عشر دراسات نفسية مدهشة عن السعادة

370

17-3-2016-S-20

      الحكمة – متابعات: ما مراكز الشعور بالسعادة داخل أجسامنا؟ وكيف تُؤَثِّر السعادة على شفرتنا الوراثية؟ ولماذا تتغيَّر مع تقدُّم العمر؟

فيما يلي ١٠ دراسات من الدراسات النفسية الحديثة المفضَّلة حول السعادة.

(١) السعادة تُنَشِّط الجسد كله

بخلاف الأفكار، لا تتركَّز المشاعرُ بالكامل داخل العقل، بل ترتبط كذلك بالأحاسيس الجسدية.

وبفضل دراسة جديدة، أصبح لدينا الآن لأول مرة خريطةٌ للروابط بين المشاعر والأحاسيس الجسدية.

فَقَدْ أثارَ باحثون من فنلندا مجموعةً من المشاعر المختلفة لدى ٧٠١ مشارك، ثم طلبوا منهم تلوينَ الأجزاء التي شعروا بزيادة النشاط فيها أو انخفاضه في خريطةٍ لجسم الإنسان.

فيما يلي الخرائطُ الجسدية للمشاعر الستة الرئيسية؛ يشير اللون الأصفر إلى أعلى مستويات النشاط ويتبعه اللون الأحمر، ويعبِّر اللون الأسود عن قيمة حيادية، بينما يعبِّر اللونان الأزرق والأزرق الفاتح عن نشاط منخفض وشديد الانخفاض، على التوالي.

من المدهش أن السعادة هي الشعور الوحيد الذي يَغْمُر الجسدَ كله بالنشاط، بما في ذلك الأرجل؛ مما قد يُشِير إلى شعور الأشخاص السعداء باستعدادٍ للانطلاق أو ربما أداء قفزة سريعة.

(٢) السعادة تُغَيِّر شفرتنا الوراثية

إن النوع الصحيح من السعادة الناتج عن فعل الخير ليس شعورًا رائعًا فحسب، بل هو أمر مفيد للجسد كذلك، وصولًا إلى شفرته الوراثية.

فقد فَحَصَتْ دراسة حديثة نمطَ التعبير الجيني الموجود داخل الخلايا المسئول عن مكافحة الأمراض المعدية والدفاع عن الجسد ضد الأجسام الخارجية.

تمتَّعَ الأفرادُ الذين شعروا بمستوياتٍ عالية من السعادة الناتجة عن «فعل الخير» بتعبيرٍ أقوى للأجسام المضادة والجينات المضادة للفيروسات.

فبينما يتسبَّب فعلُ الخير وإرضاءُ الذات في جعلنا سعداءَ، يؤدِّي فعلُ الخير إلى فوائد تنفعنا على المستوى الجيني.

(٣) يشعر الناس بسعادة أكبر عندما يقومون بالتصرُّف السليم

ماذا يحدث لسعادة البشر في جميع أنحاء العالم عندما يواجهون أزمةً اقتصاديةً؟

كيف يتأقلمون مع فقدان الوظائف، وقلة الدخل، والإحساس باليأس والعجز عن السيطرة على هذا الكابوس الذي يبدو بلا نهاية؟

إحدى الإجابات على هذه الأسئلة هي أنهم يتآزرون بعضهم مع بعضٍ.

إذ اكتشفَتِ البياناتُ التي جُمِعت من ٢٥٥ منطقة حضرية من جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية أن المجتمعات التي تآزرت معًا — عبر القيام في الأساس بتصرُّفات صغيرة لطيفة من أجل الآخرين مثل التطوُّع ومساعدة الجيران — كانت أكثر سعادةً.

إن لرأس المال الاجتماعي تأثيرًا وقائيًّا؛ يشعر الناسُ بسعادة أكبر عندما يتصرَّفون على النحو الصحيح.

(٤) تصرَّفْ كشخصية انبساطية، حتى إن كُنْتَ انطوائيًّا

إن التصرُّف كشخصية انبساطية يجعل الناس — وإنْ كانوا انطوائيين — في جميع أنحاء العالم يشعرون بالمزيد من السعادة، وذلك بحسب ما تُشِير إليه إحدى الدراسات الحديثة.

تأتي هذه النتائج من استطلاعات شملت مئات الأشخاص في الولايات المتحدة، وفنزويلا، والفلبين، والصين، واليابان.

على وجه العموم، ذَكَر الأفراد أنهم أَحَسُّوا بالمزيد من المشاعر الإيجابية في المواقف اليومية عندما تَصرَّفُوا أو شعروا بمزيد من الانبساطية.

طُلِب من المشاركين في الدراسة التصرُّف على نحو انبساطي لمدة عشر دقائق، ثم وصف المشاعر التي انتابتهم نتيجةً لهذا السلوك.

اتَّضَح أنه حتى في حالة أصحاب الشخصيات الانطوائية — وهم مَن يُفَضِّلون عادةً الأنشطةَ الفردية — فإن التصرُّفَ على نحوٍ انبساطي منحهم دفقةً من السعادة.

(٥) السعادة تنتشر سريعًا على شبكة الإنترنت

إن المشاعر المعبَّرَ عنها على شبكة الإنترنت — سواء أكانت سلبية أم إيجابية — سريعةُ الانتشار كالعدوى، بحسب ما استنتجَتْه دراسةٌ جديدةٌ.

استعرضت واحدةٌ من أضخم الدراسات على الإطلاق التي تناولَتْ موقعَ فيسبوك؛ المحتوى العاطفيَّ لمليارِ منشور على الموقع على مدار سنتين.

