الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين(ع) ملحمة معارف وذخيرة العطاء الحي

345

77السيد محمد علي الحلو

كان الإمام علي بن الحسين(ع) قد رجع بعد واقعة الطف وهو يحمل ذكريات الفاجعة الأليمة التي ألقت بظلالها على المعطيات العامة من الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية العامة، فعلى الصعيد الاجتماعي تركت الفاجعة أثرها على الوجدان الشعبي الذي راح يؤنب الضمائر ويستنهض الهمم للانتقام على خلفيات مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام فوقع هذا الوجدان باتجاه الثورة والتصحيح حتى كانت ثورة التوابين وحركة المختار وانتفاضات العلويين والمنتصرين لهم.

وعلى الصعيد السياسي كانت توجهات النظام محفوفة بالتوجسات المختلفة حيال عاملها مع الإمام علي بن الحسين(ع) حتى أفرزت هذه الحالة حذر السلطة الأموية من أي نشاط يصدر عن الإمام زين العابدين عليه السلام، ومعنى هذا فرض الإقامة على جميع تحركاته وتوجهاته.

في ظل هذه الظروف المتوجسة والحذرة يعمد الإمام(ع) إلى تحديد تحركاته واتصالاته بقطاعات شيعته التي تغلي نفوسها وتجيش ضمائرها بسبب ما تركته واقعة الطف حيث ألقت بظلالها على توجهات العامة إليه احتبست مشاعرها في صدورها وعبّرت عن احتقانها بثورات عارمة تعبّر عن رفضها للنظام ومن المعلوم أن أي لقاء بين الإمام زين العابدين عليه السلام وبين جماهير الأمة ؟؟؟ النظام إلى غير صالح الإمام ويعتونه بأنه تنظيم يتزعمه الإمام وأن أية حركة شعبية، أو تحرك معارض، أو نشاط اجتماعي، أو توجه ثقافي يستغله النظام ليجعله إدانة (قضائية) أو ثغرة قانونية يدين من خلالها الإمام عليه السلام وسيعرضه ويعرض شيعته إلى القتل والتنكيل ويحتج النظام –وبكل بساطة- بأن علي بن الحسين يسعى لأخذ الثأر من النظام لمقتل أبيه الحسين، هذه التحسبات كانت –على ما يبدو- مأخوذة في ؟؟؟ الإمام عليه السلام لذا كان لابد نم أخذ موقف الإنعزال عن لقاء أي قطاع من قطاعات الأمة والنظام يعيش حالة التوجس من تحركاته وشيعته كذلك.

لكن ذلك لا يعني أن الإمام سينعزل من ممارسة مهامه فعلاً، أو يتجرد من مسؤلياته حقيقية، بل يرجح الإمام زين العابدين عليه السلام تحركاته وفق خططٍ محسوبة يكون من خلالها قد مارس قيادته للأمة بشكل فعلي، فكان عليه السلام من جملة تحركاته في تربية الأمة ونشر الثقافة الإسلامية الصحيحة أن عمل على شراء العديد من الإماء والعبيد فيمكثون لديه فترة من الزمن حتى يعلمهم ويربيهم تربية إسلامية صحيحة، ويفتح كم آفاق العلوم والحكم وينشئهم على القول بإمامة أهل البيت عليهم السلام فيأخذون منه الأدب والحكمة والأخلاق الفاضلة ثم يعمد إليهم فيعتقهم ويبثهم في المجتمع ليقوموا بنشر ما سموه، وبث ما وعوه من القول بإمامة أهل البيت عليهم السلام بحمده هذا أن ينشأ قاعدة جماهيرية عظيمة تقول بإمامة الأئمة عليهم السلام، هذه إحدى تحركاته البعيدة عن عين الرقيب الحاكم، وعلى الصعيد نفسه حاول الإمام زين العابدين عليه السلام إلى برمجة تربوية أخرى وهي محاولة نشر علوم أهل البيت(ع) بشكل لا يتيح للسلطة الأموية من ملاحقة هذا الجهد واتهامه بالتحريض ضدها، فكانت أدعية الإمام زين العابدين التي من خلالها يبث أطروحته الإلهية بين أوساط الأمة وكانت تقرأ الفكر الإمامي على أنه دعاء وتهجد إلى الله تعالى إلا أن في مطاوي هذا الدعاء كانت ثقافة الإمامة تنساب إلى الأوساط العامة دون أي محذور وهذه من ألم المحاولات التربوية التي ابتكرها الإمام زين العابدين في تربية الأمة وكانت الصحيفة السجادية أحدى الآليات الإعلامية التي حاول الإمام عليه السلام استخدامها في تنمية الروح الإسلامية الأصيلة.

