جعفر الموسوي يكشف خفايا وأسرارًا لم يذكرها سابقًا عن محاكمة صدام حسين وإعدامه

1٬721

 

15-7-2012-1

أكد النائب في مجلس النواب العراقي المدعي العام في محاكمة صدام حسين القاضي جعفر الموسوي أن جريمة غزو الكويت من قبل النظام البائد جريمة شخصية ارتكبها صدام حسين وأزلامه، مبيناً أن الشعب العراقي لم يدخل إلى الكويت خلال السبعة أشهر التي احتلت فيها بل أفتى البعض بحُرمة صلاة العراقيين بها لأنها أرض مغتصبة، واصفاً نظام صدام بـ “الإجرامي”، وقال : كنا لا نستطيع التحدث أمام أولادنا عن الأوضاع أو حتى تحويل قناة تلفزيونية بها صورة أو خطاب لصدام خشية الوشاية.

   ودعا الموسوي في لقائه مع «الراي» الكويتية أثناء زيارته إلى الكويت الشعبين العراقي والكويتي إلى طي صفحة الماضي البغيض وفتح صفحة جديدة من العلاقات قوامها الاحترام المتبادل والتعاون المشترك، مؤكداً أن العلاقة المتجذرة بين الشعبين أكبر من جرائم صدام، موضحاً أنه حُوكم وأخذ جزاءه العادل وأصبح عبرة لكل طاغية.

   واعترف الموسوي أنه كان متوتراً وخائفاً جداً عندما بدأ في محاكمة صدام وقال: «كان يُرعب من يسمع عنه فما بال من يقف أمامه ويحاكمه ويرى نظرات عينيه… إنه رعب حقيقي نحمد الله على انتهائه»، وعزا سبب ترشيحه لمحاكمة صدام لكونه ليس بعثياً أو أنه تلطخت يداه بدماء العراقيين وذو خبرة ومشهود له بالكفاءة والنزاهة في عمله القانوني طيلة حياته.

   ووصف الموسوي المحاكمة بـ “الشفافة”، مبيناً أن صدام كان يخطط لإلغائها لنقلها إلى الخارج»، لذلك كان كثير الاعتراضات ليثبت أن محاكمته غير عادلة»، ونفى ما تردد عن إدارة المحكمة من أميركا أو إيران مؤكداً أنها “عراقية مئة في المئة”.
وعزا اعتراضه على إعدام صدام إلى سببين الأول أنه لا يجوز إعدامه في يوم عيد الأضحى، الثاني أنه لم يُكمل بعد مدة الـ 30 يوماً لتصبح العقوبة نافذة، موضحاً أنه كان في الحج ليلة إعدامه وأخبر نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي بسبب اعتراضه، مبرراً الاستعجال في إعدامه بالخشية من محاولة قتله أو تهريبه لإدخال رئيس الوزراء نوري المالكي في مشكلة.

   ورفض الموسوي التشكيك في القبض على صدام في الحفرة، مؤكداً أنه اعترف بدعم وتوجيه المقاتلين من تلك الحفرة، موضحاً أنه عثر معه على صندوق به 750 ألف دولار سُلم إلى الخزانة العراقية، معلناً رضاه التام عن المحاكمة التي استمرت التحقيقات فيها سنتين ونصف السنة، والمحاكمة نفسها لمدة عامين أخذ خلالها كل حقوقه، لافتاً إلى أن صدام كان ينظر إلى المحاكمة باعتبارها عملية «تخدير ومص لغضب الشعب العراقي»، لذلك فقد أعصابه قبل يوم واحد من إعدامه وطلب لقاء أحد القادة الأميركيين، مذكراً إياه بأنه حماهم من الإرهاب وإيران، عارضاً عليه عدم التفريط فيه وإعادته لحكم العراق مقابل أخذ كل نفطه.
… وهنا نص اللقاء:


* لقد ارتكب صدام حسين جرائم عديدة ولكن لم يُحاكم إلا عن جريمة الدجيل وقد تكون أقل الجرائم الأخرى فما سبب ذلك وما صحة أن التحقيق في جرائم أخرى قد يكشف أسراراً لا تريد أميركا كشف ذلك؟
– لقد حوكم صدام عن كل الجرائم التي ارتكبها سواء غزو إيران أو الكويت وجرائم حلبجة والأنفال والمقابر الجماعية والثورة الشعبانية وحتى تهجير الكرد وغيرهم لذا فهو حوكم وتم التحقيق معه وأخذ جزاءه العادل وكان عبرة لكل طاغية.


