في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لسماحة المرجع الكبير السيد الحكيم (مدّ ظله)

347

29-8-2015-S-03

 اخْتِيارُ الآمِرِ والنَّاهِي الطَّرِيقَ الأكمَلَ فِي التَّأثِير

     يَجِبُ على الآمِرِ بالمَعرُوفِ والنَّاهِي عَنِ المُنكَرِ اخْتِيارُ الوَجهِ الأكمَلِ فِي التَّأثِير، والطَّرِيقِ الأوصَلِ للغَرَض، والسَّبَبِ الأوثَقِ فِي بُلُوغِ المُراد، وإنَّ مِن أهَمِّ أسْبابِ تَأثِيرِ الأمْرِ والنَّهيِ فِي النَّاسِ شُعُورُهُم بصِدقِ الآمِرِ والنَّاهِي فِي دَعوَتِهِ وإخْلاصِهِ فِي أداءِ رِسالَتِه، ولِذا قِيل: إنَّ المَوعِظَةَ إذا خَرَجَتْ مِنَ القَلْبِ دَخَلَتْ إلى القَلْب، وإذا خَرَجَتْ مِنَ اللِّسانِ لَم تَتَجاوَزِ الآذان.

ومِن هُنا كانَ لأئِمَّتِنا (عَلَيهِمُ السَّلامُ) مِنَ التَّأثِيرِ ما لَيسَ لِغَيرِهِم. فاللَّازِمُ على شِيعَتِهِم التَّأَسِّي بِهِم والاهْتِداءُ بهَديِهِم والتَّأَدُّبُ بآدابِهِم، فإنَّ لِكُلِّ مأمُومٍ إماماً يَقتَدِي بِهِ ويَتَّبِعُ أثَرَه. وإنَّ مِن أهَمِّ دَواعِي تَصدِيقِ النَّاسِ للآمِرِ والنَّاهِي وشُعُورِهِم بإخْلاصِهِ، اتِّعاظُهُ بِما وَعَظَ، فلا يَأمُرُ بِمَعرُوفٍ إلا فَعَلَهُ، ولا يَنهَى عَن مُنكَرٍ إلا وَقَد اجْتَنَبَه، فَهُوَ يَعِظُهُم بِعَمَلِهِ قَبلَ قَولِهِ وبِسِيرَتِهِ قَبلَ دَعوَتِه. على أنَّ مَن دَعى للحَقِّ بلِسانِهِ وخالَفَهُ بعَمَلِهِ، إنْ كانَتْ دَعوَتُهُ رِياءً ونِفاقاً كانَتْ وَبالاً عَلَيهِ وسَبَباً لِشَقائِه، وإنْ كانَتْ صادِقَةً وَقَد خالَفَها تَسامُحاً وتَفرِيطاً فَيا لَها حَسرَةً يَومَ القِيامَةِ حِينَ يَرى أنَّهُ قَد أسعَدَ النَّاسَ وأنقَذَهُم وأشْقى نَفسَهُ وأهلَكَها.

قالَ تَعالىٰ: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾، وعَنِ النَّبِيِّ (صَلَّىٰ اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فِي وَصِيَّتِهِ لأبِي ذَرّ: «يا أبا ذَرّ، يَطَّلِعُ قَومٌ مِن أهلِ الجَنَّةِ إلى قَومٍ مِن أهلِ النَّارِ فَيَقُولُونَ: ما أدخَلَكُم فِي النَّارِ وإنَّما دَخَلْنا الجَنَّةَ بفَضلِ تَعلِيمِكُم وتَأدِيبِكُم، فَيَقُولُونَ: إنَّا كُنَّا نَأمُرُكُم بالخَيرِ ولا نَفعَلُه»، وعَن خيثمة: قالَ أبو جَعفَرٍ (عَلَيهِ السَّلامُ): «أبلِغْ شِيعَتَنا أنَّهُ لَن يُنالَ ما عِندَ اللهِ إلا بعَمَل، وأبلِغْ شِيعَتَنا أنَّ أعظَمَ النَّاسِ حَسرَةً يَومَ القِيامَةِ مَن وَصَفَ عَدلاً ثُمَّ يُخالِفُهُ إلى غَيرِه».

المصدر: كتاب “مِنْهاج الصَّالِحِين” لِسماحَةِ آية الله العظمى السَّيد مُحَمَّد سَعِيد الحَكِيم (دامَ ظله).

س م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*