل الرسالة المحمدية، والتصدي لمظاهر الانحراف والخرافة والابتعاد عن القرآن الكريم والسنة المطهرة.

من هنا يصبح إحياء الذكرى التزامًا بخط صاحبها، وإلا لا يكون للإحياء معنى، بل يصبح خروجاً على نهجه ومدرسته. وعندما نحيي ذكرى عاشوراء، فإننا نعبر بالقول والفعل التزامنا بنهج الحسين عليه السلام، والسير على دربه والتمسك بتعاليمه ووصاياه، واستكمال مسيرته الإسلامية الإصلاحية.

إن أكبر شعارات الثورة الحسينية وجوهرها الحقيقي هو إصلاح ما أفسدته الظروف في أمة الإسلام، وإعادتها إلى أصالتها في الفكر والسلوك القائمين على أساس القرآن الكريم والسنة النبوية.

كانت ثورة الإمام  الحسين واضحة محددة في مسارها، فما يريده عليه السلام هو إحياء سنة الرسول صلى الله عليه وآله، ورفض أي إضافة وتحريف وتأويل لها، أما الطرف الآخر وهو السلطة الأموية فقد كانت تريد إضافة سلوكيات وتعاليم خاصة ثم تلصقها بالإسلام، مع أنها لم ترد عن الله ورسوله، إنما جاء بها أشخاص عاصروا الرسول، وكانت لهم توجهاتهم الخاصة مثل آل أمية وآل العباس من بعدهم، فقد أراد الحكام أن يجعلوا الإسلام ملائماً لطموحاتهم السياسية، بينما أراده أهل البيت صافياً أصيلاً كما جاء في القرآن وأكدته سنة الرسول.

منع الخلفاء كتابة حديث الرسول، وحرّقوا ما كتبه الصحابة من أحاديث الرسول، بحجة أن لا يختلط بالقرآن الكريم، لكن الهدف الحقيقي كان طمس معالم السنة النبوية، فلم تكن تروق لهم ولا تنسجم مع نهجهم في تحويل الخلافة إلى سلطة ملكية عائلية.

ولأن المشكلة التي واجهتها السلطات هو الموقف من الرسول صلى الله عليه وآله، حيث كان المعروف أن أئمة أهل البيت عليهم السلام هم أهل السنة وحفظتها، فقد سطا الحكام على هذه التسمية ونسبوها إلى أنفسهم وأطلقوا تسمية (أهل السنة) على أتباعهم وأنصارهم ورجال الدين في قصورهم، مستغلين المنابر والقوة والقتل والبطش ضد كل من يعارض ذلك.

لقد كان الإسلام يشرف على الضياع على عهد يزيد بن معاوية، ضمن هذا السياق التحريفي، فما كان من الإمام الحسين عليه السلام، إلا أن يخرج في نهضته الإصلاحية، معترضاً ثائراً، ليقدم الدليل العملي على أن السلطة تخالف حديث الرسول وسنته وتعاليمه ووصاياه، فلم يكن في المسلمين من يشك في قرب الحسين من رسول الله، ومكانته منه.

أراد الحسين عليه السلام، إحياء الإسلام وكشف التزييف، ووضع الأساس لذلك في ثورته واستشهاده في كربلاء، تاركاً تتمة مشروعه على عاتق شيعته ليكلموا ما بدأه، بمعنى أننا لن نكون حسينيين كما نزعم ما لم نسِر على نهجه في تحقيق أهدافه. فارتباطنا بالحسين هو ارتباط المبدأ والعقيدة والهدف.

وعلى هذا فواجب الشيعة في كل محرم أن يستحضروا قيمة النهضة الحسينية، فهي حركة إصلاح وتغيير وإعادة الأمة إلى إسلامها، وليس مجرد تواجد عددي حول قبره الشريف. لن نحظى منه عليه السلام بالتحية والسلام، ما لم نكن على نهجه حقاً وصدقاً.

الراية

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*