الزراعة: تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 90 بالمئة

441

17-12-2015-S-02

     الحكمة – متابعة: في ظل النهضة التي يشهدها القطاع الزراعي في جميع محافظات البلاد والتي سارت بخطى واسعة نحو التكامل مع بقية القطاعات المنتجة لدعم الناتج الوطني العراقي خلال الأعوام التي أعقبت العام 2003، حرصت وزارة الزراعة وفق هذا المسار التصاعدي على تذليل جميع الصعوبات التي قد يواجهها الفلاح في حصوله على المستلزمات والقروض الزراعية.

ونجحت الوزارة في جهودها الحثيثة لمكافحة التصحر ووقف زحف الكثبان الرملية على مراكز المدن، فضلًا عن إعدادها لبرامج طموحة للنهوض بواقع المرأة الريفية، إضافة إلى نجاح مساعيها لتوسيع تجربة الزراعة المحمية من أجل توفير أنواع الخضروات في غير موسمها وهو ما أدى إلى الوصول إلى الاكتفاء منها بنسبة 90 بالمئة ضمن محافظات عدة، وكذلك تبني خطط علمية لحصاد مياه الأمطار بهدف الإفادة منها لتنمية القطاع.

مكافحة التصحر

الوكيل الفني في وزارة الزراعة الدكتور مهدي القيسي أوضح في لقاء خاص نشرته (الصباح) أن وزارته تسعى إلى معالجة التصحر الذي أصيبت به مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، من خلال إقامة غطاء نباتي دائم في المناطق الصحراوية.

وأردف أن الوزارة اقترحت على أمانة بغداد إحالة مشروع الحزام الأخضر للعاصمة المركون لديها منذ أعوام إلى الإستثمار ليقوم المستثمر بحل مشكلة إستملاك الأراضي التي يمر فيها بعد تعويض أصحابها والإفادة من المشروع، لما له من مردود مادي يسهم في خلق بيئة صحية، فضلاً عن إسهامه بالحد من زحف الكثبان الرملية نحو مركز بغداد التي أبتليت ومنذ أعوام عدة بالعواصف الترابية التي كانت الأحزمة الخضراء التي تحيط بالمدن سابقًا تمنعها أو تقلل آثارها بشكل كبير.

وكانت الوزارة قد استحدثت الهيئة العامة لمكافحة التصحر العام 2004 التي شرعت بعملها العام 2005، بهدف وقف زحف التصحر إلى الأراضي الزراعية ونحو مراكز المدن، بعد أن تضررت منه مساحات شاسعة ضمن محافظات عدة في البلاد، لاسيما مع إزالة الأحزمة الخضراء خلال تسعينيات القرن الماضي لأغراض التدفئة وصناعة الفحم والأثاث غير المتقن.

تغطية الكثبان الرملية

القيسي أشار إلى أن ملاكات الوزارة المختصة، نجحت خلال الأعوام الماضية بمعالجة التصحر من خلال تغطية الكثبان الرملية بطبقة من التربة الطينية باستعمال (البلدوزرات) وعن طريق إزاحة التربة من حول تلك الكثبان وبما يعمل على تكوين طبقة متماسكة عند سقوط الأمطار وتعمل على إيقاف حركة الرمال بشكل كبير، كاشفًا عن أنه تجري حاليًا معالجة ما يقرب من 500 ألف دونم من الكثبان الرملية ضمن محافظات ذي قار والديوانية وواسط، والتي أعادت بمقتضاها 200 ألف دونم منها إلى الرقعة الزراعية من جديد خلال الفترة الماضية.

وأردف أن الاجراءات تضمنت أيضًا قيام الفرق الهندسية للوزارة بعد تشكيل الهيئة بزراعة أشجار تتحمل البيئة القاسية في الصحراء الغربية ومحافظات المثنى وذي قار وصلاح الدين أسوة بالنخيل والفستق الحلبي والزيتون بعد تغطية الكثبان الرملية المتحركة وجعلها واحات خضراء يستفاد منها.

إرتفاع المردود المائي

وفي ما يتعلق بالإفادة من كميات المياه التي هطلت مؤخرًا كأمطار أو كثلوج ضمن مناطق عدة في البلاد أو حتى كسيول قادمة من جمهورية إيران الإسلامية، في تنمية القطاع الزراعي، أوضح القيسي أن وزارته نسقت مع وزارة الموارد المائية بهذا الصدد لإقامة مشروع حصاد المياه لحجز كميات المياه المتولدة من السيول ومياه الأمطار ضمن خزانات وسدود، والتي أوضح أن تسرب ونظوب المياه منها يكون بشكل بطيء جدًا ما يعمل على خزنها لمدة طويلة وبالتالي إمكانية الاستفادة منها خلالها.

ونوه الوكيل الفني للوزارة بأن أهم إنعكاسات زيادة المردود المائي على القطاع الزراعي، تجلى واضحًا في محافظة ميسان التي شهدت زراعة 50 ألف دونم من محصول الحنطة بعد إطلاق البرنامج الوطني لتنمية زراعة الحنطة وبرنامج إكثار بذور الرتب العليا العريضة منها والرفيعة الذي بدأ فعليًا خلال الموسم الزراعي الحالي حيث أدخل أنواعاً متعددة لمحصول الحنطة مقاومة للجفاف والأمراض.

