فيتو أمني أردني على السياحة الدينية الإيرانية

206

الأردن

أطلق السفير الإيراني في عمان مصطفى زاده ابتسامة ناعمة لا تخلو من الدهاء الدبلوماسي عندما وجه له رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الأردني الجديد الدكتور محمد عشا الدوايمة السؤال التالي: سعادة السفير .. ما الذي تريدونه من الأردن مقابل عروضكم النفطية السخية علمًا بأن لديكم أزمة اقتصادية؟

بعد صمت  قصير جدًّا أجاب الدكتور زاده: باختصار .. نريد من الأردن بضاعة وتجارة وتعاونًا ونحن مهتمون ببعض بضائعكم.

الدوايمة من جهته التقط الرسالة بحدة وذكاء وأصدر تعليقًا سريعًا قال فيه: بالتأكيد لا تقصدون الفوسفات .. أنتم مهتمون باليورانيوم .. أليس كذلك؟

لم يعترض سفير طهران في عمان على الاستنتاج الأخير فاللقاء الذي جمعه مع الدوايمة من حيث المبدأ كان محصلة لجولة استكشافية سريعة يقوم بها الرئيس الجديد لملف الطاقة في  مؤسسة البرلمان الأردني الوليدة.

لكن مضمون الاستنتاجات عبر هذا اللقاء السريع والخاطف يجيب على تساؤلات معلقة في وجدان الرأي العام الأردني حول أسباب ومبررات الحنان الإيراني المفاجىء الذي ظهر عبر عدة عروض اختراقية قدمها السفير الإيراني النشط في العاصمة الأردنية.

قبل ذلك أوضح زاده ببساطة وعلنًا أن بلاده تقدمت بعدة عروض للأردن في محاولة واضحة لاستغلال أزمة الاقتصاد والنفط الأردنية أهمها مشروع مد أنبوب لنقل الغاز الإيراني عبر العراق إلى الأردن.

وفي الأفق مشروع آخر عرضته طهران وهو إقامة خط سكة حديد ناقلة وعابرة للعراق نحو الأردن وهو خط سيوصل حسب زاده الأردن بقارة آسيا.

مشاريع إيران المغرية نوقشت بطريقة غريبة في مؤسسة القرار الأردنية فقد استمع لها بعض المسؤولين ولم يقفلوا الباب لكنهم لم يفتحوه بنفس الوقت، الأمر الذي أبلغ الدوايمة ‘القدس العربي’ بأنه مهتم بمتابعته والتوصل لكل القراءات الوطنية بخصوصه.

في وقت مبكر من أزمة الحراك الشعبي الأردني قدمت إيران عرضًا مغريًا مختلفًا أيضًا وهو نفط بأسعار تشجيعية لمدة 30 عامًا مقابل فتح الباب أمام السياحة الدينية لمقامات بعض الصحابة الشيعية في جنوب الأردن.

مسألة السياحة الدينية في الأردن خط أحمر من الصعب القبول به وفقًا لمصادر أمنية أردنية رغم أن السفير زاده امتدح ما اعتبره خاصية الاعتدال الأساسية في الأردن، وتحدث عن وقوف طهران مع عمان في التصدي للإرهاب والتطرف في المنطقة.

ما لا يقوله السفير الإيراني لضيوفه الأردنيين وعددهم قليل جدًا دومًا أن بلاده معجبة بموقف القصر الملكي الأردني الخاص برفض الاستقطاب في المنطقة، على صعيد طائفي فقد انتقد الملك عبد لله الثاني عدة مرات سعي بعض الأطراف لإقامة هلال سني في مواجهة هلال شيعي في المنطقة معتبرًا ذلك من الاتجاهات الخاطئة لموقف بعض الدول العربية وتركيا.

طهران يعجبها هذا الكلام لكن عمان تحرمها حتى من فرصة إظهار الإعجاب والتعاون، والسفير زاده اشتكى مؤخرًا من ‘تجاهل’ المؤسسات الأردنية الرسمية لعروض بلاده أولًا، ولحفل السفارة الإيرانية الأخير الذي قاطعته عمليًّا وبامتياز الشخصيات المهمة في المؤسسة الأردنية، خلافًا حتى للأعراف الدبلوماسية.

لكن مضمون اللقاء الاستكشافي الذي حصل بين الدوايمة والسفير زاده يكشف عمليًّا عن نوعية البضاعة التي تهتم بها إيران وهو اليورانيوم الأردني الذي تقول الدراسات إنه موجود بكثافة في الصحراء الأردنية وبكميات تجارية، وإنه قد يكون إذا ما أحسنت عمان استثماره بمثابة نفط الأردن.

في السياق ثمة ما يوحي بأن عدة أطراف في العالم تبدي اهتمامًا باستخراج واستيراد اليورانيوم الأردني .. مؤخرًا عبرت مؤسسات إماراتية عن اهتمامها بالموضوع، لكن يعتقد بأن الاهتمام الإماراتي هنا هدفه مناكفة الطموح الإيراني بالحصول على أولوية التبادل التجاري عبر اليورانيوم الذي يقال بأنه من أفضل الأنواع في نسخته الأردنية.

 

المصدر: ‘القدس العربي’

مراجعة: (الحكمة)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*