مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 126

مجلة ينابيع
126
العدد (07) شهر رمضان ــ شوال 7341هـ
) ْ
م
ِ
ه
ِ
ب
َ
ف
ْ
ط
ُّ
والل
ْ
م
ُ
ه
َ
ل
َ
ة
َّ
ب
َ
ح
َ
م
ْ
، وال
ِ
ة
َّ
ي
ِ
ع
َّ
لر
ِ
ل
َ
ة
َ
م
ْ
ح
َّ
الر
فأين الخلق الإسلامي من الخلق السلطوي،
وهذا يبين جمالية الإسلام واحترامه
لحقوق الإنسان الذي ينادي به جميع الحكام
والزعماء على ألسنتهم، ولا يطبقونه في
سياستهم ، والتأريخ شاهد عليهم منذ
قدم الزمان كيف احتقروا الإنسان وسفكوا
دمه من أجل حكمهم، فهذا نيرون ومعاوية
ً
ويزيد ومروان والحجاج والسفاح وصولا
إلى حكام عصرنا الحاضر، لم يعطوا
الرعية حقها، وتعاملوا معها على المنهج
الميكيافيللي الظالم فعندهم (تنفيذ حكم
الإعدام في عدد قليل من الناس لن يؤذي
غيرهم) وهو استهتار بحق الإنسان،
ً
أحدا
ره من أتى بعدهم ولم يجعلوه إعدام
ّ
َ
وطو
عدد قليل بل وصل بهم إلى إعدام قرية
أو مدينة بأكملها وهم يفتخرون بأفعالهم
الشنعاء التي سوف تتبعهم أبد الآبدين في
الدنيا والآخرة، إذ لا يتعظون بمن قبلهم،
ممن ذاقوا عذاب الدنيا، ولعذاب الآخرة
أشد وأخزى.
ولننظر إلى الفقرة الأخيرة من نص
ميكيافيللي الذي قال فيه: (والأمير حديث
العهد بالإمارة فقطهو من في حاجة شديدة
دون بقية الأمراء للاشتهار بالشدة؛ لأن
من الأخطار)
ً
الولايات الجديدة تعاني دائما
فعنده أن الأمير الجديد يجب أن يشتهر
A
بالشدة، ولنعد إلى أمير المؤمنين
ونرى متى كتب عهده للأشتر؟ لقد كتب
العهد له حين أعطاه كتاب الولاية لمصر
قبل أن ينطلق إليها، أي أنه أمير جديد
عليها، وفيها بين له كيف يتعامل مع الرعية
: ً
فكانت عكس النظرة الميكيافيللة تماما
ْ
م
ُ
ه
َ
ل
َ
ة
َّ
ب
َ
ح
َ
م
ْ
، وال
ِ
ة
َّ
ي
ِ
ع
َّ
لر
ِ
ل
َ
ة
َ
م
ْ
ح
َّ
الر
َ
ك
َ
ب
ْ
ل
َ
ق
ْ
ر
ِ
ع
ْ
ش
َ
(وأ
ً
يا
ِ
ار
َ
ض
ً
عا
ُ
ب
َ
س
ْ
م
ِ
ه
ْ
ي
َ
ل
َ
ع
َّ
ن
َ
ون
ُ
ك
َ
ت
َ
و
ْ
م
ِ
ه
ِ
ب
َ
ف
ْ
ط
ُّ
والل
...) يحذره وينصحه أن ينظر إلى
ْ
م
ُ
ه
َ
ل
ْ
ك
َ
أ
ُ
م
ِ
ن
َ
ت
ْ
غ
َ
ت
الناس كلهم بمنظار واحد وأن لا يحاول أن
عليهم، وأن لا يحاسبهم على
ً
يكون قاسيا
اء،
ّ
الصغائر من الأمور فالإنسان بطبعه خط
فليصفح عنهم إن كان يحب أن يصفح الله
تعالى عنه، وليعاملهم بمثل ما يحب أن
يعامله من يحكمه، وبهذا يرجعه إلى طبيعته
ره بأنه إنسان كما
ّ
الإنسانية الإسلامية ويذك
، فهم سواسية في نظر
ً
الرعية إنسان أيضا
الله إليهم، وإن أكرمهم عند الله أتقاهم؛
أما المنهج والمبدأ السلطوي فلا يرى هذا
الشيء بل يرى النهج الذي يجعل الحاكم
والسلطان في طبقة أعلى من طبقة الرعية
فهم أنصاف آلهة ونظرة الله تختلف إليهم
وهم مخلدون، وبذلك ينسون ما ينتظرهم
في قابل أيامهم من موت وقبر وحساب،
حين يقف الحاكم والرعية بين يدي الحاكم
على أفعالهم
ً
الأعظم ليحاكمهم جميعا
حسنها وقبيحها.
هذا مختصر يبين فقرة في أسلوب
الحاكم بين النظرة الإسلامية الصحيحة
وبين النظرة التي لا تخاف الله ولا تتورع
في أمر من الأمور من أجل الحكم أي
أن الحكم عندها غاية للسلطة والنفس لا
وسيلة لخدمة الناس.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله
>
على محمد وآله الطاهرين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) روضة المتقين/ المجلسي الأول/ ج5
ص515.
/
A
2) نهج البلاغة/ خطب الإمام علي
تحقيق صبحي الصالح/ ص724.
3) ن.م/ ص344.
4) ن.م/ ص67.
1,127,128,129,130,131 116,117,118,119,120,121,122,123,124,125,...132
Powered by FlippingBook