حديثة تجهض 300 محاولة “داعشية” لدمج غرب العراق مع سوريا

338
islamic-state-tribe-massacre.si
أفشلت القوات الأمنية وأبناء العشائر، الذين يقاتلون كعوائل تضم الأب وأبناءه والنساء، هجوما استمر لخمسة أيام

الحكمة – متابعة: تفقد مدينة حديثة مسار الكثير من المواد الإغاثية، التي تصلها عبر جسر جوي كمساعدات، بعد ساعات من وصولها إلى القاعدة العسكرية القريبة من القضاء. في حين يتدبر بعض السكان المحاصرين منذ أكثر من عام في تلك المدينة أمورهم بالحصول على مقعد بالطائرة العائدة إلى بغداد مقابل رشى تقدم لبعض العسكريين.

وتزداد الامور سوءاً في حديثة بعد تراجع ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية إلى ساعة واحدة باليوم بسبب انخفاض منسوب مياه الفرات المسؤول عن تشغيل محطة التوليد الأضخم في العراق.

ويواصل “داعش” إصراره على إزالة “العقبة الأخيرة” أمام دمج غربي العراق مع الأجزاء التي يسيطر عليها في سوريا، إذ يشن هجمات متكررة على حديثة وصلت لـ300 هجوما خلال الستة أشهر الأخيرة، بحسب معنيين بالشأن الأمني.

عوائل تقاتل في حديثة

وأفشلت القوات الأمنية وأبناء العشائر، الذين يقاتلون كعوائل تضم الأب وأبناءه والنساء، هجوما استمر لخمسة أيام، حاول خلاله “داعش” اقتحام المدينة والسيطرة على ناحية بروانة القريبة من القضاء. وسيطر داعش، الذي يبعد بحسب مقاتلين قبليين نحو 10كم فقط من حديثة، على قرية صغيرة في منطقة آلوس شرقي القضاء.

ويقول غسان العيثاوي، القائد الميداني في الأنبار باتصال مع “المدى”، إن “حديثة هي الجزء الوحيد المتبقي من غربي الأنبار الذي يعيق داعش من تحقيق حلم الاندماج مع ما يحتلونه من سوريا”، منوها إلى أن “حديثة صدت أكثر من 300 هجوم خلال النصف الأول من العام الحالي”.

وتابع العيثاوي أن “قاعدة عين الأسد تعد مطمعا آخر يدفع المسلحين للسيطرة على المدينة، فضلا عن وجود السد الأكبر في العراق والذي يعتبر مصدر خطر قد يهدد بغداد في حال السيطرة”.

وتدافع واشنطن منذ أشهر عن إبقاء حديثة بيد القوات العراقية ضد هجمات متكررة من “داعش”. وتقول البنتاغون إنها تدافع ضد وقوع “سد حديثة” بيد المسلحين حفاظا على مصالح بلادها في العراق.

ويقول العيثاوي، وهو أحد شيوخ العشائر في الأنبار، “حين تشتد الهجمات من المسلحين قرب حديثة تتدخل الطائرات الأمريكية في حسم التقدم لكن لم يشارك الـ300عسكري امريكي بصفة مستشارين ومدربين المتواجدين في القاعدة بأي عمل بري حتى الآن”.

خطوط الإمداد مكشوفة

وإثر الهجمات الأخيرة، التي تعرض لها قضاء حديثة، قرر رئيس الحكومة حيدر العبادي إرسال تعزيزات عسكرية إلى حديثة. ويقول العيثاوي “وصلت مؤخرا قطعات من جهاز مكافحة الإرهاب لكننا بحاجة إلى المزيد”.

وأوضح القائد الميداني أن “حديثة تحتاج إلى طيران مكثف للسيطرة على خطوط الإمداد والسيطرة على تقدم المسلحين لا سيما وأن المنطقة المحيطة بها مكشوفة ويمكن ملاحظة حركة المسلحين بسهولة”.

