الزراعة.. شريان أساسي لاقتصاد البلد

255

الحكمة – متابعة: قطاع الزراعة يشكل جزءا مهما في الاقتصاد العراقي الى وقت قريب، الا ان الاعتماد على النفط اثناء انتعاشه تم اغفال هذا القطاع الحيوي والاعتماد على المستورد، رافقه شح المياه وتردي الطاقة الكهربائية وكثير من الامور، الا اننا لابد من العودة للاهتمام بالزراعة اثر الازمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم عموما والعراق خصوصا، رافقها هبوط بأسعار النفط، فنحن نمتلك الاراضي الزراعية والنكهة المميزة لمزروعاتنا، والامر لايكلفنا سوى وضع خطط عملية مدروسة وتطبيقها لنكون بلدا غير مكتف ذاتيا فحسب، بل مصدرا للمنتوجات الزراعية التي نتشتهر بها كالبذور، والحبوب، والتمور، والخضراوات والفاكهة.

 ارتفاع الأسعار

فتقول الحاجة ام علي متذمرة من ارتفاع اسعار الخضر والفواكه في الاسواق «كل يوم اذهب الى السوق لاتسوق ما احتاجه والاسعار تختلف من يوم الى اخر ولانعرف السبب، والاهم من ذلك ما موجود لا طعم له، فأين مزروعاتنا التي كنا نتلذذ بها؟».

ويشاطرها الرأي الاربعيني قاسم محمد بقوله «للفواكه والخضر العراقية نكهة خاصة، عكس المستورد، ولانعرف ماهو سبب اهمال الزراعة في العراق الى هذا الحد، فكل ماموجود مستورد بقي ان نستورد الكرفس والريحان من الخارج!».

ويضيف «الجميع يتحدث عن الازمة الاقتصادية وانخفاض اسعار النفط، ونحن يجب ألا نتأثر بها، فلدينا الزراعة والصناعة والسياحة، فنحن في بلد يستطيع ان يعيش الاكتفاء الذاتي في جميع النواحي، مطالبا الجهات المعنية الاهتمام

بالجانب الزراعي ليضمن المواطن قوت يومه».

منهجية ستراتيجية

الخبير الاقتصادي سمير النصيري بين ان «القطاع الزراعي في العراق يعد من القطاعات الاقتصادية الذي لم يسهم اية مساهمة ذات معنى في الناتج المحلي الاجمالي، اذ  لم تتجاوز نسبة مساهمته 1.5 بالمئة، ويعود ذلك لعدم وجود منهجية ستراتيجية حقيقية للارتقاء بالقطاع الاقتصادي بالشكل العام، لذلك اقترحت الحكومة منذ عدة سنوات مايسمى بـ(المبادرة الزراعية) وتم تخصيص اموال طائلة للنهوض بالقطاع الزراعي، ولكن لم يتحقق شيء نتيجة ظروف البلد السياسية والاقتصادية والامنية، فضلا عن عدم جدية المسؤولين عن هذا القطاع في تحقيق التطور المطلوب المتمثل بالارتقاء بنسبة مساهمته بالناتج المحلي الاجمالي، ولذلك فان ميزانية العراق لعام 2017 كانت تبحث عن تنويع مصادر الايرادات وزيادة ايرادات القطاعات الاخرى ومنها القطاع الزراعي».

وتعود الاسباب الحقيقية لركود هذا القطاع بحسب مايعتقد النصيري «يتطلب استخدام ستراتيجية زراعية تستند الى تحليل أسباب الاخفاقات في هذا القطاع منذ 2003 وصولا الى ايجاد حلول جدية بالمشاركة مع القطاع الخاص في ادارة القطاع الزراعي مع قيام الحكومة بتأمين الامكانات الفنية والمستلزمات والاسمدة مع ضمان الاشراف والرقابة والتركيز على الانتاج الزراعي (الحبوب والفواكه والخضراوات) وتشغيل جميع خريجي كليات الزراعة العاطلين وشمولهم بحصة من الايرادات المتحققة بهدف تحقيق الهدف الاقتصادي والاجتماعي في التنمية المستدامة، فضلا عن عدم الاهتمام المطلوب بتنفيذ السياسات الزراعية المرسومة بدلامن عدم جدية المسؤولين»، مؤكدا اننا «بحاجة الى وضع منهجية جديدة لما بعد داعش بما يخدم التنمية المستدامة، فهي مرحلة انتقالية بعد ان كان العراق يعاني من عدم استقرار امني وسياسي، تضاف اليها ازمة اقتصادية حادة نتيجة لانخفاض اسعار النفط».

 الأمن الغذائي

وكيل وزير الزراعة الدكتور مهدي ضمد القيسي يوضح «ان هدف الوزارة الرئيس هو توفير منتج محلي لتغطية الاحتياج اليومي للمائدة العراقية، لذلك ركزنا في خططنا على المحاصيل الستراتيجية من الحنطة والشعير والذرة الصفراء، فمن المعلوم ان الحنطة هي المفتاح الاساس للامن الغذائي للمواطن، وعليه عملنا على ثلاث معالجات  ساندة تتمثل في (البرنامج الوطني لتنمية زراعة الحنطة في العراق) و(برنامج اثراء بذور الرتب العليا للحنطة) و(برنامج توزيع منظومات الري الحديثة مدعومة بنسبة 50 بالمئة من المبادرة الزراعة و50 بالمئة تقسيط على مدى 10 سنوات)».

