مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 141

واحة الأدب
141
ى
َ
ك
َ
ت
ْ
إذا اش
َ
سد
َ
الج
ِ
ل
َ
ث
َ
م
َ
وفي الحديث: ك
ن
َ
ى كأ
َّ
م
ُ
ر والح
َ
ه
َّ
بالس
ُ
ى سائره
َ
داع
َ
ت
ُ
بعضه
ّ
ى عليه العدو
َ
داع
َ
... ، وت
ً
بعضه دعا بعضا
على
ُ
ت القبائل
َ
داع
َ
... وت
َ
ل
َ
ب
ْ
ق
َ
من كل جانب: أ
إلى
ً
بوا ودعا بعضهم بعضا
َّ
ل
َ
بني فلان إذا تأ
ْ
ر عليهم . وفي الحديث: تداعت
ُ
ناص
َّ
الت
عليكم الأمم أي اجتمعوا ودعا بعضهم
، نفهم من ذلك أن التداعي هو
)2(
ا ...)
ً
بعض
الآثار المترتبة من شيء ما أو حدث ما، أو
اللاحقة له، أو التابعة له، أما في اصطلاح
النقد الأدبي الحديث هي الخواطر التي
ذهن المتلقي، والناتجة من إيحاءات
ُ
ترد
الخطاب سواء أكانت تلك الخواطر حسية
أم تجريدية، أي ما يستحضره المتلقي
في خياله جراء مواجهة الخطاب الأدبي
ببلاغة
ُّ
الموحي. فمؤلف اللغة الأدبية يبث
ه النفسية؛
َ
ه الفكرية وهواجس
َ
البيان دوافع
إذ لا يقتصر على تقاليد فنية يطيعها.
والتداعي لا يقتصر على توارد
الخواطر أو الأفكار بل حتى توارد الكلمات
(ويعد تداعي الكلمات وسيلة مهمة للتعرف
على قوى الترابط بين الكلمات، إذ إن
هناك تجاذب أو تنافر فيما بينها، بمعنى
آخر أن ورود إحداها على اللسان ينبئ
بظهور قرينتها من بعدها، فإذا سمع على
ا يقول (آناء الليل) فإن
ً
سبيل المثال شخص
احتمال سماعه يضيف (أطراف النهار) ترد
،
)3(
بشكل أكبر كونهما عبارتين متلازمتين)
و هكذا.
عند
ً
ولسنا هنا بصدد الوقوف طويلا
إشكالية مصطلح التداعيات أو مناقشته،
بل بصدد رؤية تجلياته في كلام الإمام
.
A
الحسين
1) تداعيات المتلقي من التشبيه:
في يوم ما (قال رجل: إن المعروف
:
A
سدي إلى غير أهله ضاع. فقال
ُ
إذا أ
ِ
وابل
َ
مثل
ُ
ليس كذلك، ولكن تكون الصنيعة
.
)4(
) َ
و الفاجر
َّ
ر
َ
، تصيب الب
ِ
المطر
أخرج الإمام ما لا تقع عليه الحاسة -
فعل المعروف مع غير أهله -إلى ما تقع
عليه الحاسة - وابل المطر - معنوي حسي.
من التأمل
ً
والحديث يتطلب نوعا
والتفكر لأنه حديث حكمة مطعمة بفنية
من
ً
التشبيه البلاغية، وهو يحمل قدرا
، وفي
ٌّ
فني
ٌ
الضبابية الشفافة؛ لأنه حديث
الحديث الفني لا بد أن يعيش المتلقي
تجربة الخطاب كي يميط اللثام عن الدلالة
التي تحقق الإمتاع الدلالي والجمالي.
في حقيقة الأمر، إن أول ما يتداعى
في ذهن المتلقي عند سماعه قول الرجل
الشعري المشهور لزهير بن أبي
ُ
البيت
:
)5(
سلمى
ِ
ه
ِ
في غير أهل
َ
ومن يجعل المعروف
ِ
عليه ويندم
ً
ذم ـا
ُ
ه
ُ
يكن حمد
البنية
َ
ر
َ
ح
َ
د
A
والإمام الحسين
المضمونية لهذا الخطاب الشعري بتشبيه
(صنع المعروف مع غير أهله مثل وابل
المطر).
يتداعى في ذهن المتلقي من ذلك أن
؛ ُ
يع
ِ
ض
َ
صنع المعروف في غير محله لا ي
لأن الإنسان الذي يصنع المعروف في غير
ثاب من الله تعالى ثواب الصلاح
ُ
محله ي
في الأرض، أي ثواب الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر. والتشابه الحاصل بين
فعل المعروف في غير أهله ووابل المطر
- رمز العطاء والخير والرزق - يوحي إلى
علو منزلة فعل المعروف في غير محله
وعظم منزلة الجهة الصادر منها الفعل،
A
تداعيات المتلقي من بيان كلام الإمام الحسين
1,142,143,144,145,146,147 131,132,133,134,135,136,137,138,139,140,...148
Powered by FlippingBook