أفضلُ الأعمالِ في شهرِ رمضان

363

محمد علي جعفر

كاتب وباحث إسلامي/بغداد

            يحتفي المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بحلول شهر رمضان المبارك، فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، وقد اتفقت كلمتهم أنه شهر الله تعالى ذكره، وهو شهر البركة والمغفرة والرحمة والتوبة والإنابة وهو شهر الصيام وقراءة القرآن والاستغفار والدعاء والعبادة والطاعة.

إنه شهر الألطاف الإلهية الخاصة، حيث جعله الله شهر العتق من النار والفوز بالجنة، والشقي الشقي من حُرِم غفران الله في هذا الشهر العظيم.

والمسلم يجتهد في هذا الشهر ليتقرب إلى الله سبحانه لينال رضاه، ووسائل التقرب إلى الله عز وجل كثيرة . . . كل عمل خير يؤتى به لوجه الله يمكن أن يقربنا منه، وكلما كانت قيمة ذلك العمل أغلى، والإخلاص في نفس الشخص الذي يأتي به أكثر، كانت دائرة التقرب إلى الله أوسع.

أي الأعمال أفضل في هذا الشهر؟

لقد وردت روايات كثيرة تحفز على الطاعات وأعمال البر والخير في شهر رمضان المبارك، وقد تنوعت بين الصلوات والتهجد وقراءة القرآن، وإفطار الصائم، والصدقات، وصلة الأرحام، وتوقير الكبار، ورعاية الأيتام، وحفظ اللسان، وغض البصر، وعيادة المرضى، وتلاوة الأذكار والأدعية المأثورة . . .، وإلى آخره من أعمال الخير والطاعة. وقد ورد أيضًا الثواب العظيم على هذه الأعمال في أحاديث كثيرة، فإنها منجية يوم القيامة وموجبة لغفران الله ونيل ثوابه الجزيل.

الأعمال الإيجابية والأعمال السلبية

          من الملاحظ أن أغلب الناس ـ ومن خلال الثواب الجزيل الذي ينتظر المطيعين ـ يعتقدون أن الأعمال الخيرة الإيجابية هي السبيل الأفضل للفوز برضا الله والجنة، كإقامة الصلاة، إيتاء الزكاة، صوم رمضان، حج بيت الله الحرام، بر الوالدين، صلة الأرحام…الخ، وهذه جميعًا تحتاج إلى بذل جهد ومال ووقت، فإنها عبادات ايجابية يقوم بها الفرد لتقربه إلى الله ورضوانه. نعم كلها أعمال مطلوبة وواجبة وأداؤها يبريء الذمة، ويوجب الثواب الجزيل عليها، إلا أنها ليست أفضل الأعمال المقربة إلى الله سبحانه. فمقياس رجحان الأعمال وأهمية هذه العبادة أو تلك لا يحدده البشر، وإنما يحدده الله سبحانه الذي يريد من الجن والإنس عبادته (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)، فالرسول الأعظم (ص) الذي لا ينطق عن الهوى يثير انتباهنا إلى أمر في غاية الأهمية، وهو أفضل العبادات في شهر رمضان، والذي يتجسد بالجانب السلبي من العبادة وذلك بعدم إتيان المحرمات أو الورع عن المحارم، فحين يجيب (ص) عن سؤال أمير المؤمنين (ع)التالي: (يا رسول الله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال (ص): يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل) (1).

 فإذا كانت الأعمال العبادية المذكورة آنفا كالصلاة وغيرها أعمالًا يؤتى بها، فالورع عن المحارم هو امتناع عن القيام بأعمال منهي عنها.

فإذا افترضنا أن الاعمال العبادية الإيجابية بمثابة علاجات للنفس الإنسانية لتهذيبها ورفعها إلى أعلى درجات الكمال والسمو ـ وهي كذلك ـ، فإن العبادات السلبية (الورع عن المحارم) بمثابة الوقاية من الأمراض، وكما قيل في الحكمة التي أجمع عليها الأطباء والفلاسفة والحكماء (الوقاية خير من العلاج) أو (قيراط وقاية خير من قنطار علاج).