الصحيفة السجادية

تعد الصحيفة السجادية أهم تراث ورثه شيعة أهل البيت عند أئمتهم(ع) ويحق لهم أن يعدو هذه الصحيفة من أروع التراثيات الثقافية والموروث الفكري الإمامي الذي يفتخر به الإمامية، بل يحق للإنسانية أن تفتخر بحنه السفر الإنساني العظيم الذي أوضح إمكانية التعامل الإنساني بكل صيغة ومناحية من قبل أهل البيت لا كما تترجمه شعارات حقوق الإنسان (المسيسة) لصالح مجموعة أو المبرمجة في توجهاتها لصالح قضية ما.

فالصحيفة السجادية ملحمة من العلوم الإنسانية والسياسية والاقتصادية وكل ما يحتاجه المجتمع الذي يصبو إلى مدنيةٍ متكاملة تتعهد بضمان حقوق الإنسان واحترام توجهاته الإنسانية، كما أنها ترجمة لسلوكية الإنسان المتكامل بغض النظر عن دينه وعقيدته.

كيف وصلت الصحيفة السجادية؟

لم يزل أئمة أهل البيت(ع) يعيشون في محذور النظام الذي أوعز لرجالاته بمتابعة تحركاتهم، والعمل على احتواء جهودهم الشريفة، إلا انه لم يفلح ضمن عناية الأئمة وحساباتهم الدقيقة في هذا الشأن، وكانوا حريصين على عدم تسرب شيء من هذه العلوم الآخر خشية مصادرته وتحريفه، أو الاستفادة منه استفادة سلبية، كما حدث في استيلاء معاوية بن أبي سفيان على ثروة علمية (جاهزة) من خلال استمكانه من مصادرة ؟؟ مالك الأشتر بعد محاولة اغتياله والعثور على هذا العهد ضمن أمتعة مالك رضوان الله عليه، فاستفاد منه معاوية بعد أخذه وادخاره في خزانته.

لم يعد لهذا التفريط (الثقافي) شأن بعد استحكام الأئمة عليهم السلام قبضتهم على تراثهم وذلك من خلال ادخاره في خزائنهم وتحميله لأوثق أصحابهم من أجل نشره بحذرٍ محسوب.

هذه التجربة نشاهدها في انتقال الصحيفة السجادية إلى الثقاة من رواة الشيعة بعد أن تقرأ قصة انتقالها بحذرٍ تام استخدمه أهل البيت(ع) في التعاطي مع هذه الصحيفة.

قصة السند ورواية التناول

جاء في سند الصحيفة السجادية هذه السلسلة من الرواة لينقلوا لنا ملحمة روائية رائعة تحكي ملاحقة السلطة لأئمة أهل البيت(ع) ومطاردة أبنائهم وأتباعهم، وكيف كان تعامل أهل البيت(ع) المشوب بحذرٍ شديد أوصل هذه الصحيفة سالمة دون أن تمسها يد السلطة والعمل على إقصائها ومصادرتها، واليك السند ورواية الانتقال:

رفع عن متوكل بن عمير عن ؟؟ الثقفي متوكل بن هارون قال: لقيت يحيى بن زيد بن علي عليه السلام وهو متوجه إلى خراسان بعد قتل أبيه فسلمت عليه فقال: لي: من أين أقبلت؟ قلت من الحج فسألني عن أهله وبني عمه بالمدينة وأحفى السؤال عن جعفر بن محمد عليه السلام فأخبرته بخبره وخبرهم وحزنهم على أبيه زيد بن علي(ع) فقال لي: قد كان عمي محمد بن علي عليه السلام أشار على أبي يترك الخروج وعرّفه إن هو خرج وفارق المدينة ما يكون إليه المصير أمره فهل لقيت ابن عمي ابن عمي جعفر بن محمد عليه السلام؟ قلت نعم قال: فهل سمعته يذكر شيء من أمري؟ قال: بم ذكرني خبرني؟ قلت: جعلت فداك ما أحب إن استبلك بما سمعته منه. فقال: أبالموت تخوفني؟ هاتِ ما سمعته. فقلت: سمعته يقول: انك تقتل وتصلب كما قتل أبوك وصلب، فتغيير وجهه وقال: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) يا متوكل إن الله عز وجل أيّد هذا الأمر بنا وجعل لنا العلم والسيف فجمعنا لنا وخصّ بنو عمنا بالعلم وحده. فقلت: جعلت فداك أني رأيت الناس إلى ابن عمك جعفر عليه السلام أميل منهم إليك والى أبيك فقال: إن عمي محمد بن علي وابنه جعفراً عليهما السلام دعوا الناس إلى الحياة ونحن دعوانهم إلى الموت، فقلت: يا بن رسول الله أهم أعلم أم أنتم؟ فاطرق إلى الأرض ملياً ثم رفع رأسه وقال: كلنا له علم غير أنهم يعلمون قل ما نعلم ولا نعلم كل ما يعلمون ثم قال لي: أكتبت من بن عمي شيئاً قلت: نعم قال: أرنيه. فأخرجت إليه وجوهاً من العلم وأخرجت له دعاء أملاه عليّ أبو عبد الله عليه السلام، وحدثني أن أباه محمد بن علي عليهما السلام أملاه عليه وأخبره أنه من دعاء أبيه علي بن الحسين عليهما السلام من دعاء الصحيفة الكاملة، فنظر فيه يحيى حتى أتى على آخره وقال لي: أتأذنُ في نسخه؟ فقلت: يا ابن رسول الله أتستأذن فيما هو عنك؟ فقال: أما لأخرجن إليك صحيفة من الدعاء الكامل مما حفظه أبي عن أبيه، وان أبي أوصاني بصونها ومنعها غير أهلها.

قال عمير: قال أبي: فقمت إليه فقبلت رأسه، وقلت له: والله يا بن رسول الله لأدين الله بحبكم وطاعتكم واني لأرجو أن يسعدني في حياتي ومماتي بولايتكم، ؟؟ صحيفتي التي دفعتها إليه إلى غلام كان معه وقال: أكتب هذا الدعاء بخط بينٍ حسنٍ وأعرضه عليّ لعلي أحفظه فاني كنت أطليه من جعفر حفظه الله فيمنعنيه، قال متوكل: فندمت على ما فعلت ولم أدرِ ما أصنع، ولم يكن أبو عبد الله(ع) فقدم إليّ ألا أدفعه إلى أحد ثم دعا بعيبةٍ فاستخرج منها صحيفة مقفلة مختومة فنظر إلى الخاتم وقبله وبكى، ثم فضه وفتح القفل ثم نشر الصحيفة ووضعها على عينه وأمرّها على وجهه وقال: والله يا متوكل لولا ما ذكرت من قول ابن عمي أنني اقتل وأصلب لما دفعتها إليك ولكنت بها ضنيناً، ولكني أعلم أن قوله حق أخذه عن آبائه، وانه سيصح فخفت أن يقع مثل هذا العلم إلى بني أمية فيكتموه ويدخروه في خزائنهم لأنفسهم فاقبضها واكفنيها وتربّص بها فإذا قضى الله من أمري وأمر هؤلاء القوم ما هو قاضٍ فهي أمانة لي عندك حتى توصلها  إلى ابني عمي محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي عليهما السلام، فإنهما القائمان في هذا الأمر بعدي، قال المتوكل: فقبضت الصحيفة فلما قتل يحيى بن زيد صرت إلى المدينة فلقيت أبا عبد الله عليه السلام فحدثته الحديث عن يحيى، فبكى واشتد وجده به وقال: رحم الله ابن عمي والحقه بآبائه وأجداده، والله يا متوكل ما منعتي من دفع الدعاء إليه إلا الذي خافه على صحيفة أبيه.. إلى آخر الرواية.

وبغض النظر عن سند الرواية فان إمكانية الأخذ به إعتماداً على ولالتها تكون قريبة الاحتمال كون أن مفاهيم الرواية قريبة جداً من الواقع المعاشي لتلك الفترة.