* هل توقع صدام محاكمته من الشعب العراقي وبيد عراقيين؟
– لقد سألته بنفسي هذا السؤال وقلت له : هل كنت تتوقع هذه المحاكمة في حياتك؟ فرد بعصبية وقال : لم أتوقع أن تكون لي محاكمة لأنني لم أفعل شيئاً يستحق ذلك.


* هل رأيت صدام قبل يوم المحكمة؟
– لا أبداً وأنا موجود بالعراق قبل السقوط وكنت محامياً وعندي مكتب خاص بي وأعيش في بغداد ولم أشاهد صدام قبل يوم المحكمة وجها لوجه من قبل.


* كيف كان شعورك عندما رأيته للمرة الأولى؟
– لا أكذب عليك فقد كنت متوتراً وخائفاً جداً ولكن المسؤولية التي تحملتها كمدعٍ عام عزمت على أن أكون رابط الجأش وأنتم تعرفون صدام وما يشكله من رعب غير عادي لمن يسمع عنه فما بال من يقف أمامه ويحاكمه ويشاهد نظرات عينيه.. إنه رعب حقيقي ونحمد الله أنه انتهى.


* كيف استطعت التغلب على الخوف ومواجهة صدام؟
– أخذت أتدرب لأكثر من شهر وأنا أتخيل أنه أمامي وكيف اسأله وأجادله لأن هذا “صدام حسين” وقضيته ليست جناية بسيطة بل كوارث ثم أن المحاكمة مراقبة دولياً وأي غلطة محسوبة ولا نريد أن تخسر هذه الفرصة التاريخية في معاقبة هذا المجرم، ثم أن الرجل لديه ذكاء ويعرف يتعامل مع هذه المواقف ولذا فإني أحاول أن أجعله يتكلم ويجاوب على الأسئلة حتى مرة سألته فقال لا أريد أجاوبك فقلت له : على كيفك والإجابة برغبتك ولن تكون إدانة لك فقال: راح أجاوبك.. لأنه أحس بأني أوقعته بالفخ ولذا فإن هناك استعدادات نفسية وقانونية وبشكل رسمي لإنجاز المحاكمة.


* من رشحك لتكون المدعي العام لمحكمة صدام؟
– أنا محام ولم أكن سياسياً وبعد السقوط تم ترشيح عدة أسماء كقضاة ومدعين عامين وفق شروط أهمها ألا يكون بعثياً وليس له علاقة بجرائم صدام أو لُطخت يده بدماء العراقيين وأن يكون ذا خبرة ومستوى عالٍ في القانون وبتوفيق الله تم اختياري.


* وما قصة الحلم الذي أخفيته عن المقربين لك قبل سقوط صدام؟
– قبل سنة من سقوط صدام حلمت بأني أدخل إلى قصر كبير مع صديقي (أحمد) يحرس القصر جنود يلبسون ملابس الإسلام الأولى وبيدهم رماح وعندما اقتربنا منهم فتحوا لنا أيديهم ورجعوا للخلف حتى ندخل ونمت على فراش أحمر حتى وصلنا إلى طاولة عليها 5 رجال دين “معممين” وقال أوسطهم هل تريد أن تكون أمير المؤمنين؟.. فقلت بصوت مبحوح وخائف وهل أنا كفؤ لذلك؟ فقال نعم وأدخلني لوحدي في غرفة جانبية وعرض عليّ كتاباً قديماً كأنه “مخطوطة” وقال لي وقع هناك؟ وعندما فزعت وجلست وقلت القصة إلى زوجتي التي طلبت عدم ذكرها لأحد.
وبعد السقوط وعندما دخلت مكان المحكمة فإذا شكل القصر الذي اختير أن يكون «محكمة» هو نفسه ما شاهدته بالحلم ، ثم ضحك وقال من أخبرك بهذه القصة؟.


* لقد كان صدام كثير الاعتراض على الادعاء العام والقضاة وحتى المحامين يعترضون… فما سر ذلك؟
– لقد كانت المحاكمة شفافة ومراقبة دولياً ولا مجال للخطأ أبداً لأن أي خطأ سوف يلغي المحاكمة وسيرسل للخارج لمحاكمته هناك وهذا ما كان يخطط له صدام ومعاونوه ومحاموه ولذا كان الاختيار صعباً علينا خاصة وأن المحاكمة استمرت أربع سنوات و6 شهور تقريبًا.


*ولماذا أخذت طول هذه المدة؟
– لقد تم التحقيق في جرائمه العديدة لمدة سنتين ونصف السنة ثم أُحيل للمحكمة التي أخذت سنتين أيضاً حتى صدر الحكم بإعدامه.


