مجلة ينابيع - تعنى بنشر فكر أهل البيت عليهم السلام - page 140

140
قــال الأب وهــو يمســح علــى رأســها
وينظـر إل ـى الحق ـول الواسـعة الخضـراء
التــي تلتقــي مــع الأفــق الأزرق.
ـ إنهــا الــدواء الوحيــد الــذي يشــفي
أخــاك الصغيــر.
أرادت البنــت أن تســأله: لمــاذا لا
تشـتري ه ـذا ال ـدواء؟ لك ـن أصاب ـع ك ـف
أبيهـا أطبقـت علـى فمهـا الصغيـر برفـق،
فاكتفــت بتقبيلهــا.
* * *
حيـا الصيدلانـي أخـاه الدكتـور أحمـد
الــذي قــدم مــن ألمانيــا لزيــارة الإمــام
وزيــارة أخيــه فــي هــذه
A
الرضــا
المدينــة المقدســة.
كانــت الصيدليــة شــبه فارغــة فــي
ح لــه
ّ
لــو
ّ
ذلــك الصبــاح الخريفــي النــدي
أخـوه بيـده فقـد كان يتحـدث مـع شـخص
يبحــث عــن دواء أجنبــي.
ـ لدينــا دواء محلــي المنشــأ ولا يقــل
تأثيـره عـن الـدواء الأجنبـي، كمـا أن ثمنـه
شـر الـدواء الأجنبـي.
ُ
أقـل مـن ع
غـادر الشـخص مـن دون كلام، التفـت
إلـى أخيـه وسـأله: أيـن كنـت يـا دكتـور؟
أشـار إلـى النـور المتوهـج برغـم الغيـوم
وقـال:
ـ زرت الحــرم الرضــوي، إن شــمس
عـن شـمس برليـن.
ً
مشـهد تختلـف كثيـرا
ـ يــا دكتــور.. إنهــا شــمس واحــدة
تشــرق فــي مشــهد وتغــرب فــي برليــن.
ـ الحـق معـك إنهـا واحـدة لكنهـا هنـا
تب ـدو أجمـل بكثي ـر!
ً
ـ أنــت شــاعر قبــل أن تكــون جراحــا
فــي الجملــة العصبيــة!
: ً
وأردف متسائلا
مجيئــك قبــل
ِّ
ـ لــم تخبرنــي بســر
الموعــد بشــهر؟!
قال دكتور أحمد:
ـ أن ـا نفسـي لا أدري، وجـدت نفسـي
فـي مكاتـب الحجـز!
القلــوب ســواقي كمــا يقــال؛ لقــد
اشــتقت إليــك وإلــى رؤيــة أبنــاء أخــي
وقــد فرحــت الوالــدة برؤيــة أحفادهــا!
ـ إنهـا تحبهـم أكثـر منـي، قالـت لـي:
الأبنـاء كاللـوز والأحفـاد كلبـاب اللـوز.
لـم ينتبـه الأب إلـى ابنتـه التـي اتجهـت
إلـى نوافيـر صغيـرة حيـث تتدفـق الميـاه
فــي أعمــدة فضيــة تتألــق تحــت أشــعة
ـحب.
ُ
الشـمس التـي تسـللت مـن بيـن الس
رشـاش الميـاه البيضـاء يتسـاقط مـن
ذرى النوافيـر فيحدث وشوشـة كوشوشـة
المطــر عنــد ارتطامهــا بميــاه الحــوض
الصافي ـة.
لـم تتوقـف البنـت عنـد النوافيـر بـل
واصلــت طريقهــا إلــى بوابــة الصحــن
الكبيــر المشــرعة والتــي تفضــي إلــى
شــارع مخصــص للمــارة يــؤدي إلــى
الأسـواق والمحـال التجاريـة التـي تحيـط
بالمشــهد الرضــوي المقــدس.
فــي جيبهــا نقــود ادخرتهــا لشــراء
عروســة، ثلاثــة أعيــاد مــرت جمعــت
خلالهــا ثمــن العروســة، كانــت تتطلــع
إلـى العرائـس وعيناهـا تبحثـان عـن شـيء
آخــر!
كان الدكتــور أحمــد يتحــدث إلــى
شــقيقه عندمــا، عندمــا دخلــت بنــت
ــا زاهيــة الألــوان
ً
صغيــرة ترتــدي ثياب
تعكــس زهــو القــرى ونضــارة الأريــاف
وتدفــق روح الحيــاة فــي عروقهــا.
أخرجــت البنــت الصغيــرة النقــود
التــي ادخرتهــا ووضعتهــا فــوق منضــدة
العدد (٦٧) شهر رمضان - شوال 8341ه
1,141,142,143,144,145,146,147 130,131,132,133,134,135,136,137,138,139,...148
Powered by FlippingBook