شبكة الإنترنت بحر .. هل سيغرق من يسبح فيه؟

331

ka-06-05-2016-07

   الحكمة – متابعة: عالم الإنترنت مليء بالغرائب والغموض والمفاجآت، يأخذك في سياحة ممتعة إلى أعماق محيط المعلوماتية وينقلك بلمح البصر من قارة إلى أخرى دون أن تتحرك من المكان الذي أنت فيه، ويضعك في صلب الأخبار التي تحدث في آخر الدنيا حتى تشاهد الزلازل والبراكين والسيول بالصوت والصورة وكأنك تعايشها عن قرب، ويجعلك تتفاعل مع الحدث وتتواصل مع صناعه عن طريق الرسائل النصية والصوتية.

وسميت شبكة الانترنت بالعنكبوتية لأنها تعتمد على الاتصال بين ملايين الشبكات الخاصة والعامة، وتأسست بادئ الامر في مختبرات وزارة الدفاع الامريكية لأغراض التجسس، ولغاية اليوم تستفاد الدول من هذه الامكانية للتجسس على مواطنيها وقد كشفت بعض شركات خوادم الانترنت انها تعرضت للاختراق من قبل المخابرات الدولية، ولذا يجب أن يأخذ المستخدم لشبكة الانترنت حذره من التلصص على المعلومات الموجودة في حاسوبه بما في ذلك رقم حسابه البنكي وصوره العائلية.

ولا شك ان هذه الشبكة التي ما كانت تنقل في الماضي إلا المعلومة المكتوبة اتسع مجال نشاطها ليشمل كافة جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فهناك التعاملات التجارية التي تحدث على مستوى التجارة الالكترونية وهناك السوق الإلكتروني وكل واحد منها عالم كبير يجري من خلاله تداول مليارات الدولارات.

إضافة إلى ذلك هناك الشبكات الاجتماعية التي تساعد على تواصل الأفراد فيما بينهم وشركاء الأعمال وتقدم لهم الشبكة خدمات مجانية على مستوى الصور والبريد الإلكتروني والمدونات.

وتتيح شبكة الانترنت إمكانية التعلم عن بعد للطلاب الذين يجدون صعوبة في حضور الدروس مباشرة فيأخذونها عن طريق الشبكة وإلى جانب تلك الدروس بإمكان الفرد أيضاً الاستفادة من برامج تعليمية وتدريبية قد تكون مفيدة في مختلف ميادين الحياة ومنها برامج تعليم فن الطبخ، وكل تلك البرامج والدروس تدل على اتساع نطاق تأثير وفائدة الشبكة العالمية للإنترنت.

وكان الكتاب فيما مضى يبذلون المزيد من أعمارهم ووقتهم من أجل الوصول إلى المعلومة التي هم بحاجة اليها أما الكاتب اليوم فهو لا يحتاج لكي يصل إلى المعلومة سوى أن يكبس على إشارة البحث في أي محرك عالمي حتى تظهر أمامه تلك المعلومة من دون أن يبذل أي شيء من الجهد أو الوقت من أجل الحصول عليها.

وكثيراً ما تحصل الحاجة لدى الكاتب أو حتى البحاثة والمحقق ان يتأكد من صحة آية قرآنية وبمجرد ان يضع كلمة واحدة يتذكرها في الإطار المخصص للبحث ويكبس على خصيصة البحث ستظهر الآية وفي أحيان تظهر الآية مع تفسيرها، بالطبع هناك مواقع متخصصة في البحث عن الآيات والأحاديث والروايات الاسلامية فإذا عجز برنامج البحث العالمي عن تحقيق المطلوب فإن تلك المواقع المتخصصة ستنجز تلك الخدمة وبأسرع ما يمكن.

فأهم خصيصة يحصل عليها المستفيد من الشبكة العالمية للإنترنت هي السرعة للوصول الى المعلومة وهذه بلا شك من الايجابيات الكبرى لشبكة الانترنت واما الخصيصة الثانية فهي انها مفتوحة على كل المعلومات والاخبار وهذه الخصيصة فيها شيء من السلبية وشيء من الإيجابية فمن سلبيتها انها تنشر المعلومات السيئة والبرامج الضارة وسيكون الشباب هم الأكثر تضرراً من هذا الانفتاح لأنهم سيكونون مستهدفين من قبل المواقع الإباحية والمنحرفة والجماعات الضالة.

ومن المؤاخذات الكبيرة على هذه الشبكة انها ساعدت على نمو التنظيمات المتطرفة والارهابية وهناك معلومات مؤكدة عن وجود آلاف المواقع التي تعمل لصالح تنظيم داعش والقاعدة، ولابد ان نعرف ان تنظيم داعش ينظم افراده ويجند الشباب لصالح التنظيم الارهابي عن طريق الانترنت مما يزيد الشكوك حول جدوى تسامح القائمين على هذه الشبكة العالمية مع داعش؟

فالتنظيم الارهابي ينشر افكاره المتطرفة عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي وكذلك عن طريق المواقع التي اسسها حول العالم من بينها شبكة حنين التي تقدم خدماتها في المحتوى الخبري والاجتماعي والعقائدي وفيها قسم لتجنيد الافراد وقسم آخر لتدريب الأعضاء على صناعة المتفجرات، وللعلم انه لم تقم اية جهة باغلاق هذه الشبكة، بل جاء قرار اغلاقها من القائمين عليها بعد تسريب لمعلومات سرية ساهمت في كشف خططهم.

بالإضافة الى الجماعات الارهابية هناك جماعات ذات عقائد منحرفة وتلعب دوراً بارزاً في بث الافكار الضالة بين الناس وتقوم بتحريف الحقائق ويجب ان يكون الفرد محصناً بعقيدة قوية حتى لا يتأثر بفكر تلك الجماعات، من هنا يتوجب على اصحاب الفكر الحق ان ينشطوا في هذا المجال وألا يدعوا الساحة فارغة لصولات وجولات الملحدين الذين يستفادون من بعض السلبيات الموجودة لتحميل الاسلام تلك الأخطاء.

ولا ننكر ان هذا الانفتاح الذي هو سلبي في بعض جوانبه هو ايجابي من جوانب اخرى لاسيما في البلدان التي تعيش القمع السلطوي، ففي الماضي كانت الانظمة القمعية في المنطقة تسجن المؤمنين والمجاهدين وحتى تعذبهم وتقتلهم تحت التعذيب دون ان يعرف الناس ما حصل اما اليوم فليس بمقدور السلطات القمعية ان تخفي خبر اعتقال معارضيها لأنه سينتشر بلمح البصر في كل بقاع العالم وبعد ذلك سينشط افراد وجماعات في الدفاع عن قضية السجين وتتحرك المنظمات الدولية من اجل انقاذه، ولابد من التذكير ان الطاغية صدام حسين صنع مقابر جماعية لمعارضيه من الشيعة في العراق واستطاع التكتم على افعاله طوال سني حكمه، ومع شبكة الانترنت اصبح اليوم من المتعذر على بعض الحكومات الفاشية في المنطقة ان تمارس سياساتها السابقة اتجاه مواطنيها.

شبكة الانترنت هي وسيلة للتواصل بين الافراد والجماعات وهي تساعد الانسان في تحقيق اهدافه بأسرع ما يمكن ومثلما هي تصلح لأن تكون وسيلة للخير يمكن ان تستخدم في نفس الوقت للشر.

بقلم : حسين الموسوي

شفقنا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*