* ولكن لم يعاقب أو يحاكم عن الجرائم الأخرى ولماذا اختيرت الدجيل دون غيرها؟
– لأن أوراق هذه القضية اكتملت أسرع من غيرها وهي أخف القضايا وصدر الحكم «بالإعدام» فتم الاكتفاء بذلك.


*ما صحة أن المحكمة كانت تدار من الخارج وبالتحديد من أميركا ؟
– كلام غير صحيح تماماً والمحكمة كانت عراقية وتدار من قبل قضاة عراقيين وللعلم وقبل المحاكمة فقد تم إرسال القضاة والادعاء العام إلى بريطانيا وإيطاليا لأخذ دورة خاصة بالمحاكمات الدولية وكيفية التحقيق مع هؤلاء المتهمين وطريقة أسئلتهم ومحاكمتهم ولا دخل لأي طرف خارجي في هذا الموضوع.


* كيف كنت رئيساً للادعاء العام وأنت من كنت تترافع في المحكمة؟
– الحقيقة إن الخوف لم يسمح لمن معي في الادعاء العام من المرافعة ومواجهة صدام ما اضطرني إلى التنازل عن الرئاسة وتفويض أحد معاوني حتى أتفرغ للمرافعة ثم عدت لرئاسة الادعاء بعد انتهاء المحاكمة.

* هناك من يشكك في قصة القبض على صدام والحفرة التي أخرج منها وكما يصورها البعض بأنها فيلم من إخراج أميركي فما ردك؟
– لقد اعترف صدام بنفسه بأنه كان يقاتل مع” المجاهدين” ويدعمهم ويوجههم من الحفرة التي أخرج منها، ولقد قبض عليه ومعه صندوق به (750) ألف دولار أميركي سلم للخزينة العراقية وقصة القبض عليه حقيقية.


* هل تطرقتم أثناء المحاكمة إلى الغزو العراقي الكويتي؟
– نحن نترافع في قضية محددة ولا يمكن أن تسأله عن قضية أخرى وكما قلت لك بأن هناك رقابة دولية.


* هل أنت راضٍ عن الطريقة التي حوكم بها صدام حسين؟
– أخذت التحقيقات حوالي سنتين ونصف السنة والمحاكمة قرابة السنتين ولذا فإن أربع سنوات ونصف السنة كافية جداً لإعطائه حقوقه كاملة وهذه المحاكمة الأطول في التاريخ ولم تمنح لأحد قبله بل كانت شفافة جداً سواء في حق الدفاع أو التقاضي.


* كيف كان ينظر صدام حسين “للمحكمة”؟
– لم يتوقع صدام أن أميركا ستسلمه للعراقيين بل إنه ينظر للمحكمة على أنها خدعة للناس حتى يتم تخديرهم ومص غضبهم وأنهم لن يفرطوا به.


* وكيف عرفتم ذلك؟
– من خلال كلامه أثناء المحاكمة وحتى اليوم الأخير وعند صدور حكم الإعدام وقبل إعدامه بيوم واحد فقد أعصابه وأخذ بالصراخ “ابي اي قائد أميركي” وعندما سأله الجنود الأميركيون عن سبب استدعائه، قال “أنا اللي أنقذكم من الارهاب ودول الجوار وأنا اللي أحمي العراق وكل نفط العراق لكم.. لا تفرطوا بي فأنا منقذكم.. وقد رد عليه الأميركان بأنه يجب تسليم محتوياته الشخصية الليلة، حيث أن الغد سيكون بيد العراقيين.


* برغم كل ما ذكرته عن صدام إلا أنك كنت من المعارضين لإعدامه… فما سبب ذلك؟
– أنا كنت بالحج ليلة الإعدام وبالتحديد في مزدلفة واتصل بي نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي وقال لي أن يوم غد سيتم تنفيذ الحكم بإعدام صدام حسين ولكن من الناحية القانونية وكرئيس للادعاء العام فإن هناك مانعين لإعدام صدام وهما أن يوم الإعدام كان يوم عيد الأضحى للمسلمين والمانع الثاني أن المادة 27 الفقرة 2 من قانون المحاكمات تنص على مرور 30 يوما على اكتساب الحكم درجة البيان وهذه المدة لم تكتمل وهذا المانع القانوني الذي عرضته على نائب رئيس الجمهورية.


* ولماذا تم الاستعجال بإعدامه؟
– كانت هناك مخاوف كثيرة منها قتل صدام وإدخال رئيس الوزراء في مشكلة أو أن هناك من سيقوم بتهريبه أي بمعنى أن المالكي يضع كلبجة بيده والثانية بيد صدام حتى يمكن حمايته ولأن الظروف الأمنية كانت صعبة جداً وليس لدينا ثقة لحمايته.

 

المصدر : وكالة نون

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*