تراجع أسعار النفط مثبّط للاقتصاد العالمي

306

25-1-2016-S-05

     الحكمة – متابعات: إلى جانب انهيارات أسواق المال وعمليات السحب الكبيرة للودائع من المصارف، فالصدمات النفطية لديها قوة نادرة لإحداث أزمات كبرى. بدءاً من حظر النفط العربي عام 1973، تعّلم الناس أن الارتفاعات المفاجئة في سعر النفط تسبب الدمار الاقتصادي.

والعكس صحيح، فعندما تنخفض الأسعار بسبب وجود تخمة كما حدث عام 1986 فقد وفرت للعالم قوة جيدة. بحكم التجربة فإن هبوط سعر النفط بنسبة 10 بالمئة يعزز النمو بما يتراوح بين 0.1 – 0،5 نقطة مئوية.

انخفاض سعر النفط

شهدت الأشهر الـ18 الماضية تراجع سعر النفط بنسبة 75 بالمئة، من 110 دولارات للبرميل الى أقل من 27 دولاراً لكن الفوائد هذه المرة غير مؤكدة. فعلى الرغم من مكاسب المستهلكين إلّا أن المنتجين يعانون بشكل مؤلم، ووصلت الآثار إلى الأسواق المالية وربما تنقص من ثقة المستهلك. من الممكن أن تتفوق فوائد النفط الرخيص جدًا على تكاليفه، ولكن الأسواق هبطت حتى الآن بسرعة عالية بحيث لم تعد هذه الميزة جلية.

الوفرة بالمعروض

العالم يغرق بالنفط، السعودية تضخ بكامل طاقتها إذ يريد السعوديون إبعاد المنتجين الأعلى كلفة من هذا القطاع، ويشمل ذلك بعض شركات النفط الصخري التي عززت الإنتاج في الولايات المتحدة من 5 ملايين برميل يوميًا عام 2008 إلى أكثر من 9 ملايين برميل يوميًا حاليًا. السعودية مستعدة لتحمل آلام كثيرة مقابل إعاقة إيران، التي عادت مؤخرًا إلى السوق النفطية بعد رفع العقوبات عليها مع امكانية إنتاجها 3-4 ملايين برميل يوميًا.

لا يمكن التنبؤ بأسعار النفط، لكن قلة من الخبراء يتوقعون عدم إرتفاعه قبل العام المقبل. وربما يسجل السعر الحالي الحد الأدنى المتوقع، وكلما تراجع السعر كان ذلك أفضل بالنسبة للدول المستهلكة وهذا ما شهدناه في أوروبا وجنوب آسيا.
مع ذلك، الترنح الحالي للأسعار مصدر قلق أيضا. فانهيار الايرادات قد يسبب زعزعة الاستقرار السياسي في المناطق الهشة من العالم مثل فنزويلا ودول الخليج، ويشعل العداء بالشرق الأوسط.
والنفط الرخيص له آثار بيئية ايجابية، فقد أدى إلى تراجع السعر العالمي للغاز الطبيعي الذي حل مكان مصدر الوقود الأكثر تلويثا للبيئة وهو الفحم.

الاقتصاد العالمي

لكن في الأمد البعيد، الوقود الاحفوري الرخيص سيقلل حافز العمل على التغير المناخي.

والأمر الأكثر اثارة للقلق هو الاقتصاديات الجديدة للنفط، ففي السابق كان النفط الرخيص يحفز الاقتصاد العالمي لأن المستهلكين ينفقون من كل وحدة نقدية إضافية في محفظتهم أكثر مما ينفقه المنتجون. أما اليوم فذلك التقدير أقل بساطة من الماضي، فالنفط الرخيص يضر الطلب أيضًا بعدة طرق مهمة: عندما فاق سعر الخام 100 دولار للبرميل كان من المنطقي الانفاق على استكشاف النفط في المناطق المنعزلة مثل القطب الشمالي وغرب أفريقيا وتحت الصخور الملحية قبالة ساحل البرازيل بأعماق كبيرة.

تراجع الاستثمار

لكن تراجع الأسعار صاحبه تراجع الاستثمار وتوقفت مشاريع بقيمة 380 مليار دولار، وانخفض الانفاق الأميركي على الأصول الثابتة في صناعة النفط بنسبة النصف عن ذروته.

يؤدي هبوط أسعار النفط إلى ظهور رابحين عديدين مثل الصين والهند، بينما يعطي الدول المعتمدة على النفط مثل السعودية وفنزويلا سببًا ملّحًا لتنفيذ اصلاحات، ويمنح مستوردي النفط مثل كوريا الجنوبية فرصة للتخلص من إعانات الطاقة المسرفة.

(مجلة ايكونومست)

س م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*