الورع لغة واصطلاحاً:

الورع: شدة التحرج. ورجل ورع متورع. [إذا كان متحرجًا]. (2)

الوَرَعُ: التَّحَرُّجُ. تَوَرَّعَ عن كذا أَي تحرَّج. والوَرِعُ، بكسر الراء: الرجل التقي المُتَحَرِّجُ، وهو وَرِعٌ بيِّن الورَعِ، وقد ورِعَ من ذلك يَرِعُ ويَوْرَعُ؛ ويقال: فلان سَيءُ الرِّعةِ أَي قليل الورَعِ. (3)

الوَرَعُ، مُحَرَّكَةً: التَّقْوَى، والتَّحَرُّجُ، والكَفُّ عن المَحَارِمِ، وقد وَرِعَ الرَّجُلُ، كوَرِثَ هذه هي اللغَةُ المَشْهُورَةُ الّتِي اقْتَصَرَ عليْهَا الجَمَاهِيرُ، واعْتَمَدَها الشَّيْخُ ابنُ مالِكٍ وغَيْرُه، وأقَرَّه شُرّاحُه في التَّسْهِيلِ، ومَشَى عليْه ابنْهُ في شَرْحِ الالفيَّةِ. (4)

في الحديث: صونوا دينكم بالورع، وفيه: ملاك الدين الورع، وفيه: أورع الناس من تورع عن محارم الله تعالى، وفيه: لا معقل أحرز من الورع. والورع في الأصل الكف عن المحارم والتحرج منها، ورع: إذا كف عما حرم الله انتهاكه، ثم استعمل في الكف المطلق. (5)

أهمية الورع

          بعد معرفة الورع تتبين لنا أهميته وأنه من أعظم الأعمال المنجيات، وعمدة ما ينال به السعادات ورفع الدرجات. (قال رسول الله (ص): (خير دينكم الورع). وقال (ص): (من لقى الله سبحانه وَرِعًا، أعطاه الله ثواب الإسلام كله). وفي بعض الكتب السماوية: (وأما الورعون، فإني أستحيي أن أحاسبهم). وقال الباقر (ع): (إن أشد العبادة الورع). وقال الصادق (ع): (أوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد، واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه). وقال (ع): (اتقوا الله وصونوا دينكم بالورع). وقال (ع): (عليكم بالورع، فإنه لا ينال ما عند الله إلا بالورع). (6)

كيف صار الورع أفضل الأعمال؟

            لا يخفى أن غاية التشريع الإلهي هي إسعاد الإنسان على هذه الأرض، وتحقيق التعايش السلمي بين أبناء البشر، وذلك من خلال التمسك بنهج الله والانتظام بشريعته، ولم يكن هدف العبادات المفروضة على بني البشر من أجل منفعة تعود لله سبحانه، (فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَه وتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ غَنِيًّا عَنْ طَاعَتِهِمْ آمِنًا مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ لأَنَّه لَا تَضُرُّه مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاه ولَا تَنْفَعُه طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَه…)(7) ، وقد ورد في الحديث القدسي المروي عن أمير المؤمنين (ع): (يقول الله تعالى: يا بن آدم ، لم أخلقك لأربح عليك ، إنما خلقتك لتربح عليَّ …) (8). بعد هذه المقدمة لنرى الآن كيف صار الورع أفضل الأعمال؟

إن عماد الشريعة هو مجموعة من الأوامر والنواهي التي تصب في مصلحة الإنسان، والتي يكمل بعضها بعضًا، فكانت الأوامر مجموعة العبادات الإيجابية والتي تقدم ذكرها كالصلاة والصوم والإنفاق في سبيل الله وصلة الأرحام وبر الوالدين وغيرها مما عرفنا مجمل فوائدها ومردوداتها للبشر عمومًا .. أما مجموعة النواهي التي جاءت بها الشريعة، فهي المعاصي المنهي عن الإتيان بها واجتنابها، ولغرض معرفة أهمية اجتناب المعاصي في حياة الفرد والمجتمع نسلط الضوء على جانب من تلك المعاصي المنهي عنها، لمعرفة الفوائد العظيمة المترتبة على اجتنابها، ليتضح لنا المراد من حديث النبي الأكرم (ص) حول أفضل الأعمال في شهر رمضان.

التعاون ونبذ الفرقة

فكما أمرت الشريعة بالتعاون والتعاضد والمحبة والتآلف بين بني البشر، أمرت أيضًا باجتناب التباغض والتحاسد والحقد والضغينة والكذب والبهتان والغيبة والنميمة، والتي ستؤدي إلى الفرقة والنفرة الباعثة على تمزيق الأمة ووهنها، وهذا مخالف تمامًا لما يريده الإسلام، حيث يقول رب العباد: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) (آل عمران:103)، فكما أمر سبحانه عباده بعمل إيجابي وهو الاعتصام بحبله أو التمسك بنهجه، نهاهم في ذات الوقت عن التفرق والتشتت.

