21
مجلة ينابيع
مراقبة أخلاقه وإنسانيته في المواقف
الشديدة وساعات المحنة، فإن بقي كما
ّ
، وإ
ً
هو في الرخاء كان من الصادقين حقا
فهو ممن يرفع الشعار في الرخاء ويسحقه
في الضراء.
وكيف
A
وهنا نعود إلى إمامنا الحسين
عن الأقرباء
ً
كان تعامله مع الأعداء فضلا
في هذا
ً
ووحيدا
ً
والأصدقاء؟ إنه كان فريدا
الباب حيث صدرت منه قيم وأخلاق لا
يتوقع أن تصدر من بشر مهما جل وعظم
وهذا يدلنا وبوضوح ومن دون أدنى ريب
على مصداقية هذا المصلح وعمق مبدئيته
وعلو نفسه وكبر همته . ونسوق لذلك بعض
الأمثلة:
(1) سقى الجيش الخارج لحربه مع
خيلهم وإبلهم في الحادثة المعروفة مع
.
)5(
ياحي
ّ
بن يزيد الر
ّ
الحر
(2) عدم الابتداء بقتال يوم عاشوراء
وقبله ونهي أحد أصحابه وهو مسلم بن
.
)6(
عوسجة عن ابتدائهم بالقتال
(3) وعظ الأعداء والتأكيد على
نصحهم في الخطب والحوارات
ومنها ما جرى بينه وبين ابن سعد
:
A
(لعنه الله) حيث قال له الإمام
(ويحك يا ابن سعد أما تتقي الله الذي إليه
معادك أن تقاتلني وأنا ابن من علمت؟
فاترك هؤلاء
F
يا هذا من رسول الله
. ّ
وجل
ّ
وكن معي فإني أقربك إلى الله عز
فأجابه عمر بن سعد: أبا عبدالله أخاف أن
: أنا أبنيها
A
تهدم داري فقال له الحسين
لك، فقال أخاف أن تؤخذ ضيعتي، فقال
منها من
ً
: أنا أخلف عليك خيرا
A
الحسين
مالي بالحجاز، فلم يجبه عمر إلى شيء من
.
)7(
ذلك)
هـ ـ ماذا قدم وماذا أخذ؟ وكيف كانت
النهاية؟
مراقبة أصحاب
ً
من الضروري جدا
الحركات والمشاريع ومدى استفادتهم
الشخصية ومدى استفادة الناس والمجتمع
منهم، فإن كانت المصالح الشخصية
والمنافع الذاتية أكبر فصاحب المشروع لا
ولا ينبغي اتباعه واختياره
ً
يصلح للأمة قائدا
، والعكس بالعكس، وأما
ً
وقائدا
ً
مصلحا
فماذا قدم للأمة وماذا
A
إمامنا الحسين
أخذ من الأمة؟
الإمام قدم للأمة كل شيء ولم يأخذ
شيء، فقد قدم من أجل مبدئه
ّ
منها أي
وقيمه ومثله والإصلاح الذي خرج من أجله
أبناءه وإخوانه واقرباءه وعموم عائلته حتى
الطفل الرضيع، وأعز أصحابه، حتى وصل
الأمر إليه فبعد أن قدم الجميع أمامه ختمها
بالتضحية والفداء بنفسه، وبذا سطر أكبر
ملحمة بالدماء في يوم عاشوراء. والجود
بالنفس أقصى غاية الجود.
وبهذا ننتهي من ذكر المعايير والقيم
الكاشفة عن مصداقية الثائر ونزاهته وماذا
ينتظر المراقب بعدها؟
فبداية مفعمة بالنقاء ونهاية مضمخة
بالدماء وما بينها نزاهة وأخلاق ورعاية
للقيم والمثل فهل يتوقف أحد في
مصداقيته ونزاهته؟ سلام الله عليه واللعن
>
على أعدائه وقاتليه إلى يوم الدين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) اللهوف في قتلى الطفوف/ابن طاووس/ص04.
2) مثير الأحزان/ابن نما الحلي/ص13.
3) م.ن/ص04.
4) بحار الأنوار/المجلسي/ج44ص033.
5) ينظر:الإرشاد/الشيخ المفيد/ص87.
6) بحار الأنوار/المجلسي/ج54ص5.
7) الفتوح/ابن أعثم الكوفي/ج5ص29.
بين الشعار والواقع
A
نهضة الإمام الحسين