فالرواي يتحدث عن ملاقاته الشهيد يحيى بن زيد رضوان الله عليه ويؤكد المشهد على عمق العلاقة الطيبة بين الإمام الصادق(ع) وبين يحيى وذلك بإحفائه السؤال عن الإمام الصادق الشهيد وخصه لوحده بالسؤال عن حاله يشير إلى هالة الترابط بينه وبين الإمام الصادق(ع) وذكر يحيى أن الإمام الباقر(ع) أشار على أبيه زيد بترك الخروج وعرّفه مصيره إن هو خرج حيث القتل والصلب وهذا لا يعني التشكيك بمشروعية زيد في خروجه بقدر ما هو اخبار إرشادي عما يؤول إليه مصيره إن هو خرج وهو شبيه بخيار الإمام الحسين(ع) لأصحابه عن مصيرهم المحتوم من القتل حيث أشار عليهم بالانصراف فأبوا إلا المشاركة معه والشهادة بين يديه وهذه لا يعني عدم مشروعية مشاكرتهم في القتال بل هو أمر إرشادي وليس أمراً مولوياً.

بعض ما ورد في الصحيفة السجادية

لا يمكن أن نفاضل بين الأدعية السجادية من حيث الأهمية فالجميع لها أهميتها بمكان، نعم في معرض الاستعراض عن بعض الدواعي التأسيسية لهذه الأدعية منها ما ورد في دعائه(ع) لأهل الثغور، فبالرغم من وجود السلطة  الأموية غير الشرعية فان الإمام(ع) يؤكد في دعائه هذا على أمرين الأول: حرصه على سلامة الدولة الإسلامية وعلى وحدتها من أي هجوم خارجي.

الثاني: التأكيد على قيادته الشرعية والقانونية للدولة الإسلامية، فعلى الصعيد الشرعي فان القائد يجب عليه المحافظة على بيضة الإسلام المتمثلة في الشعار الإسلامي للدولي –بغض النظر عن ما هي التعاطي مع هذا الشعار- وعلى الصعيد القانوني فان مهام القائد القانونية توفير الحماية لحدود الدولة والتصدي لأي اعتداء أو هجوم خارجي من شأنه أن يقوض بنية الدولة، إذن لا يعني دعاءه عليه السلام لأهل الثغور الاعتراف بمشروعية النظام القائم، ففرق بين تشكيلة الدولة في الأطروحة السياسية الإسلامية وبين النظام التنفيذي لهذه الدولة حيث يمكن التفكيك بينهما على ألأساس القانوني للمفهومين، فمفهوم الدولة مجموعة الحيشيات القانونية التي تتدخل في تركيبة الدولة وهيكليتها، في حيث النظام الحاكم هو آلية التنفيذ فيمكن أن يكون قانوناً مشروعاً –حسب نظام الدولة- من حيث انتخابية النظام –هذا في الصيغ الوضعية- أو من حيث إقراره من قبل الحاكم الشرعي –وهذا في النظام الإسلامي الشرعي، وبذلك فان دعاء الإمام زين العابدين(ع) لأهل الثغور لا يعد دفعا شرعياً قانونياً للنظام الأموي بقدر ما هو إلغاء لمشروعية النظام واثبات لأحقية قيادة الإمام عليه السلام الشرعية والقانونية.

فقد جاء في بعض مقاطع الدعاء من حيث رعايته في تعبئة المسلمين العسكرية قوله عليه السلام: اللهم صل على محمد وآله، وكثر عدتهم، واشخذ أسلحتهم، واحرس حوزتهم، وامنع حومتهم، وألّف حمعهم، ودبر أمرهم، وواتر بين ميرهم، وتوحد بكفاية مؤونتهم، وأعضدهم بالنصر، وأعنهم بالصبر، والطف لهم في المكر.

وهذا المقطع يؤكد على حرصه عليه السلام في مجال تعبئة المحاربين واهتمامه(ع) بالإمداد العسكري من حيث العدة العدد.

وفي الجانب التربوي في الإعداد الروحي لهؤلاء المحاربين قال عليه السلام:

اللهم صل على محمد وآله، وأنسهم عند لقائهم العدو ذكر دنياهم الخداعة والغرور، وامح عن قلوبهم خطرات المال المفتون، واجعل الجنة نصب أعينهم، ولوّح منها لأبصارهم ما أعددت فيها من مسألتي الخلد، ومنازل الكرامة والحور الحسان، والأنهار المطّردة بأنواع الأشربة، والأشجار المتدلية بصنوف الثمر، حتى لا يهم أحد منهم بالأدبار، ولا يحدث نفسه عن قرته بفرار. بعد ذلك يعكف عليه السلام بالدعاء على العدو حيث الالتفات لطرفي الحرب ومعالجتها من قبله عليه السلام نظرة متوازنة في التشخيص والمعالجة لأي حديث حيث قال عليه السلام:

