مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 13

13
مجلة ينابيع
A
مي للإمام الحسين
ّ
التربية القرآنية ..وبناء الفكر القي
ً
المحمدية والنشأة القرآنية، كان واضحا
ل القرآن، فكان
ْ
د
ِ
فيه الأثر القرآني وهو ع
من
ً
في خروجه على النظام الحاكم، جزءا
مسؤوليته في الإصلاح، الإصلاح الذي
للسلطة الوحيدة
ً
يجعل الله تعالى مصدرا
في جهاز ذلك الحكم، ويعتبر الشعوب
على تنفيذ
ً
عياله وشعبه ويقيم الإمام أمينا
ً
لأحكامه ومسؤولا
ً
قوانينه، وحارسا
بين يديه، يوزع على ضوء تلك القوانين
حقوق الحياة السواء بين إخوان في الدين
A
والإنسانية، وقد أعطى سيد الشهداء
ري
ْ
م
َ
ع
َ
ل
َ
صورة رائعة عن ذلك في قوله: (ف
ُ
ذ
ِ
خ
ْ
الآ
َ
، و
ِ
تاب
ِ
ك
ْ
ال
ِ
ب
ُ
ل
ِ
عام
ْ
ال
َّ
لا
ِ
إ
ُ
مام
ْ
ا الإ
َ
م
ُ
س
ِ
حاب
ْ
ال
َ
، و
ِّ
ق
َ
ح
ْ
ال
ِ
ب
ُ
ن
ِ
ائ
ّ
الد
َ
، و
ِ
ط
ْ
س
ِ
ق
ْ
ال
ِ
ب
.
)10(
) ِ
الله
ِ
لى ذات
َ
ع
ُ
ه
َ
س
ْ
ف
َ
ن
وكنظرة مقارنة، نجد أن المذاهب
نيت على أساس
ُ
الاجتماعية الوضعية، ب
المسؤولية الفردية في هذه الحياة
فحسب، وتأييدها بمؤيدات قانونية
كحجز الحرية، أو التعذيب، أو التغريم
المالي أو العزل عن الوظيفة، أو التسريح
عن العمل، أو المكافأة بالمال أو الترقية
في الوظيفة.. وما إلى ذلك، وبمؤيدات
اجتماعية كالثقة أو حجبها والتقدير أو
التحقير.
أما المذهب القرآني، فلا يقتصر على
مسؤولية الفرد أمام المجتمع الذي يعيش
ي
ّ
نم
ُ
بين ظهرانيه في هذه الحياة، وإنما ي
في الفرد المسؤولية العظمى أمام الخالق
العظيم في حياة أخرى، وحينئذ يدفعه
إلى التحديد الذاتي أو الطوعي لرغباته،
والشعور الاجتماعي نحو غيره، بغض
النظر عن القانون أو العرف أو الضمير،
لأن الضمير قد يعجز عن مواجهة الغرائز
عند فقدان العقيدة الدينية، كما أنه ليس
من الميسور توفير الرقابة الاجتماعية
ّ
مكان، وبصورة دائمة، وعليه فإن
ّ
في كل
هذه الرقابة الداخلية لا توجد في غير
العقيدة الدينية.
كما أن الدعوة لدين الله ليست حرفة
ولا مهنة، وإنما يقوم بها من يرى نفسه
لها لوجه الله وحده.. ولمصلحة
ً
أهلا
الإنسانية دون غيرها.
وكذلك كانت آثار العقيدة الدينية في
، يقول المفكر
A
فكر الإمام الحسين
عباس محمود العقاد: (إن مسألة العقيدة
لم تكن
A
الدينية في نفس الحسين
ً
ه كان رجلا
ّ
مسألة مزاج أو مساومة، وأن
يؤمن أقوى الإيمان بأحكام الإسلام
تعطيل حدود
ّ
الاعتقاد أن
ّ
ويعتقد أشد
الدين هو أكبر بلاء يحيق به وبأهله وبالأمة
العربية قاطبة في حاضرها ومصيرها،
.. فمن
F
لأنه مسلم، ولأنه سبط محمد
كان إسلامه هداية نفس فالإسلام عند
.
)11(
هداية نفس وشرف بيت)
A
الحسين
وقد تجلى مفهوم الرقابة الذاتية في
في دعائه
ً
واضحا
A
فكر الإمام الحسين
تى
َ
المعروف في يوم عرفة، إذ قال: (م
تى
َ
م
َ
و
َ
ك
ْ
ي
َ
ل
َ
ع
ُّ
ل
ُ
د
َ
ي
ٍ
يل
ِ
ل
َ
لى د
ِ
إ
َ
تاج
ْ
ح
َ
ى ت
َّ
ت
َ
ح
َ
ت
ْ
غب
ُ
ل
ِ
وص
ُ
ي ت
ِ
ت
َّ
ال
َ
ي
ِ
ه
ُ
الآثار
َ
ون
ُ
ك
َ
ى ت
َّ
ت
َ
ح
َ
ت
ْ
د
ُ
ع
َ
ب
،
)12(
) ً
يبا
ِ
ق
َ
ها ر
ْ
ي
َ
ل
َ
ع
َ
راك
َ
لا ت
ٌ
ن
ْ
ي
َ
ع
ْ
ت
َ
ي
ِ
م
َ
؟ع
َ
ك
ْ
ي
َ
ل
ِ
إ
وواضح أن هذه الرقابة لا يمكن أن
تتحقق في غير الأثر القرآني، وليس
من شأن القيم والمفاهيم المجردة الميتة
التي يؤمن بها الإنسان أن تعي تصرفات
الناس، وتراقب حركاتهم وتصرفاتهم،
وتحاسبهم على ذلك.
ا تعمل القيم القرآنية على بناء حياة
ً
إذ
الإنسان من خلال تقديم الخير وبذل
التضحية، ومقاومة الانحراف لأنها ربانية
1...,14,15,16,17,18,19,20,21,22,23 3,4,5,6,7,8,9,10,11,12,...132
Powered by FlippingBook