ويلفت القيسي النظر الى ان «هناك تحسنا ملحوظا في انتاج الخضر»، مشيرا الى ان «الوزارة طالبت النائب الاول لرئيس مجلس النواب الدكتور همام حمودي خلال العام الماضي دعم المنتج المحلي، وبالفعل بادر في 20 اذار من العام الحالي بعمل ورشة بمناسبة الاسبوع الزراعي التاسع تركزت على  كيفية دعم المنتج الزراعي الوطني».

وتطرق القيسي الى مميزات المنتج الوطني بقوله «يتميز منتجنا الوطني بأنه اكثر امانا من المنتج المستورد، اذ يحتوي المستود على الكثير من الاشكاليات، فربما تكون البذور معدلة وراثيا ونوع المبيدات والاسمدة الداخلة في زراعتها، بينما منتجاتنا معروفة، فضلا عن النكهة التي تميزه عن غيره، داعيا المواطن وجميع الجهات المعنية بتشجيع المنتج الوطني ليكون هو السائد والمتصدر للمائدة العراقية».

تأسف القيسي الى ما وصل اليه حال الزراعة في المحافظات التي كانت تحت سيطرة (داعش الارهابي)، منوها اننا «نستطيع بسواعد العراقيين اعادة الارض الى سابق عهدها، بدعم ومساندة الوزارة، اذ اشرنا الى ادخال المناطق المحررة ضمن خططنا الزراعية، اذ ان جميعها محافظات زراعية، فسيكون جهدنا استثنائيا لاعادة هذه المحافظات الى  كيانها السابق».

دراسة حقيقية

 الخبير الزراعي  حسن نصيف التميمي يؤكد ان «القطاع الزراعي يحتاج الى دراسة حقيقية، حيث لابد من دعم القطاع الزراعي عن طريق توفير الكهرباء والوقود وحماية المنتج بحفظ الحدود بعدم السماح لدخول المنتجات بشكل عشوائي، فضلا عن نقل التقنية الحديثة التي اصبحت موجودة عند دول الجوار غير الزراعية مثل الكويت والاردن، حتى فاقت العراق بهذا الجانب، بالرغم من صغر المساحة».

ويضيف التميمي «اننا وقعنا في خطأ كبير عندما اعتمدنا على المنتوج المستورد الذي  دمر الزراعة خاصة والاقتصاد بشكل عام»، متأسفا «لما جرى منذ عام 2003 وحتى الان، فطيلة تلك السنوات لم تصدر الا قرارات على الورق، وتصرف الاموال دون دراسة واقعية لانعاش القطاع الزراعي، ويمكن ذلك بالاعتماد على ذوي الخبرة في هذا المجال»، مؤكدا ان «ارضنا خصبة ولدينا ايد عاملة، وفي حال استغلت بشكل صحيح نبدأ بالتصدير الى خارج البلد».

ويبين التميمي ان «البلد يحتاج الى اشخاص حقيقيين حريصين على بلدهم ولديهم الوعي الوطني للنهوض بجميع قطاعاته بما يرفد البلد بالمنتجات من جهة ويدعم الاقتصاد من جهة اخرى»، مؤكدا ان «العراق لو يعتمد كليا على الصناعة والزراعة والسياحة فإنه لايحتاج من البترول الا الشيء القليل جدا، فثرواتنا كثيرة تحتاج الى من يستثمرها بشكل صحيح فقط».

الفرق السعري

 رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية حيدر عبد الواحد العبادي يشير  «لابد من ان تكون تنمية المنتج الزراعي من خلال حمايته ووضع رزنامة زراعية تقنن دخول المستورد مع وفرة الانتاج المحلي لنتمكن من الوصول الى الاكتفاء الذاتي من الخضار، فضلا عن ذلك يجب العودة للعمل بسياسة دعم المدخلات الزراعية وتجديد دعم المخرجات، اذ ان دعم المخرجات يستهدف المحاصيل الستراتيجية ولايستهدف الخضار التي تشكل  70 ـ 80 بالمئة من الزراعة المحلية».

ويسترسل العبادي «من الامور التي ستسهم في دعم المنتج المحلي ورفد الاقتصاد، لابد ان تكون هناك دراسة تبحث الفرق السعري بين المنتج والمستهلك، فاليوم على سبيل المثال اي منتج محلي من الممكن ان تجده عند الفلاح بـ 100 دينار ويصل الى المستهلك ب1500 دينار، هذا الفارق والذي يبلغ 1400 دينار لابد ان تعرف الدولة من المستفيد منه، فهناك (علاوي) تؤخذ بمزايدات علنية وبأرقام عالية جدا وهذا بدوره ينعكس سلبا على المستهلك والفلاح، وهنا لابد من الاسراع في فتح (علاوي) خارج حدود البلدية تكون موازنة ومنصفة للفلاح والمستهلك».

الصباح

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*