وتمكنت القوات الأمنية، الأسبوع الماضي، من قتل العشرات من عناصر الجماعة أثناء محاولتهم استهداف تجمعات القوات الأمنية ومقاتلي العشائر في محيط حديثة بست سيارات مفخخة.

اختفاء مواد الإغاثة

ووسط هذا الحصار والخوف من اقتحام المسلحين للمدينة، التي مازال يسكنها نحو 100 ألف نسمة، تختفي في قاعدة عين الأسد المساعدات الإنسانية التي ترسل إلى الأهالي لكنها تجد طريقها إلى الأسواق لتباع بأسعار مضاعفة.

ويقول نعيم الكعود، أحد أبرز شيوخ عشائر غربي الأنبار لـ”المدى”، “لا نعرف أين تذهب المواد الإغاثية بعد أن تنقل من بغداد عن طريق الجسر الجوي إلى قاعدة الأسد”.

ويرجح الكعود أن “يكون هناك اتفاق بين عدد من العسكريين والتجار على بيع تلك المواد في السوق المحلية”.

ووصل سعر كيس الطحين في حديثة إلى أكثر من 800 ألف دينار، فيما أغلقت أغلب المتاجر أبوابها، وتعطلت جميع المصالح منذ نحو عام.

تذاكر عبر طائرات عسكرية

اختفاء المواد الغذائية ليس القضية الوحيدة الغامضة في حديثة، فقد استطاع الأهالي مؤخرا تأمين مقعد في الطائرات العسكرية للانتقال إلى بغداد، على الرغم من أن أمر خروج العوائل من المدينة يعد من “الأمور المستحيلة” نظرا لإغلاق الطريق البري الوحيد الذي بات يستخدم للأغراض العسكرية فقط.

ويقول الكعود “تراجعت خلال الأشهر الثلاثة الماضية حالات الرشى مقابل حجز مقعد على طائرة عائدة إلى بغداد، وكان هذا الأمر دائم الحدوث في الأشهر الماضية”.

ويلفت شيخ البونمر إلى “تغييرات عسكرية طرأت على بعض القادة في الفرقة السابعة المسؤولة عن حماية أمن حديثة الأمر الذي أدى إلى السيطرة على عمليات الفساد إلى حد ما”، حسب قوله.

وتفشل الحكومة منذ أشهر في توفير مساعدات دائمة إلى حديثة التي تسبب الجوع في تسجيل حالات وفيات وأمراض بين السكان فيها. ويتعذر على مجلس محافظة الأنبار تحمل التكاليف الباهظة للنقل الجوي، بينما تعاني المدينة من شحة كبيرة في الأدوية والمستلزمات الطبية والاختصاصات الطبية النادرة. ويدعو الشيخ نعيم الكعود إلى “فتح الطريق البري بين حديثة والنخيب وعدم جعله ممرا عسكريا بحتا”. وسيعجل فتح الطريق، بحسب الكعود، مرور الشاحنات التي تنقل المساعدات بالإضافة إلى صهاريج الوقود التي تدخل إلى المدينة الآن عن طريق “مهربين” الذين يستخدمون طرقا يقع بعضها تحت سيطرة المسلحين، الأمر الذي يدفعهم إلى رفع أسعار الوقود بشكل مضاعف.

ويستغل مهربو الوقود حاجة أهالي حديثة إلى تشغيل مولدات الكهرباء المتزايدة مؤخرا، بسبب أزمة الكهرباء التي تعيشها المدينة .

وكانت حديثة تعتبر المدينة الوحيدة في الأنبار التي تتمتع بطاقة كهربائية مستمرة نظرا لوجود محطة توليد عملاقة، لكن انخفاض منسوب مياه الفرات مؤخرا، الذي يستخدم في توليد الطاقة، أدى إلى انخفاض مستوى تجهيز الكهرباء إلى ساعة واحدة في اليوم مقابل 23 ساعة انقطاع.

وانخفضت مناسيب نهر الفرات في العراق في الفترة الأخيرة إثر سيطرة “داعش” على مصادر المياه والسدود في سوريا، فضلا عن خفض تركيا حصة العراق من المياه.

س ف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*