 وزارة الموارد المائية كانت قد أفصحت قبل مدة، عن أن معدل الأمطار الهاطلة حاليًا جاء بموعده تمامًا لتعويض كميات المياه التي استنفدت خلال الأعوام الماضية من خزينها الستراتيجي الحي في خزانات السدود والبحيرات المنتشرة في البلاد.

البيوت البلاستيكية

وذكر القيسي أن وزارته أعدت خطة منذ العام 2003 لتقليل عملية استيراد الخضراوات التي تستنفذ العملات الصعبة للبلاد، من خلال الإتجاه إلى توسيع تجربة البيوت البلاستيكية لزراعة أصناف متعددة من الخضر في أغلب المحافظات لم تكن في مواسمها الحصادية، مؤكدًا أن وزارته حققت نتائج ناجحة في تغيير أسلوب تفكير الفلاحين نحو تبني الزراعة المحمية لما تسهم به من زيادة العوائد المتحققة بأقل الأسعار ومن خلال الدعم المقدم لهم من توفير (النايلون) بسعر مدعوم، علاوة على البذور عالية الإنتاجية لجميع أنواع الخضراوات ومن أفضل المناشئ وبسعر مدعوم أيضًا.

الاكتفاء الذاتي

القيسي أوضح أن خطط الوزارة بهذا الشأن تتضمن أيضًا إقامة (الحقول الارشادية) و(أيام الحقل) التي تقيمها الملاكات المختصة في الوزارة بشكل دوري مستندة إلى أحدث التجارب والدراسات العلمية المطبقة في العالم والتي بانت نتائجها بشكل لافت في المحافظات الجنوبية من خلال قدرتها على سد حاجة السوق المحلية من الخضراوات بنسبة قاربت الـ90 بالمئة عقب قرار الوزارة بمنع استيرادها والذي جاء لحماية المنتج المحلي في وقت الذروة. وكان قرار منع استيراد الخضراوات، قد لاقى استحسانًا كبيرًا من الخبراء الزراعيين والإقتصاديين والمزارعين على حد سواء، عادين إياه «خطوة مهمة» على طريق تقويم أداء القطاع الزراعي تزامنًا مع خطط حكومية جاري تطبيقها منذ العام 2003 من خلال وزارة الزراعة ومديرياتها في المحافظات، لاسيما أنه جاء لينتشل القطاع، خاصة مزارعي الخضراوات بأنواعها، من واقعهم الذي تردى بشكل كبير خلال السنوات التي سبقت 2003 التي حولت العراق إلى مستورد بنسبة 100 بالمئة لجميع أنواع الخضراوات والفواكه من دون استثناء.

المبادرة الزراعية

وأشار الوكيل الفني للوزارة إلى أن موازنة العام الماضي لم يتم إقرارها ما أثر سلبًا في المبالغ المخصصة لصناديق أقراض المبادرة الزراعية وبالتالي تأثرت بموازنة العام الحالي بعد التقشف الذي شهدته البلاد في أغلب مؤسسات الدولة، مبينًا أن وزارته ستعمل على دمج المبادرة للعام المقبل 2016 مع المشاريع الزراعية الاستثمارية بسبب قلة التخصيصات المالية التي انخفضت إلى 80 مليار دينار فقط وبالتالي انعكس سلبًا بإنخفاض عدد المستفيدين من الفلاحين من المبادرة. يذكر أن صناديق المبادرة الزراعية التي انشئت في شهر آب من العام 2008، نجحت خلال الأعوام التي تلت ذلك بإقراض ما يزيد عن الـ100 ألف فلاح بمبالغ تجاوزت 2,5 ترليون دينار ضمن 21 نشاطًا زراعيًا مختلفًا، وهو ما أسهم في رفع مساهمة القطاع بالناتج الوطني للبلاد إلى مستويات مشجعة.

المرأة الريفية

وأفصح القيسي عن إعداد وزارة الزراعة خطة للنهوض بواقع المرأة الريفية، والتي تتضمن إقامة دورات تدريبية على حلب الأبقار والجاموس ضمن المحالب الميكانيكية وآلية الاستفادة من الحليب الذي تقوم بحلبه بصنع أنواع متعددة من مشتقات الحليب، لاسيما بعد تخصيص باحثات ومهندسات زراعيات واللاتي تولين مسؤولية ذلك لكسر الحاجز بالعادات والتقاليد الإجتماعية التي قد تمنع المرأة الريفية من ذلك لتخصيص مهندسين أو باحثين من الجنس الآخر.

وأكد القيسي أن المرأة الريفية تمكنت من تجاوز جميع العقبات التي تعترض تعلمها للمهن والحرف اليديوية من خلال الدورات التي أقامتها الوزارة في المشاريع الصغيرة في الثروة الحيوانية والنباتية، مشيرًا إلى قيام وزارته بتوفير مشاريع لها بأسعار تشجيعية مدعومة، ما مكنها من الحصول على مشاريع صغيرة خاصة بها لحلب الأبقار أو الاستفادة من المنتجات النباتية وتحويلها إلى صناعات بسيطة ، فضلًا عن إقامة مزارع صغيرة لزراعة نبات الفطر في مختلف القرى والأرياف في البلاد.

س م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*