“لا شيعة بعد اليوم” .. شعار يضمره قطاع كبير من السنة

877

19-8-2014-9-d
في الانتفاضة الشعبانية عام 1991، كان الجنوب العراقي يريد إنقاذ العراق من دكتاتورية البعث، ولولا الموقف الأميركي والعربي لانهار النظام منذ ذلك التاريخ، لكن السعودية وغيرها من الحكومات الطائفية العربية أقنعت الرئيس الأميركي بوش الأب بأن سقوط صدام بهذه الانتفاضة يعني حكم الشيعة للعراق وهو أمر مرفوض بشدة.

بدأت عملية القمع الوحشي لمناطق الشيعة، حيث اقتحمتها دبابات الجيش وقد كتب عليها عبارة (لا شيعة بعد اليوم)، وكان هذا الشعار يعبر عن التوجه العام للنظام البعثي وكذلك توجهات الدول العربية.

بعد الانتفاضة أعلن الرئيس المصري المعزول حسني مبارك، ان الديمقراطية في العراق تعني حكم الشيعة، وعليه لا بد ان تمنع الولايات المتحدة ذلك. تلاه بعد فترة وجيزة ملك الأردن محذراً من الهلال الشيعي، فيما يقبع هو تحت نجمة داوود الإسرائيلية.

بعد سقوط النظام، وخلال أسابيع قليلة برزت في العراق منطقة (مثلث الموت) حيث كان الشيعة يقتلون على الهوية على يد جماعات من السنة الطائفيين، ويومذاك لم تكن الجماعات الإرهابية قد تشكلت على النحو المنظم المدعوم إقليمياً كما حدث في السنوات التالية.

وبعد فترة وجيزة ظهرت القاعدة بقيادة الزرقاوي لتضع هدفها الأول هو قتل الشيعة، فكانت التفجيرات تحدث في مناطق الشيعة، وصار الشيعة هدفاً لبندقية القناص، وتحولت حسينياتهم ومساجدهم وتجمعاتهم إلى مقصد لسيارات التكفيريين وأحزمتهم الناسفة.
وطوال تلك السنوات لم يكن قادة الكتل السنية، يدينون هذا الإجرام الطائفي والتكفيري، بل كانوا يملؤون الفضائيات شكوى من التهميش والإقصاء. وهي العبارة التي تعني في حقيقتها عدم توليهم حكم العراق حكماً مطلقاً.. فالتهميش في قاموس تلك الكتل يعني وجود الشيعة في الحكم.

كانت التفجيرات تأخذ أرواح الشيعة في العراق بالعشرات.

عند اندلاع الربيع العربي، سُمح للسنة فقط أن ينعموا بالربيع، أما الشيعة (نموذج البحرين والمنطقة الشرقية في السعودية) فقد حرّموا عليهم ذلك، وتعرضوا للقتل والقمع والمحاكمات الصورية.

في سوريا كان شعار ربيعها (الشيعي على التابوت)، إنه النسخة المرادفة لشعار (لا شيعة بعد اليوم).

ولكي يمضي هذا الشعار بعيداً ويتحول إلى ممارسة طاغية على الأرض، اصدر رجال الدين من وهابيين وسلفيين، فتاوى تكفير الشيعة، وأنهم أسوأ من اليهود، ولم يكلف أي رجل دين سني نفسه بشجب هذه الفتاوى واستنكارها، لقد كانت تلقى هوى في نفوسهم.

وكانت التفجيرات تأخذ أوراح شيعة العراق بالعشرات.

جاء تنظيم داعش إلى المشهد السياسي والعسكري في سوريا والعراق، وكان الهدف قتل الشيعة بلا رحمة. فسيطر على أجزاء من سوريا، ثم أجزاء من العراق، وانضمت إليه عشائر من السنة، فيما كان الدعم الخليجي والتركي يزداد يوماً بعد يوم. فحدثت المجازر والمذابح وعمليات التهجير.

وظلت التفجيرات تأخذ أرواح شيعة العراق بالعشرات.

حدثت فاجعة سبايكر، أكثر من 1700 شاب شيعي تم قتلهم على يد أفراد من عشائر سنية في تكريت وما حولها، وكانت المشاهد من البشاعة بحيث لا يمكن تصورها. ولا يزال مئات من الشباب الشيعة رهائن في تلك المناطق، لا يعرف مصيرهم.

لم يظهر موقف متعاطف بالشكل المطلوب من السنة بزعمائهم وعشائرهم وأبنائهم. فالجريمة هذه حققت جزءً من الشعار الثابت (لا شيعة بعد اليوم).

ولكي لا نبتعد عن الموضوعية، فان قادة الكتل الشيعية وكبار مسؤوليهم وشخصياتهم، تعاملوا ببرود مع هذه الفاجعة، لقد سجل بعضهم براءة ذمة بتصريح بسيط، واسقط التكليف عن نفسه.

فاجعة سبايكر والموقف البارد منها، يعني بوضوح:
سيبقى القتل يأخذ أرواح الشيعة.

الراية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*