بشارة النبي الأكرم ببقية الله الأعظم

780

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته

١ ـ حديث الشيخ الصدوق بسنده الى ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم :

« لمّا عُرج بي الى ربي جلّ جلاله اتاني النداء : يا محمد!

قلت : لبيك رب العظمة لبيك.

فقال : يا محمّد ، هلاّ اتّخذت من الآدمين وزيراً وأخاً ووصيّاً من بعدك ؟

فقلت : إلهي ، ومن أتّخذ ؟ تخيّر لي أنت يا إلهي.

فأوحى اللّه إليَّ : يا محمّد ، قد اخترت لك من الآدميّين عليَّ بن أبي طالب.

فقلت : إلهي ، ابن عمّي ؟

فأوحى الله إليَّ : يا محمّد ، إنَّ عليّاً وارثك ووارث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة وصاحب حوضك ، يسقي من ورد عليه من مؤمني اُمّتك.

ثمَّ أوحى الله عزَّ وجلَّ إليَّ : يا محمّد ، إنّي قد أقسمت على نفسي قسماً حقّاً ، لا يشرب من ذلك الحوض مبغضٌ لك ولأهل بيتك وذرّيّتك الطيّبين الطاهرين.

حقّاً أقول يا محمّد : لأدخلنّ جميع امّتك الجنّة إلاّ من أبى من خلقي.

فقلت : إلهي ، هل واحد يأبي من دخول الجنّة ؟

فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليَّ : بلى.

فقلت : وكيف يأبى ؟

فأوحى الله إليَّ : يا محمّد ، اخترتك من خلقي ، واخترت لك وصيّاً من بعدك ، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيَّ بعدك ، وألقيت محبّته في قلبك وجعلته أباً لولدك. فحقّه بعدك على أمّتك كحقّك عليهم في حياتك ؛ فمن جحد حقّه فقد جحد حقّك ، ومن أبي أن يواليه فقد أبي أن يواليك ، ومن أبي ان يواليك فقد أبي أن يدخل الجنّة.

فخررت لله عزّ وجلَّ ساجداً ، شكراً لما أنعم عليَّ. فإذا منادياً ينادي : ارفع يا محمّد رأسك وسلني أعطك.

فقلت : إلهي ، إجمع امّتي من بعدي على ولاية عليّ بن أبي طالب ليردوا جميعاً عليَّ حوضي يوم القيامة.

فأوحى الله تعالى إليَّ : يا محمّد ، إنّي قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم ، وقضائي ماض فيهم. لأهلك به من اشاء وأهدي به من أشاء ، وقد آتيته علمك من بعدك ، وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وامّتك.

عزيمةً منّي [ لاُدخل الجنّه من أحبّه و ] لا اُدخل الجنّه من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته بعدك.

فمن ابغضه أبغضك ، ومن ابغضك أبغضني ؛ ومن عاداه فقد عاداك ، ومن عاداك فقد عاداني ؛ ومن أحبّه فقد أحبّك ، ومن أحبّك فقد أحبّني. وقد جعلت له هذه الفضيلة ، وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديّاً ، كلّهم من ذرّيّتك من البكر البتول ؛ وآخر رجل منهم يصلّي خلفه عيسى بن مريم ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت منهم ظلماً وجوراً. اُنجي به من الهلكة ، وأهدي به من الضلالة ، واُبرئ به من العمى ، واشفى به المريض … » (١).

٢ ـ وفي حديث المعراج الآخر ، بسنده الى المفضل ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌ السلام ، عن أمير المؤمنين عليه‌ السلام قال :

« قال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم : لمّا اُسري بي إلى السماء ، أوحى إليَّ ربّي جلَّ جلاله فقال :

يا محمّد ، إنّي أطلعت على الأرض إطاعة فاخترتك منها ، فجعلتك نبيّاً وشققت لك من اسمي إسماً ، فأنا المحمود وأنت محمّد.

ثمَّ أطلعت الثانية فاخترت منها عليّاً وجعلته وصيّك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذرّيّتك ، وشققت له اسماً من أسمائي ، فأنا العليُّ الأعلى وهو عليُّ. وخلقت فاطمة والحسن والحسين من نوركما.

ثمَّ عرضت ولايتهم على الملائكة ، فمن قبلها كان عندي من المقرَّبين.