اللهم افلل بذلك عدوهم، وأقلم عنهم أظفارهم وفرق بينهم وبين أسلحتهم، وأضلع دقائق أفئدتهم، وباعد بينهم وبين أزودتهم، وحيرهم في سلبهم، وضللهم عن وجوههم، واقطع عنهم المدد، وانقص منهم العدد، وأملأ أفئدتهم الرعب، واقبض أيديهم عن البسط، وأخزم ألسنتهم عن النطق، وشرد بهم من خلفهم، ونكل بهم من ورائهم، واقطع بخزيهم أطماع من بعدهم.هذا دعاءه عليه السلام على أعدائه حيث يتحرى مواضع الضعف في بنية تشكيلاتهم متوضياً بذلك وهنهم وخذلانهم وهذا شأن القائد فعلاً.

ثم قال عليه السلام:

اللهم عقم أرحام نسائهم، ويبس أصلاب رجالهم، واقطع نسب دوابهم وأنعامهم، لا تأذن لسمائهم في قطر، ولا لأرضهم في نبات.

هنا الإمام0ع) يأخذ في حساباته النمو السكاني والرفاه الإقتصادي.

فالأول يعني انحلال حضارة العدو وانهيارها على المستوى السكاني وهذا تفشي الأمراض والأوبئة القاضية بالقضاء على التركيبة السكانية.

أما الثاني فهو التركيز على الانهيار الاقتصادي بسبب الوباء الحيواني إضافة إلى المشكلة الإروائية التي تنعكس على الازدهار الاقتصادي بسبب تدني المستوى الزراعي للعدو.

وأكاد أجزم أن ما أشار إليه الإمام زين العابدين(ع) بحكم قيادته الإلهية تفوق إمكانية أية قيادة وضعية يدعيها الآخرين.

وقال في مقطع له عليه السلام:

اللهم واخرج مياههم بالوباء، وأطمعتهم بالأدواء.

الإمام عليه السلام يؤكد على حقيقةٍ علمية أغفل عنها الجميع في وقته عليه السلام وهي إشارته إلى أن الوباء ينتقل من خلال المياه، وبالفعل فان منظمات الصحة العالمية اليوم تؤكد على سلامة المياه وعدم تعرضه لتلوث بيئي يهدد سلامة هذه المياه وأنها من انتقال الأوبئة التي تتعرض إليها.

دور الصحيفة السجادية في حفظ الحديث النبوي من الضياع:

بعد أن فرضت الأنظمة حظراً تقليدياً على الحديث النبوي في ظل توجس الأنظمة من التعاطي معه وكونه أداة لفضح هذه الأنظمة المتسلطة وإلقاء شرعيتها المدعاة، حاول الإمام زين العابدين(ع) من إمكانية رفع الحظر عن الحديث النبوي وذلك من خلال بث الحديث النبوي في الأوساط العامة، حيث ضمن مفهوم الحديث النبوي المحظور في دعائه عليه السلام فمثلاً: اللهم صل على محمد وآل محمد كما شرفتنا به، وصل على محمد وآل محمد كما أوجبت لنا الحق على الخلق بسببه..

وفي هذا المقطع أكد عليه السلام صلته بالنبي(ص) وأوضح مدى علاقته وارتباطه برسول الله(ص) فهو لحمته وحامته وخاصته، وهم أهل بيته المصطفين، فكما خصهم الله بعلاقتهم به، خصهم كذلك بحقوقهم على العباد، وفرض طاعتهم على الخلق.

وفي دعاءٍ له عليه السلام: وأعذني من الشيطان الرجيم.. ومن شر كل من نصب لرسولك ولأهل بيته حرباً من الجن والأنس.

فهو إشارة لأهمية التمسك بهم وولائهم ونبذ كل وليجة دونهم، ومعاداة أعدائهم، حيث أراد عليه السلام من خلال دعائه أن يثبت قول رسول الله(ص) في أهل بيته حربكم حربي، وقوله(ص) لعلي: اللهم والِ من والاه وعادي من عاداه، وانصر من نصره، وأخذل من خذله..ومعلوم أن هذه الأحاديث لا يمكن تداولها أو التعاطي معها لحظر النظام الأموي لها بكل الطرق إلا أن الإمام عليه السلام حاول تصدير هذه المفاهيم والأحاديث المحظورة من خلال دعائه عليه السلام.

هذا الشأن الصحيفة السجادية ملحمة المعارف وذخيرة العطاء الإلهي..

المصدر: مجلة ينابيع – العدد 13

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*