مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 13

13
مجلة ينابيع
ذكر الوسيلة. أو ذكر الأداة أو المبدأ التي
ثم ذكر التطبيق،
ً
يتكامل بها الإنسان أولا
فالنص القانوني على سبيل المثال يجب أن
يكون سابقا للعقوبة. فلا يعاقب الفرد حتى
يرد النص القانوني بتلك العقوبة.
3ـ إن القرآن الكريم وحدة مترابطة
متكاملة، تتعالق سوره بعضها مع البعض
الآخر، فقد ارتبطت سورة الرحمن
بالسورة السابقة لها وهي سورة القمر،
ُ
ة
َ
اع
َّ
الس
ِ
ت
َ
ب
َ
ر
َ
ت
ْ
(اق
التي ابتدأت بقوله تعالى:
وا
ُ
ض
ِ
ر
ْ
ع
ُ
ي
ً
ة
َ
ا آي
ْ
و
َ
ر
َ
ن ي
ِ
إ
َ
* و
ُ
ر
َ
م
َ
ق
ْ
ال
َّ
ق
َ
انش
َ
و
(القمر: 1ـ2) فقد
) ٌّ
ر
ِ
م
َ
ت
ْ
س
ُّ
م
ٌ
ر
ْ
ح
ِ
وا س
ُ
ول
ُ
ق
َ
ي
َ
و
أشار مفتتحها إلى آيات الله الباهرات التي
تدل على عزته سبحانه وتعالى، ثم جاءت
سورة الرحمن ذاكرة آيات الله التي تدل
على الرحمة والالاء، وقد أشار الرازي
في تفسيره (مفاتيح الغيب) إلى ذلك
أن مناسبة هذه السورة
ً
بقوله: (اعلم أولا
لما قبلها بوجهين أحدهما: أن الله تعالى
افتتح السورة المتقدمة بذكر معجزة تدل
على العزة والجبروت والهيبة وهو انشقاق
القمر، فإن من يقدر على شق القمر يقدر
على هد الجبال وقد الرجال، وافتتح هذه
السورة بذكر معجزة تدل على الرحمة
والرحموت وهو القرآن الكريم، فإن
.
)10(
شفاء القلوب بالصفاء عن الذنوب))
وهذا التناسق بين السور القرآنية
المتجاورة باب من أبواب الاعجاز القرآني
وقف عنده بعض المفسرين ومن أبرزهم
البقاعي في كتابه: (نظم الدرر في تناسب
الآي والسور). وهذا التناسق والتناسب
واضح بين سورتي القمر والرحمن بحسب
التسلسل القرآني؛ فلما (ختم سبحانه
القمر بعظيم الملك وبليغ القدرة، وكان
الملك القادر لا يكمل ملكه إلا بالرحمة،
وكانت رحمته لا تتم إلا بعمومها، قصر
هذه السورة على تعداد نعمه على خلقه في
الدارين، وذلك من آثار الملك، وفصل
فيها ما أجمل في آخر القمر من مقر
الأولياء والأعداء في الآخرة، وصدرها
بالاسم الدال على عموم الرحمة براعة
للاستهلال، وموازنة لما حصل بالملك
والاقتدار من غاية التبرك والظهور والهيبة
والرعب باسم هو مع أنه في غاية الغيب
لها بأعظم
ً
دال على أعظم الرجاء مفتتحا
النعم وهو تعليم الذكر الذي هز ذوي الهمم
.
)11(
العالية في القمر إلى الإقبال عليه بقوله)
فسورة القمر تظهر في بدايتها وجوه
العزة، وأبرزها (انشقاق القمر) وسورة
الرحمن تظهر في جوانب الرحمن ومن
أظهرها (تعليم القرآن)، فالسورتان
تربطان بين طرفي الترهيب والترغيب،
فالعزيز الممتنع القادر صاحب الأمر
عارض.
ُ
النافذ الذي لا يجارى أمره، ولا ي
ُّ
والرحيم العطوف المنعم على عباده، وتدل
َّ
الألف واللام فيها على الاستغراق أي: أن
َ
، ولا رحيم
َ
عزته ورحمته شاملة، فلا عزيز
.
)12(
سواه
ِ
حقيقيان
م) من
َّ
(عل
َّ
وقد جاء في التفاسير أن
العلامة، فكان الربط بين سورة الرحمن
بسورة القمر السابقة لها بأنهما افتتحتا
معا بآية أو علامة أو معجزة دالة للخلق،
فقد جاء في تفسير روح المعاني ما نصه
) من العلامة ولا تقدير، أي:
ٍ
م
ْ
ل
ِ
((وقيل: (ع
جعل القرآن علامة، وآية لمن اعتبر، أو
علامة للنبوة ومعجزة، وهذا على ما قيل
يناسب ما ذكر في مفتتح السورة السابقة
، وتتناسب
) ُ
ر
َ
م
َ
ق
ْ
ال
َّ
ق
َ
ش
ْ
ان
َ
من قوله تعالى:
السورتان في المفتتح حيث افتتحت
الأولى بمعجزة من باب الهيبة، وهذه ـ
الإنسان
َ
ق
َ
ل
َ
* خ
َ
آن
ْ
ر
ُ
ق
ْ
ال
َ
م
َّ
ل
َ
ع
1...,14,15,16,17,18,19,20,21,22,23 3,4,5,6,7,8,9,10,11,12,...132
Powered by FlippingBook