يا محمّد ، لو أنَّ عبداً عبدني حتّى ينقطع ويصير كالشنِّ البالي ، ثمَّ أتاني جاحداً لولايتهم فما أسكنته جنّتي ولا أظللته تحت عرشي.

يا محمّد ، تحبُّ أن تراهم ؟

قلت : نعم يا ربّ.

فقال عزّ وجلّ : ارفع رأسك.

فرفعت رأسي وإذا أنا بأنوار عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسين بن علي ، وم ح م د بن الحسن ، القائم في وسطهم كأنّه كوكب دريٌّ.

قلت : يا ربّ ومن هؤلاء ؟

قال : هؤلاء الأئمّة وهذا القائم الذي يحلّل حلالي ويحرّم حرامي ، وبه أنتقم من أعدائي ، وهو راحة لأوليائي ، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين » (۲).

٣ ـ وفي حديثة الثالث في المعراج أيضاً ، عن عبدالسلام بن صالح الهروي ، عن الامام الرضا ، عن آبائه عليهم‌ السلام ، عن رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ، قال :

« فنظرت ـ وأنا بين يدي ربّي ـ إلى ساق العرش ، فرأيت اثني عشر نوراً ، في كلّ نور سطر أخضر ، مكتوبٌ عليه اسم كلّ وصيّ من أوصيائي. أوّلهم عليُّ بن ابي طالب وآخرهم مهديُّ اُمّتي.

فقلت : يا ربّ ، أهؤلاء أوصيائي من بعدي ؟

فنوديت : يا محمّد ، هؤلاء أوليائي وأحبّائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريّتي ، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك.

وعزّتي وجلالي لأظهرنَّ بهم ديني ، ولأعلينَّ بهم كلمتي ، ولاُطهّرنَّ الأرض بآخرهم من أعدائي.

ولاُملّكنّه مشارق الأرض ومغاربها ، ولاُسخّرنَّ له الرياح ، ولأذلّلنَّ له الرقاب الصعاب ، ولاُرقينّه في الأسباب ، ولأنصرنّه بجندي ، ولأمدَّنَّه بملائكتي حتّى يعلن دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي.

ثمّ لاُديمنَّ مُلكه ولاُداولنَّ الأيّام بين أوليائي الى يوم القيامة » (۳).

٤ ـ وبالسند المتصل الى ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم :« إنَّ الله تبارك وتعالى أطلع الى الأرض إطلاعة ، فاختارني منها فجعلني نبيّاً. ثمَّ أطلع اثانية ، فاختار منها عليّاً فجعله إماماً. ثمَّ أمرني أن أتّخذه أخاً ووليّاً و وصيّاً وخليفةً ووزيراً. فعليُّ منّي وأنا من عليٍّ وهو زوج ابنتي وأبو سبطيَّ الحسن والحسين.

ألا وإنَّ اللّه تبارك وتعالى جعلني وإيّاهم حججاً على عباده ، وجعل من صلب الحسين أئمّة يقومون بأمري ، ويحفظون وصيّتي. التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهديُّ اُمّتي. أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله. يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلة ، فيعلن أمر الله ، ويظهر دين الله عزّ وجلّ ؛ يُؤيّد بنصر الله وبنصر الملائكة فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً » (٤).

٥ ـ وفي حديث علي بن عاصم ، عن الامام الجواد ، عن آبائه عليهم‌ السلام ، عن الامام الحسين عليه‌ السلام ، أنّه قال رسول اللّه صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم لأبي بن كعب :

« إنَّ الله عزّ وجلّ ركّب في صلب الحسن ( أي العسكري ) نطفة مباركة زكيّة طيّبة طاهرة مطهّرة ، يرضى بها كلُّ مؤمن ممّن أخذ اللّه عزّ وجلّ ميثاقه في الولاية ، يكفر بها كلُّ جاحد.

فهو إمام تقيٌّ نقيٌّ بارٌّ مرضيٌّ هاد مهديٌّ ، أوَّل العدل وآخره ؛ يصدّق اللّه عزّ وجلّ ويصدّقه اللّه في قوله. يخرج من تهامة حتّى تظهر الدلائل والعلامات ، وله بالطالقان كنوز لا ذهبٌ ولا فضّةٌ إلاّ خيولٌ مطهّمة ورجال مسوّمة. يجمع الله عزّ وجلّ له من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر ، ثلاثمائه وثلاثة عشر رجلاً. معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وصنائعهم وكلامهم وكناهم ؛ كرّارون مجدّون في طاعته.