واستُخدِم برنامج كمبيوتر لتحليل المحتوى العاطفي لكل منشور.

واتَّضَحَ أن المشاعر الإيجابية تنتشر بمعدَّلٍ أقوى من المشاعر السلبية، وأن الرسائل الإيجابية تنتشر على نحوٍ أقوى من الرسائل السلبية.

(٦) التقدُّم في العمر يُغَيِّر ما يَبْعَثُ على السعادة

مع التقدُّم في العمر، يستمدُّ الناس المزيدَ من البهجة من الخبرات اليومية.

ففي دراسة حديثة، سأل الباحثون ما يزيد عن ٢٠٠ شخص تتراوح أعمارهم بين ١٩ و٧٩، عن الخبرات السعيدة التي مروا بها، سواء أكانت عادية أم استثنائية.

استمدَّ الأفراد — من جميع الفئات العمرية في الدراسة — البهجةَ من مختلف أنواع الخبرات، العادية والاستثنائية على حدٍّ سواء.

لكن الأكبر سنًّا استطاعوا استخلاصَ بهجة أكبر من الخبرات العادية نسبيًّا.

فقد استمدُّوا مزيدًا من البهجة من قضاء الوقت مع عائلاتهم، أو من نظرةٍ في وجه أحدِ الأشخاص، أو من نُزهةٍ في الحديقة.

في الوقت نفسه، رَكَّزَ الأفرادُ الأصغر سنًّا أكثرَ على الخبرات الاستثنائية.

(٧) لماذا يشعر الأشخاص الماديون بسعادة أقل؟

إن سبب تَمتُّعِ الأشخاص الماديين بسعادة أقلَّ يرجع إلى أن التركيز على ما ترغب فيه — وبالتالي ما لا تملكه حاليًّا — يجعل تقديرَ ما لديك بالفعل أمرًا أكثر صعوبةً.

كشفت دراسة حديثة أن الأشخاص الماديين يشعرون كذلك بقدرٍ أَقَلَّ من الامتنان، وهو ما يرتبط بدوره بمستوياتٍ أقلَّ من الرضا عن الحياة.

وتستشهد الدراسة بكلمات الفيلسوف اليوناني إبيقور، التي يقول فيها:

لا تُفسِدْ ما لديك باشتهاءِ ما ليس لديك؛ تَذكَّرْ أن ما تملكه الآن كان يومًا ما ضِمْنَ الأشياء التي كُنتَ تتمنَّاها.

ينبغي أن يُدوَّنَ هذا الاقتباسُ — بحكم القانون — على أوجُهِ جميع بطاقات الائتمان بلون وردي متألِّق.

(٨) قوة الروابط الاجتماعية

ترتبط السعادة بالعلاقات الاجتماعية القوية أكثرَ من ارتباطها بالإنجاز الأكاديمي، حسبما تزعم إحدى الدراسات الحديثة.

فبينما تؤدِّي العلاقات الاجتماعية القوية في الطفولة والمراهقة إلى مزيدٍ من السعادة في مرحلة البلوغ، فإن ارتباط السعادة بالإنجاز الأكاديمي كان أقلَّ بكثير.

يبدو أن جميع نُظُمِ التعليم في العالم لا تُلَقِّنُ بالضرورة الكثيرَ عن معنى السعادة، سواء أكان من الناحية العاطفية أم الفلسفية.

(٩) الأهداف التي تؤدِّي إلى السعادة

من المثير للدهشة أن الناس كثيرًا ما يُخْطِئُون في اختيار نوع الأهداف التي ستحقِّق لهم أكبرَ قدر من السعادة.

إذ تشير دراسة جديدة إلى أن الأهداف المحدَّدة والملموسة لتحقيق السعادة تنجح أكثر من الأهداف المجردة.

كشفت الدراسة أن الجهود المبذولة لخدمة هدف ملموس (مثل رسم ابتسامة على وجه شخصٍ ما) جعلت أصحابها يشعرون بسعادة أكبر مقارَنةً بتلك الموجَّهة لخدمة هدف مجرد (مثل جعل شخصٍ ما سعيدًا).

وعبر اختيار أهداف ملموسة ومحدَّدة لتحقيق السعادة، يُمكِنُنا تقليصُ الفجوة بين توقُّعاتنا وما هو ممكن فعليًّا إلى أقصى حدٍّ.

(١٠) بهجة غير متوقَّعة من لحظات عادية

اكتشفت إحدى الدراسات النفسية الحديثة أن التجارب اليومية العادية قد تمنح بهجةً غير متوقَّعة تمامًا.
ففي إحدى الدراسات، طُلِب من ١٣٥ طالبًا إعدادُ كبسولةٍ زمنية في بداية الصيف تحتوي على:

محادَثة أَجْرَوْهَا مؤخرًا.
آخِر حدث اجتماعي حضروه.
اقتباس من بحثٍ كتبوه.

وتنبَّأ الطلاب كذلك آنذاك بما سيشعرون به حِيالَ تلك الأشياء عند فتح الكبسولة بعد ثلاثة أشهر لاحقة.
وعلى الرغم من أن الكبسولة تضمُّ أشياءَ عاديةً، فإن الطلاب لم يُقَدِّرُوا إلى حدٍّ كبير حجمَ الدهشة والفضول اللذين سيشعرون بهما عندما يفتحونها.
ومن ثَمَّ تُذَكِّرنا الدراسةُ بمَيْلِنا إلى الاستخفاف بالسعادة التي يمكن أن نستمِدَّها من الأحداث اليومية.
ما رأيك إذن في إعداد كبسولةٍ زمنيةٍ صغيرةٍ اليومَ؟

س م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*