وكذلك قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللهَ وأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ ) (الأنفال:1)، وصلاح ذات البين لا يمكن أن يتحقق إلا بنبذ التشتت والتفرق والتباغض، واللجوء إلى المحبة والألفة، وقد أشار المصطفى (ص) لأهمية صلاح ذات البين فقال: (صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام (و) أن المبيرة الحالقة (9) للدين فساد ذات البين) (10) ، (ووجه الأفضليّة هنا أنّك علمت فيما سلف أنّ أهمّ المطالب للشارع المقدس جمع الخلق على سلوك سبيل الله وانتظامهم في سلك دينه ولن يتمّ ذلك مع تنازعهم وتنافر طباعهم وثوران الفتنة بينهم فكان صلاح ذات البين ممّا لا يتمّ أهمّ مطالب الشارع إلَّا به ، وهذا المعنى غير موجود في الصلاة والصيام لإمكان المطلوب المذكور بدونهما فتحقّقت أفضليّته من هذه الجهة) (11).

فكثيرا ما ترى بعض المصلين الصائمين الحاجين بيت الله، بعيدين عن التمسك بصلاح ذات البين، فهكذا عمل تكون أهميته تفوق عامة الصلاة والصوم، ولم يتحقق الغرض إلا باجتناب المعاصي المتمثلة بالتباغض والتفرق وقطيعة الرحم.

وهناك قائمة طويلة من الأعمال المنهي عنها والتي ذكرنا بعضًا منها فيما تقدم،… ولضيق المقام فإننا سنتطرق إلى بعض هذه المناهي الواردة في آية مباركة واحدة من كتاب الله وقد تضمنت عدة مفاهيم هامة تُعدُّ ورقة عمل للأمة إن التزمت بها ونفذت بنودها، لتتحقق الألفة والمحبة والتعاضد بين أفراد المجتمع، وتصونه من التفرق والتشرذم، قال تعالى :

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (الحجرات:12)

ـ الظن السيء بالناس:

        وبناءً على هذه الآية المباركة فإنه لا يجوز للمؤمن أن يظن بأخيه الظن السيء دون دليل بيّن وبرهان واضح، فالسرائر ومكنون النفوس لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وما دام هناك إمكانية حمل فعل المؤمن على الصحة، فينبغي حمله على الصحة حتى يثبت العكس. يقول الإمام أمير المؤمنين (ع): (ضَعْ أَمْرَ أَخِيكَ عَلَى أَحْسَنِه حَتَّى يَأْتِيَكَ مَا يَغْلِبُكَ مِنْه ولَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءًا وأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مَحْمِلًا) (12)

ـ التجسس على المؤمنين: (…وَلَا تَجَسَّسُوا..) أما فيما يخص التجسس فقد أجمل الرسول الأعظم (ص) هذا الأمر بقوله (ص): (يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِه ولَمْ يُخْلِصِ الإِيمَانَ إِلَى قَلْبِه لَا تَذُمُّوا الْمُسْلِمِينَ ولَا تَتَبَّعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّه مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَاتِهِمْ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه ومَنْ تَتَبَّعَ اللهُ تَعَالَى عَوْرَتَه يَفْضَحْه ولَوْ فِي بَيْتِه) (13)، وهذا أمر واضح قباحته، فبه تفقد الثقة بين المؤمنين، ويكون معولاً هدامًا في أسس المجتمع.

ـ الغيبة: (…وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا..) وهي أن تذكر أخاك المؤمن بما يكره في غيبته، سواء أكان بقصد النيل منه أم لم يكن، مما يكون عيبًا مستورًا عن الناس، كما لا فرق في ذكره بالقول، أم بفعل يوصف ذلك العيب. ولشدة انتشار هذه الآفة في مجتمعاتنا سنبين ولو بشكل مختصر خطورتها وقباحتها وكبر جريرتها، فقد وصف الله عز وجل في كتابه المجيد صورة الغيبة بأبشع الصور، حيث قال سبحانه: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ). وقال النبي الأكرم (ص): (إيّاكم والغيبة فإنّ الغيبة أشدّ من الزّنا فإنّ الرّجل قد يزني ويتوب فيتوب الله سبحانه عليه وإنّ صاحب الغيبة لا يغفر له حتّى يغفر له صاحبه) (14).

كما أن المؤمن المتورع لا يكتفي بعدم الغيبة، وإنما لا يستمع إلى غيبة أخيه المؤمن، فقد تبين من الروايات عن النبي(ص) والأئمة الأطهار(ع) (أنه يجب على سامع الغيبة أن ينصر المغتاب، ويرد عنه، وأنه إذا لم يرد خذله الله تعالى في الدنيا والآخرة، وأنه كان عليه كوزر من اغتاب (15).

وعندما يرد ذكر الغيبة يقفز إلى الذهن ثلاثة أعمال حرمها الإسلام وشدد النكال على فاعلها وهي: (البهتان) و(الكذب) و(النميمة) لما لها من خطر على المجتمع وتفكيك أواصره.

