الوفد الألماني في رحاب محافظة بابل

247

3-2-2012-balbilon0

لم يفت مؤسسة  الحكمة للثقافة الإسلامية ، أن تضع في حسبانها تنظيم زيارة لضيوفها الألمان ، إلى محافظة الحلة وعاصمتها المعروفة “بابل ” لذيوع صيتها عالميًا بين المهتمين بدراسة التاريخ والآداب والقوانين والحضارات الإنسانية، ولما لها من وقع في نفوس الباحثين في آثار الشعوب ذات الحضارات العريقة.  والذين قلما تجد فيهم من لم يسمع عن شريعة حمورابي، ويعرف ، في المقابل، أن الحلة نفسها احتضنت حوزةً علمية طيلة أربعة قرون ( من القرن الخامس عشر إلى التاسع عشر)، ظلت فيها مصدرًا لنهضةٍ علمية وأدبية وفكرية ، ونبغ فيها كثيرٌ من العلماء ، أمثال ابن إدريس الحلي ، وابن زهرة ، والمحقق الحلي ، والعلامة الحلي ، والسيد عبد الكريم بن طاووس صاحب” فرحة الغري” وأضرابهم ، ولا يعرفون كذلك أن حوزة الحلة أنتجت الكثير من الكتب والمؤلفات والرسائل الفقهية والأصولية والكلامية والحديثية والرجالية ، وأنها ضمت مكتبة ضخمة احتوت آلاف الكتب.

3-2-2012-balbilon3

في صبيحة يوم الأحد الفائت ، اصطحب سماحة حجة الاسلام السيد صالح الحكيم مسؤول العلاقات العامة في المؤسسة ، الوفد الألماني الضيف ، ميممًا شطر محافظة الحلة ، لتدشين الرحلة بزيارة ميدانية ، إلى المواقع الأثرية القديمة لمدينة بابل الأثرية ، فاطلعوا على المعالم الأساسية للآثار، مع شرح مفصل من المشرفين على تلك المواقع .

 بعد ذلك جرى لقاء مع سماحة الشيخ حسن الخمايسي وكيل سماحة المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم”دام ظله الوارف” في مدينة الحلة ، والمحافظ السابق وجمع من أساتذة جامعة بابل ، وتولًى سماحة الشيخ الخمايسي الحديث بعد ترحيبه بالضيوف نيابة عن المفكرين والأساتذة والمسؤولين في سلطة بابل المحلية، والتعريف بالحاضرين ، واستهله بالتذكير بالتراث العربي الكبير الذي تحتويه المكتبة الوطنية في مدينة برلين الألمانية الذي يقارب العشرة آلاف مخطوطة عربية ، مفهرسة في عشَرة مجلدات، حيث بذل العلماء الألمان جهودًا طيبة في استنقاذ آلاف المخطوطات العربية وحفظها ، لابل تحقيقها وطبعها ونشرها ، وأشار إلى انفتاح العراقيين بنخبهم الفكرية على المفكرين الألمان ونتاجهم الفكري ، منذ أيام الحرب العالمية الثانية ، والذي سبقه بكثير، انفتاح الحوزة العلمية ، بعلمائها ومراجعها،

3-2-2012-balbilon5ونوه سماحته بأسبقية الألمان في تأليف المعاجم والفهارس، مثل جهود  فلجن وهانس فير وبروكلمان، التي تعتبر جهودًا جبارة ، كما كتب الألمان معجمًا مفهرسًا لألفاظ القرآن الكريم، ومعجمًا مفهرسًا لألفاظ الحديث النبوي الشريف ، وكتبوا معجم الشواهد العربية، وعلى مستوى التأليف المستقل البعيد عن التحقيق والتراث كتب بروكلمان في تاريخ الأدب العربي في ستة أجزاء، وتاريخ الشعوب الإسلامية ، وصارت كتابات الألمان مراجع لكتابات العرب والباحثين في شؤون التاريخ والتراث العربي.

وأضاف سماحته بأن “دور العلماء الألمان يحتاج الى تثمين … ويحتاج إلى تعريف ، والأهم من هذا كله إلى تواصل” ، دون أن يخفي الشيخ الخمايسي خيبة أمله من انحسار ذلك الحضور العلمي والثقافي الألماني ، وغيابه عما يجري في الشرق الأوسط ،  والمنطقة  العربية والعراق على وجه الخصوص ، على الرغم من تطور وسائل الاتصال والثورة المعلوماتية في هذا العصر ، وهذا مما لا يليق بألمانيا ومفكريها الذين يفتخرون بقامات شامخة من أمثال بروكلمان وباقي مفكريهم الأفذاذ.

3-2-2012-balbilon4

وحث سماحته الأكاديميين الألمان على إعادة التواصل مع الشعوب الإسلامية ، والمساهمة في إحياء التراث العربي والإسلامي ، فاللغة الألمانية يتحدث بها قرابة مائة وخمسين مليونًا في أوروربا ، وتمثل مجالًا حيويًا ممتازًا للعمل والتعريف والتواصل الفكري ، حيث لا توجد لدى الشيعة حساسية تجاه المدرسة الاستشراقية الألمانية ، بسبب عدم وجود ماضٍ استعماري بغيض في بلادنا . ثم كرر سماحة الشيخ الخمايسي الدعوة للوفد الضيف ، بصفتهم الأكاديمية للتواصل مع الحوزة العلمية ، ومع جامعة بابل وأساتذتها ونخبها ، ومع المجتمع البابلي وفق النموذج البابلي للتواصل ، حيث مازالت بابل تمثل عِراقًا مصغرًا بوحدتها الاجتماعية وتعايش أهلها السلمي وتنوع منابتها الفكرية .

 واختتم الوفد الضيف لقاءه بالاستماع إلى مداخلات المتحدثين الذين قدَّموا ، تعريفًا بمحافظة بابل ونشاطاتها الاجتماعية والاقتصادية ، وترحيبها باستثمارات الشركات الألمانية لتشييد المشاريع المختلفة التي تلبي احتياجات محافظة بابل كالمرافق الخِدْمية وغيرها . وجرى عرض لوجهات النظر بشأن إمكانية التبادل الثقافي والاقتصادي بين محافظة بابل وألمانيا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*