صراع سعودي مغربي حول تصدير المذهب “المالكي” إلى إفريقيا

359

images

  

تلوح في الأفق ملامح صراع سياسي ومذهبي حول مركز النفوذ بين المملكة العربية السعودية والمغرب، على اثر فعاليات سياسية ودينية وثقافية تقوم بها الرباط في عدة دول إفريقية توجتها بزيارات الملك محمد السادس المتكررة إلى بلدان غرب إفريقيا.

واعترفت صحيفة هسبريس المغربية، في عددها الصادر اليوم ان “بلدان إفريقيا الغربية تشهد هيمنة التدين السني (الصوفي)، وانتشار المذهب (الشيعي) ويدين به الملايين في بلدان غرب إفريقيا”، في وقت يسعى فيه المغرب الى نشر المذهب المالكي في صراع ملفت مه المشروع السلفي (الوهابي) الذي تعتمده للملكة العربية السعودية والذي يشهد انحسارا ملحوظا في تلك البلدان.

وبحسب الصحيفة، يطرح مراقبون مغاربة سؤالا محوريا يتعلق بمدى قبول السعودية بمحاولة المغرب تصدير “المذهب المالكي” إلى هذه الدول الإفريقية.

وقالت الصحيفة ان نشاطات نشر المذهب المالكي من قبل المغرب، في هذه الدول يشمل نشر المئات من أئمة المساجد من مالي وغينيا، علاوة على نشر المصاحف، وأسلوب التدين الذي يعتمده أهل المغرب.

وتقلق السعودية من ان زيارة الملك المغربي الى دول إفريقية، ذات طابع ديني وتشتمل على اقامة عدة مشاريع.

وبحسب الباحث في الشأن الديني، منتصر حمادة، فان التسليم بان زيارة الملك محمد السادس إلى بعض الدول الإفريقية، قد تشكل قلقا بالنسبة للسعودية، باعتبار أن المغرب يراه البعض يصدر المذهب المالكي إلى هذه الدول الإفريقية في سياق التعاون الديني، فان السعودية تهتم بدورها بتلك المنطقة أيضا”.

ولفت حمادة إلى أن “الواقع يقول إنه مباشرة بعد اعتداءات 11 شتنبر 2001، تأكد لاحقًا أنه جرت مشاورات ونقاشات في أورقة صناعة القرار في السعودية بخصوص حتمية مراجعة السياسية الدينية المتبعة في الخارج، ردا على الاتهامات الصادرة في الأروقة الغربية، والتي وصل بعضها إلى (شيطنة) الوهابية”.

وأفاد الباحث بأن “زيارة الملك محمد السادس لإفريقيا، بمعانيها الدينية أساسا تراهن بداية على إحياء ماضي عريق، حيث كانت العلاقات الدينية بين المغرب ومجموعة من الدول الإفريقية المسلمة تعيش على إيقاع الترابط الروحي، وبحكم القواسم المشتركة التي كانت تميز هذه الوحدة، وخاصة في شقها العقدي والمذهبي والسلوكي”.

ويشرح حمادة بأن “التصوف كان مثلا عاملا دينيا موحدًا، قبل ظهور مستجدات دينية خارجية قادمة من المشرق، تركت تأثيرا جليا على معالم هذه الوحدة”، مشيرا إلى “المشروع السلفي الوهابي، التابع للسعودية، في تصدير أنماط معينة من التدين نحو الخارج، ومنه القارة الإفريقية ” .

وعُرف عن الصوفيين عدائهم الكبير وصراعهم مع اتباع المذهب الوهابي الذين يكفرون المسلمين من اتباع المذاهب الاخرى.

وزاد المتحدث بأنه “يكفي الاطلاع على معالم المؤسسات الدينية في غرب إفريقيا اليوم، والتي نهل بعضها بشكل واضح من المشروع السلفي الوهابي، وخاصة لدى بعض الجمعيات الدينية، حيث إنه إلى حدود مطلع الألفية الجارية، لم نكن نسمع مثلا عن السلفية في الساحة الموريتانية”.

ولفت المتحدث، الى اننا “نعاين منذ عقد تقريبا صراعات في أورقة صناعة القرار السعودي بين اتجاهات إصلاحية مقابل اتجاهات تقليدية، أخذا بعين الاعتبار أن لكل اتجاه رموزا في المؤسسة الملكية وفي مؤسسة العلماء، وبالتالي هناك تدافع على الانتصار لهذا الاتجاه أو ذاك”.

وخلص حمادة إلى أنه “يمكن قراءة زيارة الملك محمد السادس في شقها الديني على الأقل، في أنها تنتصر للتديّن الوسطي والإصلاحي، الذي يقطع الطريق على المشاريع الإسلامية الحركية، وتنخرط في تغذية المشاريع الإصلاحية لدى صانعي القرار في السعودية”.

 

النخيل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*