فقال له اُبيٌّ : وما دلائله وعلاماته يا رسول الله ؟

قال : له عَلَمٌ إذا حان وقت خروجه ، انتشر ذلك العَلم من نفسه ، وأنطقه الله تبارك وتعالى ، فناداه العَلم : اُخرج يا وليَّ الله فاقتل أعداء الله.

وله رايتان وعلامتان ، وله سيف مغمد ، فإذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غِمده ، وأنطقه الله عزّ وجلّ فناداه السيف : اُخرج يا وليَّ الله.

فلا يحلُّ لك أن تقعد عن أعداء الله.

فيخرج ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ، ويقيم حدود الله ويحكم بحكم الله. يخرج وجبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وشعيب وصالح على مقدّمه ، فَسَوف تذكرون ما أقول لكم ، واُفوّض أمري إلى الله عزّ وجلّ ولو بعد حين.

يا اُبيُّ ، طوبى لمن لقيه ، وطوبى لمن أحبّه ، وطوبى لمن قال به. ينجيهم الله من الهلكة بالاقرار به وبرسول الله وبجميع الأئمّة ؛ يفتح لهم الجنّة. مثلهم في الأرض كمثل المسك يسطع ريحه فلا يتغيّر أبداً ، ومثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لا يطفئ نوره أبداً » (٥).

٦ ـ خطبة الغدير المباركة ، المروية باسناد عديدة ، منها : سند الشيخ الطبرسي ، عن علقمة بن محمد الحضرمي ، عن الامام الباقر عليه‌ السلام ، جاء فيها قول رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم :

« معاشر الناس ، النور من الله عزّ وجلّ فيَّ مسلوك ، ثم في علي ، ثم في النسل منه الى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله وبكل حقّ هو لنا.

لأنّ الله عزّ وجلّ قد جعلنا حجّة على المقصرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين » (٦).

٧ ـ ما تظافر نقله من طريق الفريقين في الحديث المسند عن رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم انه قال :

« المهدي من ولدي ؛ إسمه إسمي وكنيته كنيتي ؛ أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً. تكون له غيبة وحيرة حتى تضلّ الخلق عن أديانهم.

فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً (۷).

 

الهوامش
(۱) كمال الدين : ص ٢٥٠ ب ٢٣ ح ١.
(۲) كمال الدين : ص ٢٥٢ ب ٢٣ ح ٢.

(۳) كمال الدين : ص ٢٥٦ ب ٢٣ ح ٤.

(٤) كمال الدين : ص ٢٥٧ ب ٢٤ ح ٢.

(٥) كمال الدين : ص ٢٥٦ ب ٢٤ ح ١١.

(٦) الاحتجاج : ج ١ ص ٧٧. كمال الدين : ص ٢٨٦ ب ٢٥ ح ١ ـ ٣ ، ٥ ، ٧.

(۷) كمال الدين : ص ٢٨٧ ب ٢٥ ح ٣. ينابيع المودة : ص ٤٩٣. واعلم أن هذا هو المعتبر في لفظ الحديث ، ولا عبرة بما ورد من زيادة لفظ : « واسم ابيه اسم ابي » في حديث ابي داود ، عن زائدة ، عن عاصم ، عن زُر ، عن عبدالله ، عن النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ، لاختلاله سنداً ومتناً. اما السند ، فلاشتماله على زائدة الذي كان يزيد في الاحاديث عند نفس الجمهور كما حكاه عنهم في كشف الغمة. واما المتن ، فلمخالفته مع الاحاديث المتواترة المصرحة بأن اسم أبيه الحسن عليهما‌ السلام. بل هذا الخبر مخدوش حتى عند نفس العامة ؛ ففي كتاب البيان للحافظ الكنجي الشافعي : ص ٩٣ ، جاء ما نصه : « الأحاديث الواردة عن النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم جميعها خالية من جملة واسم ابيه اسم أبي … ، وقد ذكر الترمذي الحديث ولم يذكر قوله : واسم ابيه اسم أبي. وفي معظم روايات الحفاظ والثقاة من نقلة الأخبار « اسمه اسمي » فقط … . والقول الفصل في ذلك : أن الامام أحمد مع ضبطه وإتقائه ، روى الحديث في مسنده في عدة مواضع : اسمه اسمي ».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*