كذبة “الأقلية المهمشة” في العراق

387

27-6-2014-3-d

تفجر المشهد العراقي في المحافظات الغربية ذات الأغلبية السنية تحت عنوان ” الإقصاء والتهميش لأهل السنة ” متهمين الحكومة العراقية بممارسة الظلم والتهميش للمكون السني.
الإقصاء والتمييز والتهميش أمر منبوذ ومجرّم سماوياً وإنسانياً، ولا يقبل به من يملك فطرة سليمة في أي بلد وعلى أي مكوّن فالناس سواسية في الوجود والكرامة الإنسانية.
و أرفض قطعاً أن يقع الإقصاء والتهميش للمكون السني في العراق فهو مكون أصيل وكبير في العراق.
ولكن قبل أن نكون مثل الببغاء نردد ما يتم تلقينه وشحنه وتصديره لعقولنا ونأخده كمسلمات علينا أن نتوقف كمثقفين وسياسيين وحقوقيين ونتحقق من هذا الإدعاء قبل أن ندور في فلك كذبة ونكون مساهمين وشركاء في سفك الدم العراقي وتقسيمه.
هل حقا هناك إقصاء وتهميش للسنّة في العراق؟
القاعدة القضائية تقول ” على المدعي إثبات البينة ” وعلى من يصرخ ليل نهار في الفضائيات ويجر العراق لشلال من الدماء أن يثبت بالدليل ولغة الأرقام كي نقف معه جميعا ضدّ هذه الحكومة إن ثبت طائفيتها.
العملية السياسية في العراق أفرزت تحالفات شكلت حكومة محاصصة طائفية تراعي المكونات الثلاث الرئيسية ” الشيعة ، السنّة ، الكرد “، ولم تقم على أساس الأغلبية السياسية في الحكم رغم أن الشيعة حصدوا الأغلبية البرلمانية لكنّهم لم يستفردوا بالحكم وتخلوا عن قواعد اللعبة الديمقراطية وآمنوا بالشراكة في الوطن مع المكونات الأخرى.
فعن أي تهميش وإقصاء يتكلمون  في العراق؟ فرئيس الجمهورية كردي سني ورئيس البرلمان عربي سني ووزير الخارجية كردي سني ونائب رئيس الجمهورية سني عربي و نائب مجلس الوزراء سني ووزير المالية سني ورئيس البنك المركزي سني والقائم بأعمال وزير الدفاع سني وغير القيادات الأمنية في الجيش والداخلية وهناك مناصب أخرى لا أستحضرها الآن.
فأين التهميش والإقصاء في كل هذه المناصب السيادية في الدولة ؟
هل المقصود بعدم الإقصاء والتهميش هو تسليم الجمل بما حمل للسنّة ؟!
هل تريدون رئاسة مجلس الوزراء وإلغاء نتائج الانتخابات كي تقولوا لا يوجد إقصاء ؟!
ثم ما دخل الشيشاني والسعودي والأفغاني وباقي مخلفات الجاهلية والكهوف بكذبة الإقصاء والتهميش في العراق؟
هل هؤلاء الذبّاحون هم من سيجلبوا الإنصاف والعدل للعراق؟
وغريب أمر الجارة الكبرى السعودية حينما تطلب من الحكومة العراقية تشكيل حكومة وفاق وطني وعدم ممارسة الإقصاء والتهميش!! شوف من يحكي عن التمييز! على رأي المثل ” مجنون عم بيحكي وعاقل بيسمع، “فنسبة المواطنين الشيعة في السعودية 15% ليس لهم غفير يمثلهم في الحكومة فضلاً عن وزير أو سفير أو وكيل!!
ما يجري في العراق ليس له علاقة بالإقصاء والتهميش بل هو مخطط يرمي لتقسيم العراق أو الرجوع بالعراق لما قبل 2003 أن تحكم الأقلية الأغلبية بالحديد والنار وتتكرم عليها ببعض الفتات كما تحكم الأقلية السنية في البحرين الأغلبية الشيعية.
وإلا ستبقى هذه الشمّاعة والأكذوبة واجهة للانقلاب على العملية السياسية وستكون أدواتها المفخخات والدواعيش واستيراد بقايا ومخلفات جبال تورا بورا.

نادر عبد الإمام /كاتب بحريني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*