ـ البهتان: لقد عرفنا فيما تقدم الغيبة: وهي أن تذكر أخاك بعيب فيه في غيبته، وعلمنا من خلال الآية المتقدمة والأحاديث الشريفة حجم هذه الموبقة وما يترتب عليها، أما البهتان: فهو الافتراء بالباطل، أو أن تذكر أخاك بما ليس فيه، وهو من كبائر الذنوب.

عن الإمام الصادق(ع)، قال: إن من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه، وإن من البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه (16). وفي حديث آخر قوله (ع): (… فذلك قول الله عزّ وجلّ :(فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وإِثْمًا مُبِينًا) (النساء:112) (17). وقال (ع): (من بهت مؤمنًا أو مؤمنةً بما ليس فيه بعثه الله في طينة خبال حتّى يخرج ممّا قال، قيل: وما طينة خبال؟ قال: صديد يخرج من فروج المومسات) (18).

ـ الكذب: قد يستهين البعض بهذا الذنب، ولا يعيرونه أهمية، بل أصبح شيئًا معتادًا لدى البعض، وأحيانا يلبسونه لباس الشرعية والجواز، ومنهم من قسمه إلى كذب أبيض وآخر أسود، وجاءت هذه الاستهانة بكونه مجرد كلام لا ضرر فيه، ولكن لنرى خطر الكذب من خلال الآية المباركة: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) (النحل:105)، وخصوصًا إذا كان الكذب على الله ورسوله وآله، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) (النحل: 116)، وقال رسول الله (ص): (مَنْ كَذَّبَ عَليّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه مِنَ النّار) (19). وعن الامام الباقر (ع): (….فَإِنَّه مَنْ كَذَبَ عَلَيْنَا فِي شَيْءٍ فَقَدْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللهِ (ص) ومَنْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللهِ (ص) فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللهِ ومَنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ عَذَّبَه اللهُ عَزَّ وجَلَّ) (20).

 ـ النميمة: كأن يقال لشخص ما: فلان ذكرك بكذا وكذا، معكرًا صفو العلاقات بين المؤمنين أو معمقًا درجة الخلاف بينهم. وقد ورد عن رسول الله (ص) قوله: (ألَا أُنَبِّئُكُمْ بِشِرَارِكُمْ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ الْمَشَّاؤُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ) (21)، وقال الإمام الباقر (ع): (الجنة محرمة على المغتابين المشائين بالنميمة) (22).

هذا ما يسمح به المقام من ذكر بعض الأعمال السلبية التي من شأنها أن تدمر المجتمع المسلم وتفكك أواصره وتجعله لقمة سائغة لأعدائه المتربصين به.

وخلاصة القول: أن الورع عن المحارم هو لب الدين وأفضل العبادة لأن فيه قوام المجتمع ونهوض الأمة ونيل رضا الله والفوز بالجنة والرضوان. ومن هنا كان كما وصفه الرسول الأكرم (ص): (أفضل الأعمال في هذا الشهر ـ شهر رمضان ـ الورع عن محارم الله عزوجل). ولنا أن نعرف ما ينتظر الورعين من الأجر والثواب الجزيل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هامش:

(1) الأمالي/الشيخ الصدوق/ص155.

(2) العين/الفراهيدي/ج2ص2.

(3) لسان العرب/ابن منظور/ج8ص3.

(4) تاج العروس/الزبيدي/ج11ص505.

(5) مجمع البحرين/الطريحي/ج4ص401.

(6) جامع السعادات/النراقي/ج2ص135.

(7) نهج البلاغة/تحقيق صبحي الصالح/ص303.

(8) شرح النهج/لابن أبي الحديد/ج20ص319.

(9) الحالقة: الخصلة التي من شانها تحلق أي تهلك وتستأصل الدين كما تستأصل الموسى الشعر وقيل: هي قطيعة الرحم والتظالم.

(10) الكافي للكليني/ج7ص51.

(11) شرح النهج/ابن ميثم البحراني/ج5ص122.

(12) الكافي/للكليني/ج2ص362.

(13) ن.م/ص354.

(14) جامع السعادات/النراقي/ج2ص233.

(15) منهاج الصالحين/السيد الخوئي/ج1ص12.

(16) الأمالي/الشيخ الصدوق/ص417.

(17) الوسائل/ج8ص602.

(18) هداية الأمة/الحر العاملي/ج5ص179.

(19) نهج البلاغة/ج2ص189.

(20) الكافي/ج4ص187.

(21) الكافي /للكليني/ج2ص369.

(22) جامع السعادات/النراقي/ج2ص212.

المصدر: مجلة ينابيع – العدد 70

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*